الدير الأعلى وكنيسة الطاهرة…..بين ألماضي الشامخ والحاضرالمحزن
ألاستاذ الادكتور زهير ابراهيم رحيمو.....نائب رئيس الرابطه الكلدانية- فرع كاليفورنيا
أن كنيسة الطهره هي واحدة من سته كنائس على هذا الاسم في مدينة الموصل كل منها تابعه الى طائفه معينه .تقع الكنيسة في شمال مدينة الموصل ملاصقة لجدران القلعة العثمانيه المسماة باش طابيا(القلعة الكبرى) التي تقع على الجهه الغربيه من نهر دجله مقابل مدينة نينوى الاثريه التي تسمى اليوم تلقاينجو{1}.كنيسة الطاهرة معناه(السيده الطاهرةimmaculate ) والتي تعد من أقدم كنائس الموصل . لايوجد أثبات لمعرفة الموقع الاصلي للكنيسة ولكن الاعتقاد المتداول لحد اليوم هو انها كنيسة الدير الأعلى المندثر.على أي حال فبناء الكنيسة الاصلي يعود الى القرن السابع وهي منخفظه بمقدار 2-3 أمتار عن مستوى الشارع المجاور.
ألدير الأعلى
الدير الأعلى عرف بمدرستهِ أم الفضائل( mother of virtues ) وهو من أشهر ديارات المشرق والذي كان يعد المرجع الأعلى لترتيب الصلوات والطقوس لكنيسة المشرق فقد أشتهر فعلاً بتنضيمه الليتورجي وبأكاديميته العلمية التي أطلق عليها فعلاً “أم الفضائل” . الدير ألأعلى أيضا سمي بدير مار كبرييل والذي يعتقد انه شهيد من القرن الرابع أوالسادس {2 }، او دير مار أبراهام وذلك لانتقال مار مارأبراهام معلم تيماثاوس الى الدير الأعلى.تيماثاوس هو بعدئذ الجاثاليق الذي عاش بين 780-823. لاشك أن الدير كان عامراً سنة 650-651 اذ كان يعيش فيه البطريرك أيشوعياب الثالث الحديابي. وقد أشتهر الدير كثيرا في القرنين التاسع والعاشر حيث اعتبر مركز الثقل في كنيسة ألمشرق القديمه او كمجمع طقوس للطائفه الكلدانيه،التي سارت لاجيالٍ على النظام المنبثق من هذا الدير وان معظم الكتب الطقسيه أستنسخت “حسب نسخة الدير الأعلى” أو “حسب نسخة مار كبرييل ومار ابراهام بالموصل”. ومن أشهر أساتذه الدير المشهورين الربن حبيب حيث حرر على شكل منضومة على البحر الرباعي معلومات عن مار نرساي أسقف مدينة السن. وكذلك عمانوئيل برشهاري المتوفي سنة 980 والذي ألف كتاب “ألاوكساميرون” أو “ألايام الستة” وله أيضا تفاسير وتعاليم أدبية. والربان سركيس الذي كان يُعلم العهد الجديد والقديم واجزاء المفسر تيودورس المبسوستي الثلاثة والثلاثين وكان يَتقن ذلك جيدا حتى انه كان يعرف غيبا كل المقالات ومقالة مار ديودورس الطرسوسي أيضاً.والربان يوسف بوسنايا الذي سكنٍ دير مار ابراهام التائب ولكنه غالبا ما كان يقدم الى دير مار كبرييل حتى وفاة الربان سركيس واستلام خلفه الربان عبد يشوع منصة التعليم .ويوسف بوسنايا وضع له كتابا تلميذه يوحنا بن كلدون ترجم الى العربيه من قبل الاب يوحنا جولاغ سنة(1983) {3 }.ومن مشاهير أساتذه دير مار كبرييل ، الراهب عبد يشوع المذكور سابقا خلف الربان سركيس، ألذي أصبح بطريركا سنة 963 ، وهو من أهل كرخ جذان من أعمال باجرمي، وقد تعلم المنطق على يد ابن نصيحا تلميذ أبن كافا في مدرسة الدير الأعلى. أما مولف كتاب “ألاسئله وألاجوبه” ولعله البطريرك أيشوعياب الرابع(1020 -1025) كان أستاذا متميزا في مدرسة أم الفضائل وقد تراس هذا البطريرك حفلة رسامة عدة كهنه وشمامسة جرت في الدير الأعلى. وشهد بشعر مقفى أهمية هذا الدير أبوعثمان الخالدي الموصلي(1009) بقصيده أطرى فيها رهبان الدير{2}:
