26/11/2020

رسالة مفتوحة إلى رئيس مجلس الوزراء في العراق، السيد مصطفى الكاظمي

كاظم حبيب  (Kadhim Habib)

السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المحتم
استمعت بإصغاء واهتمام للمؤتمر الصحفي الذي عقدتموه يوم الثلاثاء المصادف 17/11/2020، وتطرقتم فيه إلى عدد من المسائل التي اعتبرتموها إنجازاً لكم ولحكومتكم، لاسيما تحديديكم لموعد الانتخابات المبكرة، وأشرتم إلى المشكلة المالية التي تعيق عمل مفوضية الانتخابات. ثم تطرقتم إلى اعتقال متهمين بالفساد وبروز ضغط متزايد عليكم لإطلاق سراحهم. ثم تطرقتم إلى جملة أكاذيب نشرت في موقع التواصل الاجتماعي والصحف حول عدد من القضايا التي ذكرتموها، ومنها موضوع الاتفاقية العراقية الصينية، وموضوع الفاو، والاستعمار السعودي، وجدولة الانسحاب الأمريكي والتعذيب للمتهمين بالفساد…الخ. 
لم يكن ما حققتموه منجزات كبيرة خلال 164 يوماً من حكمكم والتي أتيتم عليها، في وقت كنتم قد تعهدتم ووعدتم وأقسمتم بأنكم خلال العام الذي حدد لكم ستنجزون مجموعة من الأهداف التي طرحتها قوى الانتفاضة، ومنها إجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة وعادلة.
لم تصدر الأكاذيب التي تحدثتم عنها من قوى الانتفاضة التشرينية، بل، وأنتم أدرى مني، صدرت من ذات القوى التي تحيط بكم من قوى البيت الشيعي، من الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية على نحو خاص، ومن إيران والإعلام الإيراني. وكان المفروض فيكم أن تحددوا الجهات بمسؤولية وجرأة بدلاً من أن حديثكم العام عن أكاذيب كثيرة ذكرت بعضاً منها، وبالتالي خلطتم الأوراق.
لكنكم كرئيس لمجلس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة والرئيس الفعلي لجهاز المخابرات الوطني العراقي لم تلتزموا حتى الآن بالمسائل الأساسية التي وعدتم بها واليكم بعض الأسئلة بشأنها التي تحتاج إلى إجابات منكم للشعب كله:
** ماذا أنجزتم من مهمة الكشف عن قتلة المتظاهرين والجرحى والمعوقين، وعن أولئك الذين قُتلوا في المظاهرات أو اُغتيلوا منذ توليكم رئاسة مجلس الوزراء حتى الآن/ ومنهم من كان مستشاراً أمنياً لكم؟
** ماذا فعلتم لإنجاز مهمة الكشف عن المختطفين والمغيبين قسراً، والذين بلغ عددهم بالعشرات، وثمانية منهم اختطفوا منذ توليكم رئاسة مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وعن الخاطفين ومن يقف وراءهم لتقديمهم للمحاكمة؟
** ماذا فعلتم في مجال ملاحقة واعتقال المتهمين من كبار الفاسدين ممن تبوأوا حكم العراق خلال السنوات المنصرمة ويتربعون اليوم على قيادة الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية منها والسنية أو الكردية؟ 
** ماذا يعني تدخل بعض المسؤولين الكبار لإطلاق سراح من اعتقل بتهمة الفساد؟ أليس هؤلاء من الحكام السابقين وقادة الأحزاب الحاكمة الذين هم أيضاً متهمون بشبهة فساد؟ لماذا غضضتم الطرف عنهم كلية؟ 
** ألا تعتقدون بأن هناك ملفات فساد كثيرة في مجلس الوزراء قال عنها نوري المالكي بأنه لو أعلن عنها وقدمها للقضاء لانهارت العملية السياسية برمتها، فأين هي تلك الملفات ولماذا لا يُسأل نوري المالكي عن تلك الملفات، ولماذا لا يتهم بالتغطية على الفساد والفاسدين، وربما هو أحد كبارهم، والله أعلم، ويقدم إلى المحاكمة؟ 
** وماذا فعلتم، يا من لا يخشى غير الله وضميره، بشأن السلاح المنفلت الذي ما يزال يقتل يومياً أعزاء بواسل من قوى الانتفاضة الشبابية، فهؤلاء القتلة ما زالوا يسرحون ويمرحون ويتحدون الدولة بسلطاتها الثلاث والمجتمع بأسره؟
