07/07/2020

المسيحية والنصرانية

بقلم الكاتب: ابلحد حنا ساكا البرطلي

ياعالم نحن مسيحيون ولسنا نصارى
رافقت بدايات نشر المسيحية مجموعةمن الهرطقات حاولت تشويه صورة المسيحية احياناً واخرى مست بثوابت الايمان المسيحي ، اما عن قصد او عدم فهم وإستيعاب .
منها الاريوسية، والنسطورية، وهرطقة اوطيخا، والابيونية والمريمية والاحناف والكسائيين والنصرانية ،والغنوصية، والخمسينية، وشهود يهوة ،وغيرها كثيرة
والهرطقة كلمة يونانية تعني المساس بالعقيدة والثوابت الايمانية، التي اقرتها المجامع المقدسة نيقية وقسطنطينية وافسس . اي ان شخصاً ما يؤمن بفكرة معينة يفضلها على ثوابت الايمان الراسخ في فكر الكنيسة . وبالتأكيد الشخصيات التي تتبنى هكذا افكار مناقضة لاتكون شخصيات عادية ، وانما شخصيات مؤثرة وذو مكانة مرموقة احياناَ في الكنيسة . مما يسبب انقسام في جسد الكنيسة ويتم على اساسها تأسيس كنيسة جديدة بفكر اسم صاحبها او المنطقة التي ينتمي اليها . ومن المؤكد ان اي هرطقة تحدث تقسم المؤمنين وتعثرهم لانه هذا بحد ذاته تعطيل لرسالة وتعاليم السيد المسيح له المجد . وقد تكون هناك تنبيهات تنتجها الهرطقات ويستثمرها المؤمنون في تجديد الانتماء وترسيخ التعاليم من خلال الغيرة الجماعية لدى الكنيسة كما حصل في المجامع المقدسة . حيث نبهت تلك الهرطقات الكنيسة على عدد من الملاحظات المهمة التي نبهت و ثبتت المؤمنين بالايمان اكثر ، وتم تدوين الايمان المسيحي من خلال بعض تلك الهرطقات وتثبيته واعلانه …
ومن امثلة الهرطقات على الروح القدس، التي تقلل من شأن الروح القدس وتجعلها بمرتبة اقل من مرتبة الاب والابن. وان الروح القدس مخلوق ،وخادم للاب، او نكرانه اصلا كاقنوم ( ١- هرطقة في عهد القديس اثناسيوس ،هرطقة بطريرك القسطنطينية مقدونيوس،وهرطقة افنوميوس ،وهرطقة سابيليوس،،وهرطقة ماني وهرطقة أبوليرانيوس وهرطقة الخمسينيين ) واختفت قسم من هذه الهرطقات وحرمت الكنيسة القسم الباقي ..
كما ظهرت هرطقات اخرى نذكر منها (هرطقة الغنوصيين ، وهرطقة التهود ،هرطقة الدوسينيين ) والتي تبحث في شخصية الرب يسوع فمنهم من قال ان السيد المسيح هو مجرد انسان حلّ عليه الروح القدس ،كما الغت افضل واهم رسالة هي رسالة الخلاص وضرورة التجسد والفداء ، كما ان هناك من اليهود من لم يستطع التحرر من امجاد العبادة القديمة وشكلية طقوسها وفرائضها الرمزية .كما تبنت هرطقة الدوسينيين ان جسد شخصية السيد المسيح لايليق ان تكون المادة من سمات وصفات الله، بل اعتبرو شخصية السيد المسيح خيالية ، فكان رد الرسول بولس على هذه الهرطقه فى ( 1 تى 3 : 16 )” عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد ” . وان التجسد هو سر التقوى الانسانيه ، وبالتالى هو سر الخلاص الابدي .
كما ظهرت بدعة آريوس وبدعة نسطور وبدع اخرى غيرهم
وبالتأكيد كان لظهور هذه الهرطقات اسباب تعبر عن خوالج اصحابها فكل مشروع يبدأ بفكرة ثم تبحث هذه الفكرة عن ارض خصبة لتنبت في شخص يتبناها وتتكاثر لكن كل فكرة تحتاج الى حجج منطقية وعلمية تسندها لتستمر .
