24/04/2020

مُتنا ليحيا شعبنا السريانيّ الأبي…..بقلم ايلي شربشي

مجازر السيفو، محطة في تاريخٍ من النضال والاستشهاد والمقاومة في سبيل الشهادة لقضية شعبٍ وارضٍ وهويةٍ جار الزمان عليها ولم تنكسر ولن تنطفئ نارها....

إن هذه الصور ليست مشاهد من فيلم سينمائي، وليست لوحة لفنان خطّ فيها مشاعره تجاه ما تعرّض له شعبنا من اضطهاد وتنكيل، هذه الصور هي صور حقيقية التُقطت في بدايات القرن الماضي لمقابر جماعية رمت فيها السلطنة العثمانية آنذاك جثث أطفال ورجال ونساء من شعبنا بينهم ربما أحد أعمامنا أو أخوالنا بعد أن تم تعذيبهم والتنكيل بهم وذبحهم كالخراف ورميهم في هذه المقابر الجماعية.
أيها القارئ (ة)، أغمض عينيك للحظة وتخيّل هذا المشهد، أغمض عينيك وانتقل الى ذلك الزمان وذلك المكان وكن حاضراً هذه المجزرة،
اغمض عينيك وتذكّر أن أكثر من مليونيي إنسان، أكثر من مليونيي طفل وكهل ورجل وامرأة نُكّل فيهم بهذه الطريقة الإجرامية السادية البشعة،
أغمض عينيك وتخيّل أنّ أحدهم هو جدّك، خالك، عمك، والدك، أمك، أخاك، أم أختك أم ربّما لا سمح الله زوجتك، إبنك أو إبنتك.
وبعد أن تكون قد انتقلت إلى ذلك الزمان، إفتح عينيك مجدداً وعُد إلى اللحظة الحالية وأخبرني مشاعرك، وكيف ستُكرّم ذكراهم.
أيها القارئ(ة)، لست أهدف إلى إحياء مشاعر الكره والانتقام، وإنّما أُحيي وأتذكر ما حصل لشعبي، لعائلة جدي من أخوته ووالده وأعمامه وعوائل الكثيرين من أهلي وأصدقائي ورفاقي، كي نبقى أوفياء لتضحيتهم وشهادتهم وإيمانهم.
لأنهم وإن ربحوا معركة تهجيرنا واقتلاعنا من جذورنا وأرضنا لكنهم لم ينتصروا علينا وعلى تاريخنا وحضارتنا وإيماننا وانتمائنا.
وكي لا يتحول انتصارنا إلى هزيمة علينا أن نتذكر ونُذكّر بما حصل مع شعبنا منذ مئة عام وأكثر، بل منذ فجر التاريخ ولغاية اليوم، فالاضطهاد والتنكيل مستمرين، والشهادة والاستشهاد في سبيل الوجود والحضور السرياني المسيحي والثقافي والحضاري والاجتماعي والسياسي مستمرّ أيضاً، فلا اضطهاد الرومان انتصر علينا، ولا وحشية العثمانيين نزعت عنّا هويّتنا ولا إجرام داعش المستجدّ قهر عزيمتنا.
فيا شعبي وأهلي، سرياناً كنتم أم أشوريين وكلدان، موارنة أنتم أم روم وأرمن ، لا تنسوا ولا تتناسوا، نحن أهل هذه الأرض وشعبها الأصيل، نحن شهود لهذا التاريخ العريق المكتوب بدماء وعرق وعظام أجدادنا وجدّاتنا، نحن أبناء القيامة التي انتصرت على الموت، فالاضطهاد مهما طال سينتهي، والظلم مهما جار سينكفئ.
لا تخافوا، لا تستسلموا ولا تسلّموا، فنحن شعبٌ يحبّ الحياة، يتطلع إلى أرز لبنان وعيناه شاخصتين إلى جبل حرمون نؤمن بالإله الواحد والمنتصر على الموت، وكحبّة الحنطة تُرمى أجسادنا في الأرض لتنبت محلها سنابل، سنابلٌ تعطي آلاف الألوف من المقاومين والمناضلين لتبقى قضيتنا حيّة ويبقى شعبنا ثابتٌ في قيمه ومتجذّرٌ في ليتورجيته وقوميته.
متنا ليحيا شعبنا السريانيّ الأبي.
بقلم المحامي ايلي شربشي….عضو الرابطة السريانية الكاثوليكية وعضو قيادي في حزب القوات اللبنانية.

‫شاهد أيضًا‬

مقتل عشرات الأشخاص في حريق اندلع بمنتجعٍ شمالي تركيا

في كارثةٍ إنسانيةٍ مُفجعة، قُتل ستةٌ وسبعون شخصاً وأُصيب واحدٌ وخمسون آخرون، إثر اندلاع حر…