محاسن الدير تسبيحي ومسباحي وخمره في الدجى صبحي ومصباحي
منادما في قلاليه رهبانه راحت خلائقهم أصفى من الراح
قد عدلوا أديان ومعرفة فيهم بخفة أبدانِ وارواح
ووشحوا غرر الاداب فلسفة وحكمة بعلوم ذات ايضاح
في طب بقراط لحن الموصلي وفي نحو المبرد أشعار الطرماح
وتنشد حين يبديه المزاج لنا ألمع برق سرى أو ضوء مصباح
ويذكر الحموي أبياتاً للشاعر أبي الحسن بن أبي البغل عندما أجتاز به يريد الشام مما يؤيد علو الدير و أتساعه:
أنظر ألي بأعلى الدير مشترفا لايبلغ الطرف من أرجائه طرفا
كأنما غريت غر السحاب به فجاء مختلفا يلقاك مؤتلفا
فلست تبصر إلا جدولاًترباً أو جنة سرفا، أو روضة أنفا
كما ذكر من المورخين ان مساحة الدير كانت واسعه جدا ، أذ يمتد من شمال شرقي سور الموصل والقلعة العالية، أي من من نهر دجله فوق المرتفع لاتزال قلعة باشطابيا قائمه عليه، وهنا يمكن ان يكون تسميته بالدير الاعلى لانه كان يقع على مرتفع”جبل”، وحتى كنيسة الطهره وما يجاورها، حيث ان قلالي رهبانه كانت عديدة ومنتشرة والاراضي الفارغة او المزروعه التي كانت حول او في وسط القلالي والكنيسه والاروقة ، كانت بلا شك هي ايضا واسعة وبدات تتقلص عندما شيد في المنطقة المدرسة البدرية التي أسس فيها سنة 1280 بدر الدين لؤلؤ مشهد الامام يحي بن القاسم الذي لايزال قائما الى الان . على اية حال فالمساحة المتبقيه هي أقل بكثير من المساحه التي كانت للدير في عهده الغابر. وهذا امر متوقع وذلك لتداعي الدير واندراسه وخلوه من الرهبان وبناء سور الموصل لاكثر من مره في منطقة الديرحتى انه يقال أن حجارة الدير المندثر استعملت في بناء سور الموصل. وعمليا مايويد ذلك انه عند حفر أساسات مستشفى ألامومه والطفوله(رئاسة صحة نينوى حاليا) كما أخبرني المرحوم والدي الذي كان ضمن طاقم البناء ، وجدت قبور قديمه مما يدل ان هذه الارض كانت ضمن مساحة الدير ولم يكترث أحد بذلك.
اما زمن اندثار الدير فهو حسب تقليد قديم كان سنة 1261 . وفي تقارير كثيره للمستشرقين الذين زاروا المنطقه في سنة 1606 و1754 و1766 و1816 لم يذكروا هذا الدير. ولكن في تقريرمنصف للانكليزي بادجر ( Badjer ) سنة 1580 يذكر ما تعريبه(يقع الدير الاعلى المخصص بمار كبرييل ومار ابراهام في الشمال الشرقي من الموصل،ملاصقا لسور المدينة، وترى بقاياه الى هذا اليوم). ولا زال بعض المسنين يتذكرون أثار خربات شبيه بقلالي الرهبان كانت منشرة في سفح مرتفع باشطابيا في الارض المسماة خربات الدير.وما يويد ذلك أيضاً، رايت وانا صغيرا شموع مشتعله من المومنين في سفح باشطابيا التي هي بقايا قلالي الرهبان. ان لهذا الدير كانت قوانين ذكرها أبن الطيب المتوفي سنة 1043 باسم قوانين مدرسة الدير الاعلى في كتابه “فقه النصرانيه”ومن الغريب ان هذه القوانين لم يوردها احدا غيره .