ولما كان العقل البشري ضعيف ومحدود وقابل للخداع ببساطة والاقتناع بحجج ابليس فينتج حالة التمرد في الكنيسة . أما الأيمان الحقيقي المبني على التسليم الكامل للمسيح ، فلا يمكن أن ينال منه المخادع ، وما قوافل الشهداء الادليل اكيد على رسوخ الايمان فيهم .
من اسباب ظهور الهرطقات هو الخلط بين الايمان المسيحي والفكر اليهودي الغير مهيأ لاستقبال المخلص بطريقة الفداء . لانهم كانوا ينتظرون المسيح القوي الجبار الذي يملك ويسيطر ويطرد المستعمرين الرومان من ديارهم وبالتالي يُنصب ملك سياسي على اسرائيل .اي ان المسيح ليس ملك الاحلام والآمال ، وهذه الفكرة تبلورت من خلال الهرطقة الابيونية التي انتشرت في شبه الجزيرة العربية بفعل اليهود المتنصرين والذين اسسوا طائفة او بدعة او شيعة النصارى . كذلك الخلط بين الايمان المسيحي والفكر الوثني الذي انتج الفكر الغنوصي ، والذي نادى بان المادة شر وبالتالي لايمكن للاله ان يتخذ له جسدا ً اوحتى يتحد به . ومن ثمّ قالواأن المسيح ظهر في شبه الجسد وهيئة الإنسان دون أن يكون إنسانًا حقيقيًا ودون أن يكون له جسدًا حقيقيًا! وهذا ظهر في الغنوصية المسيحية.كما كان الخلط بين الايمان المسيحي والفكر الفلسفي اليوناني وخاصة الأفلاطوني، والذي لم يتصور أن الله يمكن أن يخلق المادة أو يتخذ منها جسدًا ومن ثم قالوا أن الله خلق الكلمة اللوجوس، المسيح، قبل خلقة الكون، من جوهر شبيه بجوهر الله الآب، وأعطاه سلطانًا أن يخلق الكون ويدبره، ولما أخطأت البشرية صار الكلمة نفسه جسدًا ، دون أن يتخذ جسدًا من هذه الإنسانية، وفداها على الصليب ثم عاد لملكوته من جديد!…
النصرانية هي بدعة وشيعة يهودية قديمة نشأت في فلسطين ، كان اتباعها من اليهود المتعصبين الذين مزجوا بين اليهودية والمسيحية ، مع التحريف في العقيدة المسيحية .الناتجة من الهرطقات فهي امتداد لجذور الهرطقة الاريوسية ٣٢٥م التي تدعي ان المسيح مخلوق وليس خالق ، ومنها نشأت الابيونية في شبه الجزيرة العربية .كما تأثرت بالنسطورية التي تقول ان مريم ام المسيح فقط وليس والدة الله كما تأثرت ببدعة بولس الصموصاتي التي تقول ان المسيح ولد على انه يسوع ، وحل عليه يوم عماده ، وفارقه يوم الصلب كما اعتقدت النصرانية .
هاجرت شيعة النصارى من اورشليم بعد الحرب اليهودية الرومانية سنة 135 م التي قادها اليهودي بن كوكب ضد الدولة الرومانية ايام حكم الامبراطور الروماني هادريان ، وشارك بالثورة النصارى الذين تم قتلهم واضطهادهم بقسوة من قبل الرومان واليهود الذين تاثروا من الحرب ، وحرم الرومان على اليهود والنصارى دخول اورشليم ، فتشتتوا في خارج فلسطين الى الشام ومصر وشمال الجزيرة العربية وسكنوا مكة والمدينة المنورة ( يثرب) .
يتميز النصارى عن اليهود بأيمانهم بالمسيح ، باعتباره( احد الانبياء العاديين مثل موسى ودانيال وبقية انبياء العهد القديم ، وانه ولد من مريم العذراء بمعجزة ولكنه ليس ابن الله حقيقة بل مجازا لأن الله لم يلد ولم يولد . وليس المسيح سوى مخلوق وليس ربا معبودا ، وانه غير ازلي وليس الها من روح الله .ولا يعترفون بالثالوث) .
ويتميزون عن المسيحية الصحيحة باقامة الشريعة التوراتية والحفاظ على تقديس السبت والختان الاجباري للذكور واقامة الطقوس اليهودية والالتزام بانواع الطعام .
وكانوا متزمتين من حيث الالتزام بالناموس اليهودي والتقشف الغذائي والوضوء قبل الصلاة .
