21/02/2020

اليوم العالمي للغة الأم…….. و إعادة إحياء اللغة السريانية ……. أم اللغات السامية

مع بزوغ فجر العلم و المعرفة، كانت اللغة هي الطريق الأهم للوصول للعلم و المعرفة ، اللتان كانتا بالسابق الأساس و هوية أي شعب متحضر و متقدم علميا بكافة المجالات و من هنا تكمن أهمية اللغة السريانية ، بشقيها الشرقي و الغربي ، اللغة السريانية المشرقية ( الآشورية) و اللغة السريانية الغربية ( الآرامية).

لابد هنا من العودة بعقارب الزمان، سنواته و عقوده إلى آلاف السنين ، لنكون على معرفة مفصلية، لأهمية اللغة السريانية بحد ذاتها و أهمية كونها اللغة الأم ، لمعظم اللغات و منهم اللغة العربية، التي تعتبر إشتقاقاً شبه كامل من اللغة السريانية، كون اللغة العربية تُعتبر مشتقة من اللغة السريانية و ممتزجة بكلمات من لغاتٍ أخرى، لكن إن نظرنا للموضوع بشكل أوضح، نرى أن اللغة السريانية، لها تأثير ظاهر على اللغات و لها فضل بالعلوم و المعرفة.
إذ تُعتبر اللغة السريانية، أنها كانت اللغة الرسمية لحضارات السابق و كانت من أهم اللغات بالتواصل فيما بين الملوك و الإمبراطوريات، إضافة لكونها اللغة المتبعة، ضمن الدراسات العلمية، الجغرافية، التاريخية و الرياضيات، للعديد من العلماء، الذين عاصروا هذه اللغة و كانت، الأساس، ضمن مؤلفاتهم ، كتاباتهم و كل إنجاز علمي قاموا به، من هؤلاء العلماء.
ابن التلميذ ، بختيشوع ، يوحنا بن مسويه و غيرهم من العلماء الذين ذاع سيطهم إنذاك بزمانهم و كانوا و غيرهم عنوانا للمعرفة و العلم و كل ذلك إضافة للشيء الأساسي، كونهم كانوا ملمين باللغة السريانية و اللغات الأخرى ، التي اتفق كثيرون على أنها مرتبطة ببعضها البعض، كون الحضارات المتتابعة ، بهذا الشرق قد عاصرت بعضها، مما ساهم ، بإمتزاج اللغات و ظهور ملامح اللغة السريانية، بطريقة كتابة و لفظ اللغات الأخرى.
بالحديث عن اللغة السريانية حضارياً، لابد هنا من الحديث عن حضارة بيث نهرين باللغة السريانية ܒܝܬ ܢܗܪ̈ܝܢ‎ و تعني باللغة العربية بلاد ما بين النهرين ، هنا كانت اللغة السريانية و بشقيها الشرقي و الغربي ، اللغة الأساسية ، إضافة للغات المتبعة إنذاك و منها اللغة السومرية و اللغة الأكادية.. فإضافة لهاتين اللغتين كانت اللغة السريانية ، لغة التخاطب ضمن حدود حضارة بيث نهرين ، بلاد ما بين النهرين و كونها لغة كنيسة ، كانت وسيلة رجال الدين لترجمة كتاباتهم إلى لغتهم الأم، ليتمكن شعبهم من البقاء على لغته و ليتمكن من الحفاظ عليها و كان ذلك ظاهرا من خلال آلاف المؤلفات الشعرية و الدينية و التي بدورها مازال البعض الكثير منها موجودا حتى اليوم.
إذاً فاللغة السريانية ليست لغة كباقي اللغات، إنما هي من أهم اللغات و كان من الواجب على بلدان و دول اليوم بالشرق الأوسط على وجه الخصوص، توجيه و إعطاء أهمية للحفاظ عليها من الإندثار و العمل على دعم إستمرارية هذه اللغة ، بفتح مدارس مختصة بتدريس اللغة السريانية بشقيها الشرقي و الغربي و فتح المجال أمام المراكز الثقافية لتحيي يوم عالمي لهذه اللغة، كونها كانت و مازالت مؤثرة إلى حد بعيد باللغة العربية، المحكى فيها بهذا الوقت و إكتشاف العديد من الآثار على رقعة شاسعة من الشرق الأوسط على وجه الخصوص و الشرق على وجه العموم تثبت، الانتشار الواسع للحضارة السريانية الآشورية مما أدى لوصول لغتها إلى أبعد الحدود.
إنما ما نلاحظه و نراه اليوم، هو عدم الاهتمام الكافي باللغة السريانية ولا المتحدثين بها و ذلك يعود إلى إهمال مقصود، بحق اللغات السامية ، التي تعتبر هوية الشرق ، تاريخه و حضارته ، لكن بدلا من أن تقوم دويلات اليوم من إعادة إحياء اللغات السامية و منها اللغة السريانية ، تقوم بإهمالها بشكل مقصود ، مما يساهم سلبا على عدد المتحدثين فيها، هذا الشيء ظهر بسوريا حصرا، موطن السريان، حيث لم يعد عدد المتحدثين باللغة يتجاوز النسبة المعقولة، للمكان الذي، تجذر فيه الشعب السرياني الآشوري و ذلك يعود لإهمال مقصود على مر تاريخ و تضييق متعمد على تعليمها و لعل يوم اللغة العالمي جاء ليحيي اللغات، لكن ذلك لا يكفي، بدون خطوات أكيدة تظهر التأكيد على محاولة الحفاظ عليها من الإندثار.
بوسط هذه المعمعة، ظهرت حركات و مؤسسات ذات هدف لإحياء اللغة السريانية و إعادة تعليمها للأجيال اللاحقة من أجل الحفاظ عليها، منها من ظهر ببلاد الرافدين و منها من ظهر بسوريا، لبنان إضافة لإيران و كل إهتمامها الحفاظ على اللغة الأم و حمايتها من الإندثار،. إضافة لوجود إهتمام حالي يعود للعديد من المهتمين بتعلم اللغة السريانية، ليس فقط من السريان أنفسهم، إنما أيضا من اشخاص يعودون لقوميات أخرى، لكنهم علموا التاريخ الصحيح و أرادوا تعلمه بشكل صحيح، لذلك اهتموا كثيرا بتعلم هذه اللغة.
هنا لابد من التذكير بأهمية اللغة السريانية ، لأنها هوية شعب ، تاريخ شعبٍ و حضارةُ شعبٍ سكن و تجذر ضمن بيث نهرين الممتدة على امتداد واسع بالشرق الأوسط….

بقلم الإعلامي السرياني
ميلاد كوركيس

‫شاهد أيضًا‬

يوهانس حنا يتوج بطلاً للعالم في الكيك بوكسينغ

استكمالاً لسلسلة انتصاراتِه وإنجازاتِه وبطولاته في رياضة “الكيك بوكسينغ”، وبعد…