** وماذا فعلتم لمطلقي الصواريخ المتنوعة، وليس صواريخ كاتيوشا وحدها، الذين مازالوا يمارسون إطلاقها على المنطقة الخضراء والسفارات المناطق السكنية وتقتل المدنيين من النساء والرجال والأطفال العراقيين، وأنتم أدرى من غيركم بالفاعلين الذين يتحدون الدولة، بسلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضاء؟ ألا تعرفو حقاً من ينفذ الأوامر الصادرة لهم من قادة جيش القدس الإيراني المهيمن على قوى الحشد الشعبي، وأنتم القائد الرسمي لهذا الحشد؟
** هل فعلتم شيئاً لمنع الوسائل التي تستخدم عادة لتزييف إرادة الناخبين وتزوير الانتخابات من خلال ثلاث وسائل جوهرية: 1) المال الموجود لدى الأحزاب العراقية الحاكمة في سائر أنحاء العراق والمسروق في أغلبه من المال العام ولقمة عيش الكادحين والفقراء والمعوزين ومن مهمات التنمية؛ 2) السلاح المنفلت الذي يستخدم لتهديد الناس به عبر الميليشيات الطائفية المسلحة والقيادات والقوى السياسية في الحشد الشعبي الذي يضم قادة وكوادر الميليشيات الولائية للولي الفقيه في إيران؟
** وماذا فعلتم لتعديل قانون الانتخابات وفق مصالح الناخبين وعموم الشعب، وماذا أجريتم من تغييرات مطلوبة في بنية مفوضية الانتخابات المتهمة بشبهة فساد وممارسة أساليب محرمة لا تمت للنزاهة بصلة؟
أنتم تعرفون بأن حبل الكذب قصير، وبالتالي الذين نشروا الأكاذيب في شبكات التواصل الاجتماعي سرعان ما تنكشف أكاذيبهم. ولكن وماذا عنكم وأنتم لا تتحدثون للشعب عن المهمات التي تظاهر وانتفض من أجلها! الفقر والجوع والحرمان يغطي أكثر من نصف المجتمع العراقي، ومع ذلك مازال الفساد يُمارس على نطاق واسع، ومازال الفضائيون يتسلمون الرواتب، في حين يحرم آخرون من رواتب يستحقونها، وما زال الفاسدون يتربعون مواقع مهمة في الدولة. 
هل تعرفون ما يجري الآن في العراق منذ أن أوصلوكم على رأس السلطة؟ يستثمر مجلس النواب الهدوء النسبي لقوى الانتفاضة، لاسيما في بغداد، لمناقشة وإمرار قوانين ما كان في مقدورهم إمرارها لو كانت قوى الانتفاضة بحيويتهما المعهودة ووحدتها المنشودة، ومنها إقرار التعديل غير الجيد لقانون الانتخابات والتصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية، ثم إقرار قانون الاقتراض الداخلي وبالطريقة التي تمت الموافقة عليه وأثار مشكلات جديدة، ومناقشة قانون معادلة الشهادات والدرجات العلمية السيء الصيت والغريب من نوعه، ومناقشة قانون جرائم المعلوماتية السيء جداً والمخالف للدستور العراقي وحرية الرأي، وربما ستطرح قوانين أخرى لم يستطع المجلس قبل اليوم تمريرها. 
قوى الانتفاضة، وأنا منها رغم شيخوختي، لا تكذب ولا تتقول على أحد، بل تطرح عليكم أسئلة مشروعة وعادلة. لقد جئتم لتنفيذ مهمات محددة لم تبدأوا بها أو بشكلها الصحيح، كما في موضوع تهيئة مستلزمات إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة. من يكذب عليكم هم من لا يريدون ملاحقة قتلة المتظاهرين والمختطفين والمغيبين قسراً، وهم من لا يريدون توجيه التهم بشبهة فساد للكبار من حكام العراق في زمن الجراد الأصفر، وهم من لا يريدون تحريم وجود سلاح منفلت… إلخ. هل سنسمع إجابة منكم على هذه الأسئلة أم أنكم كما قلتم لا تجيبون لأنكم ربما تعتبرون هذه الأسئلة أم أكاذيب أو استفزازاً لشخصكم المستقل!
بقلم
كاظم حبيب

‫شاهد أيضًا‬

حفل تخرج طلاب في جامعة أنطاكية السورية الخاصة وفي معهد التثقيف المسيحي ببغداد

أقيم مساء يوم السبت، حفلُ تخرّج الدفعة الثالثة لطلاب جامعة أنطاكية السورية الخاصة، بحضور ق…