أما أعياده أشهرها عيد الشعانين أو أحد ألسعف حيث كانت تقام الحفلات والسهرات والرقص الشعبي والاكل والشرب خارج بناء الدير . وخاصة ان عيد السعانين يقع في فصل الربيع حيث تكثر السهول الخضراء وتتفتح الكثير من الازهار وتنتشر أزهار البيبون والرياحين .
ومن الجدير ذكره ان المتحاربين كانوا يراعون حرمة الدير، أذ أن الخليفه هارون الرشيد عندما اقبل الى الموصل سنة 793 ليطرد مغتصبها عطاف بن سفيان، أضطر بسبب الحصار ان يامر عَساكره أن يهدم جزءاً من اسوار الموصل لكنه لم يلحق أذى بالدير الأعلى المجاور{5 }.
والخليفه المامون في طريقه الى الشام سنة 830 حل في الدير الاعلى واقام فيه أياما لطيبة هواءه ونزهته.وصادف ذلك عيد السعانين فتربع المامون في موضع حسن مشرفا على نهر دجلة والبساتين .فجرى الاحتفال الديني أولا ،بخروج الرهبان والكهنة والشمامسة والفتيان لابسين ثيابهم المزركشه، وحاملين الصلبان والمباخر والشموع. وبعد انتهاء التطواف دخلوا للكنيسة للصلاة واقامة القداس، بينما جرت في الخارج حفلة استقبال وتكريم الخليفة ، فتقدم الاولاد والبنات بايديهم باقات الرياحين والزهور فاهدوها اليه.ثم قدم غيرهم للخليفه ومرافقيه كؤوس الشراب، فطرب واخرج وصائقه فرقصن وكذلك القيت اشعارا غزليه وانتهى العيد فاهدى الخليفه ثلاثين ألف درهم كصدقة.
أذن الدير الأعلى كان عامرا قبل منتصف القرن السابع، وبلغ أوجه من العمران واصبحت له مكانه مرموقه في عالم الدين والمعرفه والاستجمام في الجيلين التاسع والعاشر، فاشتهر بجمال موقعه على نهر دجله وجمال أعياده واهمية مدرسته ام الفضائل في تنظيم طقوس الكنيسه الكلدانيه، ولكنه مع كثير الاسف أنطفا نوره لسبب يبقى الى اليوم غامضاً ، واندثر في الجيل الثالث عشر او بعده بقليل{2 }.
كنيسة الطاهرة
بدون شك كانت كنيسة الطاهرة هي كنيسة الدير الأعلى حيث دير مار مار كبرييل كان واسعا فهي قديمه اذ كانت عامرة سنة 1683 وتجدت سنة 1705. ومايويد العلاقه بين الدير وكنيسة الطاهرة ، علاوة على شهادة المورخين،اكتشاف نفق بين كنيسة الطهره والدير الاعلى سنة 1935 وهي سنة تشييد سياج حول الجزء الباقي من مساحة الدير الواسعه بعد مرافعات قضايه صعبة ومنحازة مع الملاكْ و ممثلي الحكومه أنذاك، وكانت بداية هذا النفق كانت واضحه في الحوش الخلفي ااو الشرقي من هيكل الكنيسة كما رايتها شخصيا في ستينات القرن الماضي.علاوة على ذلك موقع البيم ( Bema ) أو المسطبه في نهالية الكنيسة مخالفاً للتصميم التقليدي لكنيسة المشرق حيث ان الكنيسة الحاليه هي اكثر عرضا من طولها وكانها قطعت من نهايتها الشمالية. كان البيم يقع وسط الكنيسةحيث تقام عليه الصلوات في بداية القداس لتكون قريبه من سماع المومنين قبل دخول التقنيات الحديثة من مكبرات الصوت{2 }.
