اللغة السريانية ماضياً وحاضراً
نشأت اللغة الآرامية السريانية ونمت وازدهرت في سوريا وبيث نهرين منذ آلاف السنين.وحينما قامت الدولة الأخمينية الفارسية واستولت على هذه البلاد اتخذت من اللغة الآرامية السريانية لغة رسمية لها نظراً لانتشارها الواسع وسهولتها ويسرها وصعوبة وتعقد وتخلف اللغة الفارسية البهلوية أنذاك
وبذلك أصبحت لغتنا هذه لغة الدولة والعلم والسياسة والتجارة على امتداد هذه الإمبراطورية مترامية الأطراف من حدود الهند والصين شرقاً وحتى نهاية حدود مصر غرباً وقد حافظت هذه الدولة على لغتنا الآرامية السريانية موحدة ووضعت لها القواعد والضوابط ونشرتها في بقاع من الأرض لم تعرفها من قبل كمنطقة تيماء في شبه جزيرة العرب واستمر ذلك منذ عام 531 قبل الميلاد وحتى عام 330 قبل الميلاد.
وبأفول نجم هذه الدولة استطاع الإغريق أي اليونان القدماء احتلال الكثير من مناطقها فأصبحت اللغة اليونانية لغة الدولة وحلت بذلك محل الآرامية التي انقسمت إلى لهجات عديدة وضعف شأنها وتسربت إليها الكثير من الألفاظ اليونانية.
ولكن هذه اللغة ظلت قوية ” جبارة” فاستوعبت وتمثلت الحضارة والثقافة اليونانيتين بسائر فروعهما وتمثلت أعداد كبيرة من الألفاظ اليونانية.
وحينما أشرق نور المسيحية على العالم انطلاقاً من بلادنا المباركة هذه استطاعت اللغة الآرامية السريانية استيعاب اللاهوت المسيحي وكل ما يتعلق به من العلوم الكنسية المتنوعة فازدادت غنى” وثراء”.
ولكن ظروفاً تاريخية قاهرة ألمت بهذه البلاد فجعلت اللغة الآرامية السريانية ينحسر ظلها ويزول استعمالها في الكثير من مجالات الثقافة والحياة ولكن بشكل تدريجي استمر عدة قرون ولولا أن الله وهبها من القوة ما وهبها لماتت كغيرها من اللغات القديمة.
ظلت لغتنا محتفظة بمعظم ألفاظها وقواعدها وأصولها وضوابطها على الرغم من عاديات الزمان ولكنها بأمس الحاجة إلى مدد أبنائها لتواجه التحديات التي تحيق بها وتواكب مسيرة العلم والمعرفة .
والتحديات التي تواجه لغتنا تتمثل في تحدي لغات الشعوب التي تعيش معنا في الوطن وتحدي انتشار أبناء الشعب السرياني في أوربا وأمريكا وتحدي العولمة وتحدي التقدم العلمي المتسارع الأمر الذي نجم عنه استعمال أعداد وفيرة متزايدة من الألفاظ الدخيلة في لغتنا مما يلحق بها أشد الضرر إن لم تعالج هذه الظاهرة اللغوية الخطيرة .
ومن هنا كانت فكرة إنشاء مجمع اللغة السريانية الذي يتلخص عمله بمنهج متكامل قوامه :
1 – إحياء الألفاظ العلمية المتنوعة الواردة في أمهات الكتب السريانية العلمية والثقافية المتنوعة الموضوعة والمترجمة وفي المعاجم السريانية الكثيرة والنقوش والكتابات القديمة والمخطوطة .
2 – ترجمة المصطلحات العلمية الحديثة من اللغات الأخرى إلى اللغة السريانية .
3 – بما أن اللغة العربية لغة سامية تتفق مع السريانية في خصائصها وقواعدها ومفرداتها الأساسية ونشوء مجامعها اللغوية منذ عشرات السنين وعكوفها على ترجمة المصطلحات العلمية الأوربية إلى اللغة العربية فإنه من الأفضل الترجمة من العربية إلى السريانية ما أمكن ذلك .
4 – في لغة العلم والمعارف المختلفة ألفاظ ومصطلحات غير قابلة للترجمة وهنا نلجأ إلى السرّينة أي صياغة المصطلح الأجنبي بما يتناسب مع صيغ وقواعد اللغة السريانية .
5 – إغناء بعض الألفاظ السريانية القديمة بمعان جديدة تتناسب مع العلوم العصرية 6 – تحوير أي (تعديل ) معاني بعض الألفاظ لتعبر عن معطيات جديدة .
7 – المصطلحات العلمية التي تتعذر معالجتها بالوسائل السابقة تستعمل كما هي في لغتها الأصلية .
8 – إذا وجد مصطلح علمي سرياني وآخر يوناني دخيل منذ القدم نعتمد المصطلح السرياني ونهمل اليوناني .
وإننا نغتنم هذه الفرصة السانحة لدعوة سائر المهتمين بلغتنا السريانية والباحثين فيها والغيورين عليها أن يساعدونا في النهوض بما نذرنا أنفسنا له وهو إغناء وتطوير لغتنا السريانية الحبيبة والعريقة لتأخذ مكانها اللائق تحت الشمس .
بقلم الباحث اللغوي “يعقوب حنا” مؤسس مجمع اللغة السريانية
فضائية سورويو تحتفل بالذكرى السنوية الحادية والعشرون لانطلاقتها
زالين/ سودرتاليا — بعد الخطوة التي اتخذها نضال الحرية بفتح قناة سريانية، في الخامس من تموز…