قانون جرائم المعلوماتية شرعنة تخنق حريات الشعب وتشيع أجواء إرهاب الصحفيين والاعلاميين
بقلم نهاد القاضي
قبل أيام تمت القراءة الاولى لقانون تجريم المعلوماتية في مجلس النواب العراقي وهذا القانون سبق وان عرض في مجلس النواب في 27 تموز 2011 كما تم عرضه في الدورة البرلمانية الرابعة في بداية 21-01-2019 ، وقد تم تاجيل الاقرار فيه لكثرة النقاط المختلف عليها والفقرات التي تنعكس بصورة سلبية على حريات المجتمع الفردية والصحافة والاعلام وقد اشترك في اقراره عدة لجان مختلفة في مجلس النواب، هي لجنة الأمن والدفاع ولجنة التعليم العالي واللجنة القانونية ولجنة الثقافة والإعلام والسياحة ولجنة حقوق الانسان والأسرة والمرأة والطفل ولجنة الخدمات والإعمار
وقد تمت القراءة الأولى لهذا القانون في مجلس النواب العراقي لبتاريخ 23 نووفمبر 2020 وجاء في القانون عقوبات كبيرة بحق الشعب والعاملين على الحاسوب والانترنيت ومنصات التواصل الاجتماعي وتضاربه مع مواد الدستور العراقي خاصة المادة 38 حيث خنق واضح لحرية التعبير والراي وتضارب مع الاتفاقيات الدولية التي ارتبط بها العراق الجديد. وقد وردت في القانون احكام تصل الى السجن المؤبد والغرامات النقدية الكبيرة التي لا يمكن ان يتحملها المواطن البسيط، كما جاء في الاحكام العقابية الفصل الثاني المادة 3 اولا فضلا عن عدم تناسب مستوى العقاب وطبيعة ما يُرتكب..
نجد وبكل وضوح ان القانون بدلا من ان يتيح الحريات يفرض قيودا كبيرة وبهذه الصورة فان ما ورد في قانون تنظيم الحريات قد تم ترجمته من قبل مجلس النواب وجعله تقييداً للحريات، والمجلس يريد تشريعه لوضع المواطن العراقي في جو ملييء بأجواء إرهاب دولة بعيداً عن الحرية الشخصية الخاصة والعامة.. وقد تغافل مجلس النواب كعادته في قراءته الاولى لقانون تجريم المعلوماتية، الفقرات التي تتيح للمواطن الاعلان عن وجهة نظره ورأيه كما في تغافله الحريات الشخصية وحرية الصحافة والاعلام المنصوص عليها في مواد الدستور؛ كل ذلك ليجعل المواطن العراقي تحت سياط سلطته القمعية المشرعنة بقانون.
وبوقت تمتلك تلك الأحزاب الحاكمة وقياداتها أدوات نشر خطابها في الكراهية والاستعداء، فإنها بالوقت ذاته تتصدى بجيوشها الإلكترونية لأي جهد تنويري يصب في مكافحة تلك الخطابات المرضية وتمعن في هذا النهج عبر شرعنة قانون جرائم المعلوماتية بكل تلك العقوبات الفظة المبالغ بها التي تُسقطها حصرا على المواطن والوطن ما يصل احيانا كثيرة الى حد استعمال التهديد بالقوة والسلاح والاختطاف وبأمور تنتهك القيم الاخلاقية ولكنها تستظل هذه المرة بالقانون سلاحا ضد الحريات…
يلاحظ ان مسودة هذا القانون تخلق أجواء الرعب والهلع في قلوب مستخدمي الانترنيت ومنصات التواصل الاجتماعي من خلال استعمال عبارات ومصطلحات مبهمة وغامضة ذات صياغات قانونية غير محددة وغير واضحة وبصورة تضخيمية مخيفة بالإمكان تأويلها حسب مزاج السلطة وعلى سبيل المثال “المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها”، و”التعامل مع جهة معادية”، و”زعزعة الأمن والنظام العام أو تعريض البلاد للخطر” و”الإساءة إلى سمعة البلاد”، و”إضعاف الثقة بالنظام المالي الإلكتروني”، و”الإضرار بالاقتصاد الوطني” و”المسّ بأي من المبادئ أو القيم الدينية أو الأخلاقية أو الأسرية أو الاجتماعية”، وغيرها. وتضع في مقابل أي “ارتكاب” لهذه البنود عقوبات جسيمة تصل في عدد من الحالات إلى السجن المؤبد والغرامة بملايين الدنانير
وما زاد الطين بلة نجد أن القانون بصيغته الحالية وقراءته الاولى يضع حق حرية التعبير وحرية الرأي الواردة في الدستور المادة 38، في خانة الجرائم. وهذه طريقة لشرعنة قمع الحريات تحت مضلة تأويلها بـ(الاحتيال والقرصنة والتزوير والابتزاز الإلكتروني) فقد تكررت عقوبة (السجن المؤبد) في المواد 3 و4 و5 و6 وتشمل عدداً كبيراً من الجرائم التي لا تقتضي في أغلبها هذا النوع من العقوبة المبالغ بها كونها ليست من جنس ما اُرتُكِب. لقد جاء مشروع هذا القانون ومسودته في ظرف عصيب يمر العراق به وخاصة بعد ان تم حرق وتهديم خيم متظاهري انتفاضة تشرين السلمية بأسلوب بعيد عن احترام حق التظاهر والاعتصام للمواطن .. وما هذا القانون إلا طريق اخر لمصادرة التظاهرات السلمية وكتم الافواه وتحجيم الحراك الشعبي وعرقلة الأنشطة الإلكترونية التنويرية ومنع نشر افكارهم ونشاطاتهم وشعاراتهم الإصلاحية…
بقلم نهاد القاضي
عائلة إيزيدية تهتم بكنسية مار عوديشو في ناحية القوش
القوش- العراق- تستقبل كنيسة “مار عوديشو“ في قرية النصيرية التابعة لناحية القوش…