لقد أجريت على الكنيسة عدة تجديدات وحاليا البعض منها يعود الى العصر الاتابكي قبل القرن الثامن عشر ولكن البناء العام هو من العصر الجليلي حيث تم تجديدين متتالين سنة 1705 و1744. ولعل تجديد 1968-1969 كان مهما حيث كان الاب يوسف حبي مشرفا فنيا على التجديد وهو يتمتع بحس أثاري ممتاز ومباركة المطران عمانؤيل ددي(1960-1980)، أذ رفعت من سطوح الطبقات الجبسية ، واستبداها بصبات من السمنت المسلح، وقد رص جدار الكنيسه الخارجي بالحلان وبروز المذبح نصف متر عن بقية الجدران، وتشييد مدرج رخامي يعلوه نصب جميل النحت ورائع النقش يضم تمثال العذراء مطلا على الفناء والحديقة،هذا التمثال الذي جلبه المطران سليمان الصائغ لينصب على برج في فناء الكنيسه متاثرا بتمثال العذراء في سيده حَريصا.كما طليت الجدران الداخلية والسقوف بالجص واصلحت ما تهدم منها.اما قبة المذبح الواطئة فقد وسعت افقيا من الخارج وشيدت بالرخام بشبابيك أثني عشر. أما من داخل الكنيسة، تم تجديد قطع البيم المرمريه المتكسره واستبلدت بجديدة مع الحفاظ على الكتابات الاصلية. كما أزيلت بقايا دهون الشموع والاوساخ عن النقوش والكتابات من الحنيات الستة ورفعت الستارات التي كانت تغطيها ، وصبغت كل الكتابات باللون الاسود لتبرز للعيان.
تظلل واجهة الكنيسة أروقة يسندها عمودان، وللكنيسة بابان مقندلان ومزينان بنقوش مقرنصه وأزهار وأشكال هندسيه جميله وكتابات باحرف كلدانيه. ومن الكتابات على الابواب وعلى غيرها هنا ترجمة من الكلدانية والكرشونية(عربية باحرف كلدانية) الى العربية، رغم ركاكتها في بعض الاحيان، كما أوردها الاب يوسف حبي في كتابه{2}:
على باب الرجال باللغه الكلدانيه”لتكن صلاة البتول مريم أم المسيح سوراً لنا ولتحفظنا من الشرير”وبذيلها “تجددت هذه الكنيسة سنة 2016 يونانية”أي سنة 1705 م.ويليها بالكرشونيه “بارك يارب لهذا الهيكل الطاهر وضع فيه أمناٍ وسلاماً الى الدهر” وبذيل القسم المقرنص من الباب ، عمودياً صاعداً ثم مستقيما ثم عمودياً نازلاً، نقراء “من أجل بنى له الله بيتاً في الارض.فكل من يريد ان ينظر الى الله فياتي الى بيته.أدخلوا في أبوابه بالشكر والى دياره بالمجد” وتحت الكتابة الوسطية “فهذا هو باب الرب الصديقين يدخلون فيه.أمين”
وعلى باب النساء نقراء فوق المقرنصات الاولى كتابه كلدانية ترجمتها”أحل أيها المسيح الملك أمنك في هذا البيت” وباحرف صغيرة تعلو هذه الكتابة”وأحفظ ساكنيه من الاضرار والشرير مبغض جنسنا” وفوق هذه الكتابة تاريخ بالكرشونيه”في سنة ألف وسبعماية وأربعة وأربعين مسيحية .تجددت بيعة العذراء مارت مريم الطوبانية .بعون الله وعناية أبا ألاباء معمرا البيع مار اِيليا. ومار أيشوعياب مطران جهة الفاضلة الشرقية .كانوا واقفين ومجتهدين وصاروا سبب عمارة هذه البيعه والبنية .والمومنين الخيرين خواجا زكور وكيل البطرك مار إيليا وخواجا عبد ألأحد زكريا …ومار أدو. صاروا الرجال مع النساء مشتركين في عمارة هل بنيه.الرب يعطيهم أجراً ثمين في ملكوت السماوية.بالصلوات مريم الشفيعة أم المسيح الطاهرة النقية” وتحت المقرنصات كتابة كرشونية”هذا هو باب بيت الله.روح القدس به حاله.أدخلوا فيه بالعدالة.فتنالون ملك العلي” وتحت الكتابة الوسطيه”ندخل الى بيته بالتسبحة ونسجد الى موطئ قدميه المقدس”
