21/01/2021

بين واشنطن.. وحلبجة

معد فياض

هناك من هلهل وصفق لما قيل عن الوثائق الاميركية عن حقيقة قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية في نهاية الحرب العراقية الايرانية وادى ذلك الى وفاة ما يقرب من ستة الاف كوردي عراقي بينهم اطفال ونساء وشيوخ.
وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، صرح مؤخرا بان واشنطن رفعت بعد 30 عام السرية عن بعض الوثائق التي تؤكد بان ايران هي من قصفت مدينة حلبجة الكوردية العراقية وليست القوات العراقية، هذه المعلومات تتطابق مع ما كان النظام العراقي السابق قد ادعاه وكذبته الادارة الاميركية ذاتها وقتذاك، بل ان الرئيس الاميركي الاسبق (الديموقراطي) بيل كلينتون كان قد وقع عام 2002 على قانون تحرير العراق مستخدما فاجعة حلبجة كاحد الذرائع لمحاربة نظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين، وتبعه خلفه الجمهوري جورج دبليو بوش لتطبيق هذا القانون واحتلال العراق عام 2003، فأين كان كل من كلينتون وبوش من هذه الوثائق التي يلوح بها بومبيو اليوم.
 بالتأكيد هنا لا ادافع عن النظام الايراني ولا عن نظام صدام حسين، ذلك ان كلا النظامين كانا قد استخدما الاسلحة الكيمياوية خلال سنوات الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) بينما كان العالم كله يراقب بصمت ما كان يدور في ميادين القتال وقصف المدن العراقية والايرانية، لكن السؤال الان يدور حول حقيقة الوثائق الاميركية التي لم نراها او نقرأها حتى اليوم بسبب عدم نشرها، ولماذا جاء توقيت ادارة الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترمب بالاعلان عنها الان قبيل رحيله غير المشرف من البيت البيت الابيض، اهي لاغراض خلط الاوراق امام خلفه جو بايدن واحراجه مع ايران، أم فضح طهران.
هذا ما يتعلق بشأن الوثائق الاميركية التي سنتحدث عنها عند اعلانها ونشرها وقراءتها، أما عن الذين هللوا وفرحوا بالاعلان عن هذه الوثائق التي اعتبروها صك غفران وبراءة للنظام العراقي السابق من جريمة قصف مدينة حلبجة، فنقول، لنفترض.. نفترض ولا نتخيل او نتصور، بان نظام صدام حسين بريئ من هذه الجريمة، فهذا لا يعني براءته على الاطلاق من الاف جرائم الابادة الجماعية ضد كورد العراق، تلك الجرائم التي لا تحتاج الى وثائق سرية او بحث، ولا ترتقي الى مستوى الشك بحدوثها، بل ان وثائق الاستخبارات والجيش العراقي وقيادات حزب البعث المنحل، واعني الوثائق المكتوبة والاوامر الصادرة والصور الفوتغرافية واشرطة الفيديو، التي تم العثور عليها والكشف عنها بعد 2003 تؤكد بوضوح جرائم عمليات الانفال ودفن الالاف من المواطنين الكورد، اطفال ونساء وشيوخ وشبان، احياء في صحراء السماوة وغيرها من مناطق العراق النائية، تلك الجرائم التي راح الالاف من البارزانيين وغيرهم ضحيتها حسبما كشفت المقابر الجماعية عنها والتي وجدوا فيها ملابس واساور ولعب اطفال وبقايا ازياء كورديات بعضها محفوظ في متحف ضحايا الانفال في منطقة بارزان. واكبت تلك الجرائم عمليات قصف وحرق الالاف من القرى الكوردية وتشريد اهلها وقتلهم.
بعد كل هذا نتسائل هل ان هناك من يغفر لنظام صدام حسين جرائمه ضد الكورد لمجرد انه سمع او قرأ تصريحات بومبيو عن وجود وثائق سرية تبرئ هذا النظام من قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية.
اذا كنا قد بررنا لانفسنا صمتنا المعيب في التسعينيات على جرائم الانفال ومحولات ابادة الكورد بسبب عدم حصولنا على المعلومات الدقيقة، او خوفنا من البطش الوحشي للنظام السابق فعلينا اليوم في الاقل ان لا ننساق وراء مشاعر شوفينية تبيض افعال النظام السابق الدموية لمجرد اعلان بومبيو الذي له اجنداته السياسية الداخلية والخارجية البعيدة عن واقع مرير عاشه الكورد وعانوا منه بعمق. 
بقلم معد فياض

‫شاهد أيضًا‬

الاتحاد النسائي السرياني ينظم ندوة حوارية في القامشلي بمناسبة يوم المرأة العالمي

ضمن جهوده المستمرة لبحث قضايا المرأة السريانية، نظم الاتحاد النسائي السرياني ندوة حوارية ب…