ومن اتباع النصارى في الجزيرة العربية طائفة ( الاحناف ،الآريوسيين ، الابيونيين ، الكسائيين والمريميين ) وكانوا من احفاد فرع عبد العزى بن قصي الجد الرابع لرسول الاسلام محمد ، ومنهم قس مكة ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وزيد بن عمر وقس بن ساعدة وعثمان بن الحويرث وغيرهم من الاحناف الذين اعتنقوا المسيحية بالعقيدة النصرانية المنحرفة. وكان معظم احفاد عبد العزى من ابناء عمومة محمد من هذه الطائفة ومنهم خديجة بنت خويلد ايضا .
وكانت سودة بنت زهرة كاهنة نصرانية وهي عمة وهب بن عبد مناف والد آمنة بنت وهب (أم محمد) رسول الاسلام . وهي من اختارت آمنة زوجة لعبد الله ابو محمد .
ينقل لنا المؤرخ يوحنا الاسيوي ( 585 م ) عن طوائف النصارى العرب قبل الاسلام انهم كانوا من الابيونيين والاريوسيين والكسائيين والاحناف وغيرهم .
ولم يطلق عليهم في الجزيرة العربية تسمية المسيحيين بالنصارى ، وقد اطلق القرآن اسم النصارى على اهل الكتاب من المسيحيين وورد هذا الاسم 14 مرة في 4 سور و في 13 آية . 12 مرة منها مقرونة باليهود مباشرة .
النصارى لا يدينون ما يدين ويعتقد به مسيحييوا العالم من عقائد وطوائف عن طبيعة المسيح ولاهوته وعن صلبه وقيامته ، بل يعتقدون بنفس ما جاء به محمد من عقائد اهل الكتاب التي سمعها منهم من حيث انه انسان وعبد الله فقط ، ولم يُصلب بل شُبه للناس ان المصلوب هو المسيح بينما رفعه الله حيا الى السماء قبل الصلب وصُلب غيره .
هذه العقائد لا يؤمن بها المسيحيون منذ تاسيس المسيحية في القرن الاول الميلادي والى اليوم . والنصارى هم قوم حرفوا العقيدة المسيحية ، وقد انقرضت هذه الطائفة ولم يبق منها احدا يؤمن بعقيدتها المنحرفة . ولهذا السبب لا يقبل المسيحيون اليوم ان يُطلق عليهم تسمية النصارى .
النصرانية كانت خليطا من اليهودية والمسيحية ، ومع الايام امتزجت بالاريوسية والاوطاخية والنسطورية وكلها هرطقات غير معترف بها من قبل الكنائس الكاثوليكية والارثذوكسية والبروتستانتية التي تؤمن ان يسوع المسيح هو كلمة الله المتجسد حل فيه روح الله القدوس ولهذا يُدعى ابن الله مجازا وليس بالولادة التي يتنزه عنها المسيحيون ، وهو اله كامل ( روح الله ) وانسان كامل ( ابن مريم ) بدون اي خطيئة(روح الله وكلمته ) ، صُلب من اجل فداء البشر من أثر الخطيئة الاصلية لأدم وحواء وتمردهم على الله الخالق ، وان المسيح قام من الموت بجسده وروحه بعد مكوثه بالجسد ثلاثة ايام في القبر حيث مات الجسد فقط دون اللاهوت الذي لا يموت، وظهر لتلاميذه وللناس عدة مرات لمدة اربعين يوماً(اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ.)(أع ٣:١) ، واكل معهم ليريهم انه ليس شبحا بل جسدا وروحا مثلهم وعلمهم اسرار ملكوت السماء ، ثم ارتفع الى السماء حيا بجسده بعد ان وعدهم بعودته مرة اخرى يوم الحساب والدينونة في نهاية الزمان اي في المجيء الثاني .
اما كلمة الناصريين مشتقة من كلمة الناصرة وهي اسم مدينة معناها الكرمة او الغصن . لكن اليهود استخدموه بمعنى آخر ، للتذليل والاحتقار ، فكانوا يلقبون المسيح الناصري ، اي المسيح المحتقر بالرغم من معناها الغصن .