الى يمين باب الرجال باب صغير ذو زخرف ونقوش وهو باب بيت العماذ وكان قد سد بعد وضع تمثال سيدة لورد. في بيت العماذ شيدت مغارة يتوسطها تمثال لورد ويجري منها شلال ماء صغير تبرع بها الشماس سليمان خدور سنة 1948.ٍ وقد رفع جرن العماذ وعلى يسار بيت العماذ قطعة رخاميه مكتوب عليها باحرف كلدانية” ها هنا ميناث(ّخائر) مار كورييل الطوباوي” تقابلها من داخل الكنيسة الحنة الاولى.وبعدها بقليل قطعة مرمرية كبيرة ليس من كتابة عليا تقابلها الحنية الثانية. لبيت العماذ باب آخر في الكنيسة في الجهة اليمنى للداخل اليها من باب الرجال وللبيت شباكان من الجهتين.
للكنيسة أربعة أعمدة التي تسند مناطق الكنيسة الست، ثلاث مناطق من جهه يتوسطها عمودان. وبين بيت العماد والهيكل في داخل الكنيسة، ثلاث حنيات، الاولى والوسطى منها مزخرفتان بصليب كبير ونقوش أخرى،وتتوسط الثالثة قطعة رخامية لانقوش عليها.كذلك بين باب المذبح وبيت الشهداء حنيتان أخريتان، الرابعة والخامسة، تختلفان في زخرف قوسيهما عن زخارف الحنيات الباقية، وثمة حنية سادسة تتوسط بيت الشهداء ذات زخارف ونقوش.
أما فيما يخص ذخائر القديسين، في ظهر الحنية الاولى يوجد ذخائر مار كبرييل في الجدار، والثانية في بيت العماذ لا أثر يدل عليها سوى قطعة مرمرية كبيره لاكتابة عليها. اما في داخل الهيكل فنجد في الشمال واليمين قطعتين رخامتيين هما في ظهر الحنيتين الثالثة والرابعة تحمل الواحدة كتابة كلدانية”ها هنا ميناث مار أبراهام الطوباني” وعلى الاخرى”هنا ميناث قديسين” أما الحنية الخامسة فكانت قطعة ذخائرها في جدار السكرستيا، ولكنها قد سقطت قبل سنين ولا يعرف مصير ذخائرها. والحنية السادسة في بيت الشهداء فقطعتها داخل السكرستيا أيضا، منقوش عليا بالكرشونية”هنا ميناث مارت مريم الطوبانية”.
وفوق باب الهيكل الملوكي ، بخط كرشوني عريض نقرا “على مذبح القديس يكون ذكرانا وتزييح للبتول مريم والدة المسيح” وضمن دائرتين منقوشتين دعاء”يالله” و”ياقدوس”. وفوق الشباك الوسطي كتابة كلدانية”بك نظفر على أعدائنا” وعموديا صاعداً بالكرشونية”روح القدوس التي أنزلت ياربنا من سداك/بغرفة صهيون عليت لتلاميذ بني أسرارك/فهبت في هذا بيت قدس أقداسك/على الحاضرين طالبين رحمتك مخلصين” وتحتها بالكلدانية”أذهب كل يوم الى بيت الرب وأسجد أمام المذبح وقبل هامة الصليب وصلِي خافتا أبانا ألذي في ألسموات” وتحتها بالكرشونية”بصلاة العذراء الطاهرة مريم شر لمدينتنا لايقدر.تشفع لنا عند الرب الاعظم.تتخلص ذرية آدم”
ان واجهة الهيكل واسعة وعالية وذات نقوش مقندلة ومخرمة وهي بكاملها من المرمر يتوسطها شباك خشبي وشباك آخر مفتوح.ويغلق باب الهيكل الكبير ذو الافاريز والمقرنصات، وهي مصنوعة من مرمر خاص صلب يسمى (الدَمك) كما ذكر جدي ذلك، وثمة باب خشبي بدلا من الستار، وذلك بموجب الاستعمال الطقسي القديم. وتقوم أمام هذا الباب عارضتا التناول ) communion ambones)، لكل منهما وجهان من رخام بديع النحت والنقوش، وهما من أثمن ما في الكنيسة،فمادتهما قديمة، فزخرفهما يشمل صلبان مثمنة أو مربعة ونجوم سداسية. نقراء على العارضه الاولى بالكلدانية ما تعريبه”نسجد اللهم للاهوتك وسيادتك بغير انقسام” وعلى الثانية”أسجد لك في هيكل قدسك وأعترف باسمك”.
