20/09/2020

مذبحة صوريا محطة جديدة من محطات الإبادة الجماعية

رمزي هرمز ياكو

لم يكن يوم ١٦ أيلول ١٩٦٩ يوما عاديا للعراقيين بشكل عام وأبناء الشعب الكلداني السرياني بشكل خاص عندما سمعوا بمذبحة إرتكبها السفاح الملازم أول عبد الكريم الجحيشي أحد ضباط الجيش العراقي، وهو أحد جلاوزة السلطة العسكرية وبحجة أن أبناء القرية أعاقوا تقدم القوات العسكرية العراقية لقمع الحركة الكردية، فقد قام هذا السفاح بجمع أهالي القرية وإطلاق الرصاص عليهم ولم يسلم القس الذي كان في القرية لإقامة مراسيم القداس فيها.
إن هذه المذبحة تضاف إلى سلسلة التي طالت أبناء هذا الشعب منذ منتصف القرن التاسع في تركيا وما زالت مستمرة ولحد الآن وفي أغلب مناطق بيث نهرين، والتي تسببت بقتل مئات الآلاف منهم وإجبار الآلاف على تغيير ديانتهم المسيحية وتهجير المتبقي، حيث أن المتبقي منهم في دول منطقة بيث نهرين “الموطن التاريخي له” لا يتجاوز حاليا ٥% مما كان موجودا في السابق، وهي محطة جديدة من محطات الإبادة الجماعية والثانية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد أبنائه بعد مذبحة سميل في ٨ آب عام ١٩٣٣والتي كانت في وقتها بحجة العصيان والمطالبة بمنطقة حكم ذاتي.
ولا نستغرب على حكومة تقتل أبناء شعبها أو تسمح بقتلهم والدليل سقوط أكثر من ٧٠٠ شهيدا من الذين خرجوا في إنتفاضة تشرين مؤخرا وجرح أكثر من ٢٥ ألف.
وهذه المذابح التي أرتكبت لم تكن بالحجج التي وضعها المنفذ، بل كانت بسببين الأول ديني على إعتبار أن هذا الشعب هو كافرا ذميا والثاني قوميا، وكانت أشدها قساوة مذبحة سيفو في تركيا عام ١٩١٥ والتي راح ضحيتها أكثر من ٦٠٠ ألف من أبناء هذا الشعب ومليون ونصف المليون أرمني وأكثر من ربع مليون يوناني بنطي.
تؤكد مذبحة صوريا التي أرتكبت بشاعة وقساوة منفذيها فلم ينجو منها الأطفال والنساء كسابقاتها وما تلاها من مذابح مع عدم محاسبة المنفذ، والحجة كانت هذه المرة أن المنفذ أصيب بالجنون!! حسب بيان القضاء العراقي، وهذا يذكرنا بعمليات القتل على الهوية التي طالت هذا الشعب بعد عام 2003 ولغاية الان والتي راح ضحيتها أكثر من 1400 شخصا، كما أن هذه المذبحة تغاصت عنها الحكومات العراقية السابقة والحالية، وكيف لا تتغاضى إذا علمنا أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أطلق على هذا الشعب “جالية” رغم أنه الشعب الأصلي والأصيل لهذه الأرض، ورئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي كان في محافظة دهوك في ١٢ أيلول وعلى بعد كيلو مترات قليلة من صوريا وسميل أثناء زيارته لدهوك وذكر في كلمته المظالم التي طالت العراقيين والمذابح التي أرتكبت ضد الكورد والأيزيدية والعرب والتركمان، ولم يشر إلى المذابح التي طالت هذا الشعب وآخرها القتل على الهوية منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن وإحتلال تنظيم “داعش” الإرهابي لباقي أراضيه التاريخية في منطقة سهل نينوى وقتل المئات منهم إلى جانب آلاف الأيزيديين وتهجير المتبقي منهم.
ومن هنا يتحتم على الحكومة العراقية الإعتراف بمسؤوليتها على هذه المذبحة والإعتراف بالمذابح الأخرى التي طالت جميع العراقيين وإدراجها في الدستور العراقي وتعويض أهالي ضحايا المذبحة لما لحق بهم من إستسشهاد ذويهم وحرق وتدمير دورهم وممتلكاتهم، ويتحتم على المنظمات العالمية وخاصة المنظمات الإنسانية القيام بدورها وتشريع قوانين خاصة بالشعوب الأصلية لهذه الأرض من أجل ضمان حمايتهم من التهديدات التي تعرضوا وما زال يتعرضون لها
ويتحتم على أصحاب صناعة القرار من هذا الشعب وبالأخص البرلمانيين منهم على المطالبة بتشريع قوانين لحمايتهم وضمان عيشهم في مناطقهم كباقي الشعوب وأن يسالوا أنفسهم لماذا تناقص تعداد هذا الشعب من مليوني نسمة في مطلع تسعينات القرن الماضي إلى ٣٠٠ ألف نسمة حاليا..
وأخيرا نسأل الحكومات المتعاقبة على العراق وبالأخص بعد عام ٢٠٠٣، ماذا سيكتب التاريخ عنها وهي المسؤولة عن تهجير أبناء هذا الشعب والأقليات وكيف سيصفها التاريخ عند زوال وتلاشي هذه الشعوب الأصلية من أراضيه وبقاء العراق لونا واحدا فقط.
بقلم الكاتب
رمزي هرمز ياكو

‫شاهد أيضًا‬

عائلة إيزيدية تهتم بكنسية مار عوديشو في ناحية القوش

القوش- العراق- تستقبل كنيسة “مار عوديشو“ في قرية النصيرية التابعة لناحية القوش…