المسيحية بسوريا….. سياسة اضطهاد أم محاولات مبرمجة للقضاء عليها نهائياً الجزء الثالث
ازداد الحضور المسيحي في سوريا من خلال نزوحين داخل وطنه الأولى في أعقاب إبادة السيفو 1914 1915 والتي أفضت إلى استقرار أعداد كبيرة من السريان الاشوريين و الأرمن في سوريا والتي دخلت تحت الانتداب الفرنسي والثانية في أعقاب المجازر بحق السريان الاشوريين التي أفضت بدورها إلى استقرار أعداد كبيرة منهم في الجزيرة الفراتية على وجه الخصوص قادمين من العراق بعد المجازر نزح الأرمن والسريان من الأناضول والعراق إلى سوريا، وبينما استقر الأرمن على وجه الخصوص في حلب ودمشق وحمص وكسب، بينما الجزيرة الفراتية – محافظة الحسكة حاليًا – وحمص، كانت الجاذب الأكبر للسربان الاشوريين . يذكر في هذا الخصوص أنّ دير الزور كانت إحدى الأماكن التي هُجّر إليها الأرمن قسرًا من الأناضول بأعداد كبيرة، وقد لاقى العديد من الأرمن حتفهم فيها.
علمًا أن موجة الهجرة السريانية الآشورية تكررت في أعقاب مذبحة سميل عام 1933.
بعد منتصف القرن العشرين أصيبت المسيحية السوريّة بدورها بالهجرة التي كان لها بشكل رئيسي أسباب ثلاثة: السبب الاول اقتصادي :
فمن ناحية كان أغلب المسيحيين من ملاك الأراضي والمستثمرين الاقتصاديين وهو ما أمّن لهم حضورًا فعّالًا في الساحتين الاقتصادية والاجتماعية ومكنهم من المشاركة الحقيقية في صناعة القرار، فعلى سبيل المثال 75% من الوكالات التجارية الأجنبية كانت بيد مسيحيين في منتصف القرن العشرين، لكن الدولة السوريّة اتجهت بعد الاستيلاء \ ثورة الثامن من آذار \ نحو السياسة الاشتراكية ما عنى فعليًا تجريد المُلاك من أملاكهم الخاصة وإنهاء المبادرات الفردية في السوق مقابل سيطرة الدولة، ما أدى أولًا إلى فقدان الدور الاقتصادي لمصلحة الدولة وثانيًا هجرة الطبقة الأكثر ثراءً وتهريب أموالها معها، كانت المرحلة الأولى من الهجرة تلجأ إلى لبنان وفي المرحلة الثانية انطلقت نحو المغترب البعيد.
السبب الثاني امني: تمثل بمرتجعات الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 وتحوّلت نوعًا ما إلى اقتتال طائفي بين مكونات البلاد من مسيحيين وسنة وشيعة ودروز.
فتحت الحرب الأهلية باب الهجرة للبنانيين عمومًا ومسيحيي لبنان خصوصًا، الذين تربطهم بمسيحيي سوريا علاقات قرابة وتجاور.
لذلك فإن الهجرة اللبنانية دفعت بشكل أو بآخر إلى تشجيع الهجرة السوريّة.
السبب الثالث سياسي :برز بتمرد الإخوان المسلمين في سوريا والذي بدأ عام 1979 على يد “الطليعة المقاتلة” الجناح العسكري للحركة واستمرّ حتى 1982 وتمركز في حماة وامتدّ نحو مناطق ومدن سوريّة مختلفة، وكان من نتائج تصاعد التطرف الديني لدى الحركة وما رافقه من خطابات وعمليات طائفية، تزايد الهجرة بشكل متسارع، إلى درجة أن الدولة السوريّة قامت في أواسط الثمانينات بمنع إصدار تأشيرات الخروج لمسيحيي البلاد.
حاليًا تتراوح نسبة مسيحيي سوريا بين 8 – 10% من السكان، يتركزون في الجزيرة الفراتية ووادي النصارى والمدن الكبرى كحلب ودمشق واللاذقية وحمص وحماة وطرطوس والحسكة والقامشلي والسويداء ودير الزور، وتكاد لا تخلو مدينة سورية من كنيسة.
من الناحية العددية تحتفظ محافظة حلب بأكبر عدد من المسيحيين في سوريا، وتليها محافظة حمص. وتضم محافظة السويداء ذات الأغلبيَّة الدرزيَّة على أقلية عددية من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية.