في الهيكل( sanctuary ) المذبح بسيط والقبة صغيرة ,والمذبح له تحفة اثاريه نادرة هي حجاب ( veil ) قدس الاقداس( sancta sanctorum ) المرمري {6 } وقد أضيف مذبح صغير أمام بيت الشهداء، في الجدار المطل على نهر دجلة، كان يتوسطه تمثال للسيدة مريم العذراء.وفي صدر الكنيسة صورة كبيره للعذراء المنتقلة للسماء من رسم يوسف الصائغ 1953. في تجديد التسعينات رفع تمثال العذراء ووضعت محله صورة قديمة للعذراء مريم كما غلف جدار القوس المحيط به بالمرمر الموصلي الجميل، هذا المذبح الذي كان يقام عليه قداس الاحد والاعياد والمناسبات ويبقى المذبح الكبير للمناسبات الكبرى فقط.
في موخرة الكنيسة البيم( Bema ) او المصطبة التي كان يقام عليها قديما القسم الاول من القداس ليتاح لجميع المومنين بنوع فعال في رتبة كلام الله. البيم الحالي هو تجديد 1968 طوله 6 أمتار وعرضه متر ونصف ويعلو عن الارض بخمس درجات تتوسطه في الجدار الخلفي حنية صغيرة جميلة النقوش وقديمة العهد . ويرتفع من كلا الجانبين عمود مثلث الاوجه مكتوب على كل وجه صلاة، الصلاة الاولى”بطرس وبولس/ومتى ومرقس/ولوقا ويوحنا/لتكن صلاتهم/سورا لانفسنا/الان وفي كل زمان” اما الصلاة الثانية”في أعلى الجلجلة /رأت الكنيسة/المسيح/فركعت وسجدت/له وأدت المجد/لمرسلهِ”
وفي أعلى جدران صحن الكنيسة( Nave) نقوش جبسية بديعة، كما نلقي في الكنيسة عدة دوائر مرمرية مزخرفة على شكل نجمات مثمنة ومثلثة الرؤؤس، تتوسطها نجمات مثمنة أخرى .
في تسعينات القرن الماضي تم بناء دار للمطرانية جديد برعاية المطران مار كوركيس كرمو(1980-1999) بعد ترك دار المطرانية القديم مقابل كنيسة مسكنة في الموصل القديمة لانها تقع في دروب ضيقة وقديمة، و نقلت ايضا جميع الخطوطات القديمة التي كانت موجودة في حوزه المطرانيه والطغراء العثمانية التي منحها السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1886 على بطريرك الكلدان مار بطرس اِيليا الثاني عشر بلوحة الختم والتوقيع السلطاني المنزل بالذهب وكذلك رسوم سلسلة البطاركة الكلدان . أجريت تغيرات كثيرة على الكنيسة منها هدم الغرف الكائنة مقابل واجهة الكنيسة وحتى برج الناقوس الذي كان قد شيد سنة1959{ 4,7 } وتم بناء برج عالي جميل ومزخرف بمنحوتات جميلة يحمل تمثال العذراء من مادة الحلان، وثبت معه جهاز كهربائي لموسيقى بدل دقات الناقوس تأذن ببد الصلاة.لذا سميت كنيسة الطاهرة بعدئذ بسلطانة دجلة لانه الكنيسة هي الاولى التي يمر بها نهردجلة منذ منبعه . كما تم تحويل المدخل الرئيس للكنيسة من الشارع الرئيس الى الفرع الجانبي وذلك لكون دار المطرانيه أخذ الموقع الامامي وشيد درج للنزول الى فناء الكنيسة الداخلي ثم الى البابان الرجالي والنسائي. كذلك أجريت تحسينات على واجهة الكنيسة بتغليفه كلها بالحلان المزخرف المنقوش، وكذلك على بيت الصلات(Betslotha) الذي كان يقام في القداس في فترة الصيف قبل دخول التبريد والتكييف.وكذلك جُمل الايوان( Ewan) باعمدة مرمرية منقوشة ومزخرفة ،الايوان يحوي على حُنية قديمة وهي قبلة المصلين صيفاًس.