لكن كلمة نصارى تختلف اختلافا كلياً عن معنى الناصريين وعن المسيحيين فهي كلمة معناها اقلف والاقلف تعني غير طاهر .وكان على المسلمون استخدام ماجاء به القرآن عن المسيح انه (روح الله وكلمته) و اتباع المسيح ب (الانصار ) حيث جاءت حين قال : من انصاري الى الله ؟ فاستجاب الحواريون لامره ……
كما ان هناك من ينسب النصرانية الى مدينة الناصرة .وان كلمات “نصرانيه” و”نصارى” و”نصراني” جرى اشتقاقها من اسم هذه المدينة الفلسطينية التي تعد تقليدياً مهد المسيح، بيد أن هذا التأويل لا يزال عاجزاً عن تقديم حل مقبول يؤدي الغرض المطلوب، إذ من غير المنطقي ان تكون النصرانية نسبة الى مدينة الناصرة، لان هذا يفترض ان كل ابناء الناصرة من وثنيين ،ومسلمين، ومسيحيين ،في هذه المدينة ، سوف يسمون اليوم “ناصريون” ما داموا يقيمون فيها وينتسبون إليها؟ او ان كل الوثنيين الذين كانوا في المدينة وقت ظهور المسيحيه وانتشارها، هم ايضاً ً”ناصريون ” نسبة للمدينة، ما داموا من سكانها مثلهم مثل المسيحيين؟ وهذا ما لا يقول به احد، ولايقبل به احد ..
نحن مسيحيون ولسنا نصارى
اطلق على اتباع السيد المسيح (مسيحيين) لاول مرة في انطاكيا ( فحدث انهما اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة ، وعلّما جمعاً غفيراً ، ودُعِيَ التلاميذ مسيحيين في انطاكيا اولاً : اع ١١:٢٦ والايمان المسيحي الحقيقي يؤمن بالرب يسوع المسيح ابن الله وهو الله . وانه تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء ، فهو انسان كامل واله كامل دون امتزاج او اختلاط او استحالة بينهما . وان العذراء مريم هي والدة الله . ورسالة الرب يسوع المسيح له المجد هي رسالة خلاصية (رسالة الفداء) تألم ومات وفي اليوم الثالث قام . فان لم يكن المسيح قد مات وقام باطلة هي الكرازة يقول الكتاب هذا اولا
وثانياً : علينا ان لانرضخ لمسميات يفرضها الاخرون علينا ونشجعها ونستخدمها وبالتالي نتبناها فمثلا كان الاخوة من القومية الكردية ينادوننا سابقا باسم (فلاّيَ) وتعني ماتعنيه والتركمان ينادوننا سابقاً(كاور وتعني بحسب اعتقادي كافر ) والعرب ينادوننا( كفرة ) الاّ انه اليوم ينادوننا مسيحيين ، ونحن بالتأكيد مسيحيين . فعلى المؤمن المسيحي ان يصحح الكلمة التي ترد خطأ في الحديث والكتابة .
ثالثاً : علينا ان نصلح ذواتنا ومخاطباتنا ، حيث ان بعض الترانيم الكنسية يرد في نصوصها الاسم الدخيل (نصارى ) كما يرد تكراره عند بعض المعلمين والمرشدين وزعماء وقادة الكنيسة احياناً …
رابعاً: لم ترد ولو كلمة اواشارة الى كلمة ( نصارى او نصراني او نصرانية ) في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد
المصادر :
١- الكتاب المقدس
٢- السريان ايمان وحضارة / الجزء الاول
المثلث الرحمات مار سيويريوس اسحق ساكا البرطلي
٣- الاله المتجسد / للمثلث الرحمات مار سيويريوس اسحق ساكا البرطلي
٤- لطيف شاكر / النصرانية ليست مسيحية
٥- معجم الوسيط الحديث
٦- جريس بولس / اصل كلمة النصرانية
٧- قراءات في بعض مقالات الانترنيت
٨- الازهري مؤلف “تهذيب اللغة” (من ائمة اللغة والادب: 282 – 370 هجرية، 895 – 981 م) ٩- الزبيدي، صاحب القاموس الشهير “تاج العروس من جواهر القاموس”

‫شاهد أيضًا‬

حفل تخرج طلاب في جامعة أنطاكية السورية الخاصة وفي معهد التثقيف المسيحي ببغداد

أقيم مساء يوم السبت، حفلُ تخرّج الدفعة الثالثة لطلاب جامعة أنطاكية السورية الخاصة، بحضور ق…