وتضم محافظة الحسكة على اعداد كبيرة من أتباع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكاثوليكية، إلى جانب تجمعات من أتباع الكنيسة الأرمنية الرسوليّة.
ووفقاً للباحث إيفان مانحيم يشكل المسيحيين في محافظة اللاذقية ذات الأغلبيَّة العلويَّة حوالي 14% من السكان.
ووفقاً لتقديرات الباحث مايكل إيزادي يشكل المسيحيين حوالي 11.8% من سكان محافظة طرطوس.
وتضم محافظة درعا على اعداد من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك.
وتضم محافظة ريف دمشق على جماعات مسيحية متعددة خصوصاً في مدينة صيدنايا ومعلولا والزبداني.
وتضم محافظة حماة على مجتمعات مسيحية خصوصاً في السقيلبية ومحردة.
ويُعتبر مسيحيو محافظة إدلب تاريخياً جزءاً من مسيحي سوريا العليا، ومركزها الكنسي في أنطاكية، ولذا فهم على الأغلب امتداد لعائلات مسيحية تعيش في شمال وشمال غرب سوريا الحديثة، وجنوب غرب تركيا، بل إن العديد من الأسر المسيحية الإدلبية قدمت من لواء الإسكندرون بعد اتفاقية منح اللواء لتركيا في ثلاثينات القرن العشرين.
وفقاً لبي بي سي على الرغم من وضع المسيحيين كأقلية عددية ، كان المسيحيون منذ فترة طويلة ممثلين بشكل كبير بين النخبة في سوريا. لقد تم تمثيلهم في العديد من الجماعات السياسية التي تنافست من أجل السيطرة على البلاد، بما في ذلك الحركات القومية الاشتراكية العربية العلمانية التي برزت في نهاية المطاف.
وكان ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث، الذي يحكم سوريا منذ عام 1963 مسيحيًا، وقد صعد المسيحيين إلى مناصب في الحزب والحكومة وقوات الأمن، على الرغم من أنه لا يُنظر إليهم عمومًا على امتلاكهم سلطة حقيقية مقارنةً بسلطة العلويين والسنّة.
وعلى الرغم من ذلك، مثل غيرهم من السوريين، كانت لديهم حريات مدنية وسياسية محدودة للغاية، وبحسب تقرير لبي بي سي يُعتقد أن المسيحيين قدّروا الحقوق والحماية الممنوحة للأقليات من قبل حافظ الأسد، الذي كان رئيسًا بين عام 1971 وعام 2000، وابنه بشار الأسد.
صدر عام 2006 قوانين منظمة للأحوال الشخصية وفق الشرائع المسيحية على شكل ثلاثة قوانين واحدة للطوائف الكاثوليكية وأخرى للأرثوذكسية الشرقية وثالثة للأرثوذكسية المشرقية، قبل ذلك كان المسيحيون يتبعون قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين – وإن لم تنفذ فعليًا من ناحية تعدد الزوجات أو الطلاق دون موافقة السلطة الكنسية – وذلك حفاظًا على النص الدستوري الذي يساوي بين جميع المواطنين أمام القانون، ثم أعيد تفسير النص بشكل سمح بإصدار قوانين خاصة للأحوال الشخصية حسب الطوائف؛
أما في الحياة السياسية يشارك المسيحيون في العمل السياسي عن طريق الحكومة بثلاث وزراء في الجبهة الوطنية التقدمية و17 عضوًا في مجلس الشعب، وبرزت خلال الاحتجاجات السورية سنة 2011 شخصيات واحزاب سوريّة مسيحية معارضة . وبحسب تقرير لبي بي سي يتراجع عدد المسيحيين من الناحية الإحصائية وهو ما يعود في جزء منه لأن معدل الولادة عند المسيحيين أقل بكثير منه عند المسلمين، كما أن هناك اتجاه قوي بين المسيحيين للهجرة.
وبحسب مصادر يميل المسيحيون أن يكونوا أكثر تعليمًا وثراءً بالمقارنة مع باقي الطوائف في سوريا.
يُتبع….
أقام إتحاد نساء بيث نهرين بالإشتراك مع لجنة سيدات كنيسة المشرق الآشورية، محاضرة تثقيفية ، بمناسبة عيد الثامن من آذار يوم المرأة العالمي
مدينة ماينز- بألمانيا – إستضافت صالة كنيسة المشرق الآشورية في مدينة ماينز الألمانية،…