آيا صوفيا بداية عالمية لتغيير هوية المعالم أم إنها ضحية لإتفاقيات قادمة…
لا يخفى على الجميع إنه ما حدث ، إبان توقيع أردوغان قرار بتحويل كاتدرائية القديسة آيا صوفيا بمدينة (( القسطنطينية )) المعروفة اليوم بإسطنبول
إلى مسجد ، إنه قرار نال معارضة عالمية و صمت مريب و بذات الوقت ، نال قبول من أصحاب العقول المتحجرة الذين لا يقبلون بالتنوع الديني و الإعتراف بالهوية الصحيحة للحضارات المتنوعة.
من هنا لابد بداية بالحديث عن كاتدرائية القديسة آيا صوفيا و تاريخها الشاهد على أحقية تسميتها و بقائها على معالمها المعروفة لدى الجميع و عدم القبول بما يسعى إليه أردوغان إليه سياسيا من استغلال مثل هذه الظروف ، ليقوي وجوده سياسيا و دعمه من قبل شعبه الذين يدعم هذه الخطوة.
وكنيسة آيا صوفيا في العصر البيزنطي ، هي دار عبادة تاريخية تقع على الضفة الأوروبيَّة
في مدينة (( القسطنطينية )) إسطنبول وقد استُعملت كاتدرائيةً لبطريركية مسيحية
أرثوذكسية وكاتدرائية رومانية كاثوليكية ، بُنيت الكاتدرائية المسيحية في عام 537م، في عهد الإمبراطور الروماني جستينيان الأول، وكانت في ذلك الوقت أكبر مبنى في العالم وأول من استخدم قبة معلقة بالكامل. اعتُبر المبنى جوهرة العمارة البيزنطية ، وقيل أنها “غيرت تاريخ العمارة”. ووصفها عدد من الكُتَّاب بأنها “تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي”، وبأنها “أعظم من جميع الكنائس المسيحية”. ويُشير المؤرخين إلى أنَّ آيا صوفيا اعتُبرت رمزًا ثقافيًا ومعماريًا وأيقونة للحضارة البيزنطية والحضارة المسيحيَّة الأرثوذكسيَّة.
بالعودة للحديث عن القرار الأخير للسلطات التركية ، حول تحويل كاتدرائية القديسة آيا صوفيا إلى مسجد ، فإنه قرار سياسي بالدرجة الأولى كون أردوغان يسعى دوما لكسب دعم الشعب بالداخل من قبل الخطوات المشابهة ولو كان ذلك على حساب آثار و تراث الغير ، لا يميز بين أهمية تاريخية و حضارية المهم الإستفادة من كل ما يقع أمامه ، لإستمرارية كسب الدعم الشعبي داخلياً واستغلال المشاعر الدينية للمسلمين ومحاولة تثبيت احلامه والظهور بمظهر خليفة المسلمين في القرن الواحد والعشرون.
بينما خارجيا اكتفت دول العالم حول معارضة ذلك سواء بالخطابات أو البيانات السياسية، بدون قيام أي حركة تظهر معارضة و رفض دولي و عالمي ، عما حدث و يحدث و محاولة تركية مستمرة لتتريك المعالم الأثرية بتركيا و محاولة طمس الهوية الحقيقية للمعالم الأثرية ، الحضارية و الدينية المختلفة و بمقدمتها الآثار الدالة على الوجود المسيحي الذي يسعى أردوغان ذاته بطمسها.
بظل السكوت و الصمت الدولي المستمر ، فإنه هناك تنوع بالنظريات حول ذلك ، فمنهم من يعتقد إن ما حدث بأسلمة كاتدرائية القديسة آيا صوفيا ، إنه إتفاق يتم بمقابله تهويد المسجد الأقصى في (( أورشليم )) المعروفة بالقدس و تمت عملية أسلمة الكاتدرائية لضمان صمت العالم الإسلامي أو تخفيف حدته ولو قليلاً و بالنظر لذلك ، يتبين إنها وجهة نظر لا بأس بها ، كونها الأقرب إلى الواقع.
من جهة أخرى ، قامت روسيا ذاتها برئيسها ، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإجتماع خاص حول هذا الموضوع مع رجال الدين بروسيا و بمقدمتهم بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية و الجدير بهذا إن الإجتماع تم و هم أمام لوحة القديس قسطنطين، كإنها رسالة وجهت من روسيا ذاتها لتركيا، لإعادة النظر بهذا القرار و تمثل ذلك بخطاب وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف و هو ينوه لمخاطر الوقوف بوجه السياسة الروسية أو محاولة القيام بأي شيء من شأنه وضع وصمة عار بجبين روسيا الإتحادية أمام العالم.
و في إتصال هاتفي ، لفت إنتباه رجب طيب اردوغان إلى احتجاج شعبي كبير أثاره قرار تغيير وضع آيا صوفيا في (( القسطنطينية )) إسطنبول في روسيا
إما من وجهة نظر شخصية ، فإنني اتوقع نظريتين حول هذا الموضوع ، النظرية الأولى تتجلى بقبول أسلمة الكاتدرائية مقابل نقل السفارة التركية إلى القدس و الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل و تحويل المسجد الأقصى إلى كنيست يهودي ، أما من وجهة نظر أخرى أتوقع أن تقوم روسيا بتوجيه إنذار عبر وزير خارجيتها إلى تركيا و إعطائها فترة لتدرس قرارها أو إننا قد نشهد قريباً تدخل تركي سياسي بتركيا يتم عبره ، إضعاف أردوغان سياسيا أمام شعبه و إجباره على تقديم تنازلات لروسيا بهذا الميدان.
مع ذلك فمازال الوقت مبكرا للحديث عن هذا ، فهناك متسع من الوقت و خصوصاً بظل التريس الأوروبي حول الموضوع و عدم الرغبة بالتسرع بالقيام بشيء دون دراسة للنتائج المرتقبة و الصمت الدولي حول ما تقوم به تركيا و تدخلاتها المستمرة حول العالم و عدم إحترامها لقوانين و دول العالم.
الموضوع يحمل أكثر من التباس و خصوصاً صمت دولي حول ممارسات أردوغان و محاولته فرض هيمنته على دول الجوار، كأنها رسالة للعالم بالرضوخ أو تحمل العقبات ، جراء عدم قيام كل من الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا ، بإيقاف أردوغان و خصوصاً أنهما معروفان بقدرتهما على التحكم به.
أو رغبة منهما ، بالسماح لأردوغان بالإستمرار بفرض هيمنته و إيصال قواته إلى أبعد الحدود و من ثم حينما يحين الوقت المناسب ، تقومان بإيقافه و فرض نفسيهما أمام العالم من قبل القيام ببتر أطراف أردوغان التي تمددت لمسافات شاسعة.
من هنا يظهر ، إن ما حدث حول كاتدرائية القديسة آيا صوفيا و تحويلها إلى مسجد ، ليس إلا البدء بسيناريو عالمي، يعده كل من روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية و ينفذه أردوغان و ميدانه ، سوف يكون مناطق و دول عدة حول العالم
للإعلامي السرياني
ميلاد كوركيس
شعبنا في قرية زاز يحتفل بتقديس كنيسة السيدة العذراء
اعتُبِرَ يوم أمس يوماً مبهجاً لأبناء شعبِنا في قريةِ “زاز” بمنطقة “طورعب…