بعد أحتلال داعش ( isis) وتحرير الموصل قمت بزيارة الكنيسة في 13 حزيران 2018، واطلعت على ما حدث من خراب كثير ليس في دار المطرانية فحسب بل في الكنيسة أيضا حيث فجرت معظم الاجزاء وهدمت جدران المطرانية المطله على الشارع العام، تلك الجدران المزخرفة المنقوشه من مادة الحلان الموصلي،واسقط الصليب الذي كان يعلو دار المطرانية ، واسقط تمثال العذراء من على البرج المشيد في التسعينات وقصفت قاعدته، وقُلبت قُبة المذبح الكبير راساً على عقب، واصبح فناء الكنيسة مملوء بالانقاض كما تايد أيضا من زيارة الاب جين -ماري ميريكوس( Fr.Jean-Marie Mérigoux ) في شهر نيسان 2018،{ 1 }.والذي سبق عن قدم معلومات وخارطة عامة عن موقع كنيسة الطهرة ونشرها سنة 1983.
ومن يزور الموقع حاليا سوف ينفطر قلبه حزنا وألما على ما حدث لهذا الصرح الايماني العريق والتراث المقدس والارث الديني لمدينة الموصل والبناء الرائع في تصميمه وومقرنصاته ونقوشه الغاية في الدقة والجمال على المرمر الموصلي الاصيل فهي تحف فنية رائعة النحت والنقش ولا مثيل لها في كل كنائس الموصل ، وكذلك دار المطرانية حيث نتذكر تلك الطغراء العثمانيه التي أهديت من قبل السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1886 الى ألطائفة الكلدانية والتوقيع السلطاني المنزل بالذهب ولا نعرف ما حدث لها، علاوة على مخطوطت الحوذرا القديمة(طقس الصلوات على مدار السنة) التي نقلت من كنيسة مار أشعيا الى دار المطرانية، وكذلك ذخائر القديسين الكثيرة التي كانت قد سبق أن حفظت بامان في جدران وحنيات الكنيسة في صناديق مرمرية.
________________________________________________
المصادر
.
1- In « Les chrétiens de Mossoul et leurs églises pendant la période ottomane de 1516 à 1815», Fr.Jean-Marie Mérigoux, o.p. Mossoul-Ninive, 1983, p.104
Pic : The Chaldean Al-Tahira church in Mosul. Extensive damage has been caused by ISIS and the bombing raids during the battle of Mosul. April 2018 © P. Pierre Brun Le Gouest / MESOPOTAMIA
2- حبي، يوسف”الدكتور”(1969).الدير الاعلى وكنيسة الطاهره.نبذه تاريحية.المطبعة العصرية.الموصل.
3-جولاغ، يوحنان”القس”(1983).تاريخ يوسف بوسنايا.بقلم تلميذه يوحنا بن كلدون(القرن العاشر).ترجمة وتعليق القس يوححنان جولاغ.بغداد.
4-رحيمو، الدكتور زهير ابراهيم(2015).ذكرى ناقوس من التأريخ القريب.نجم المشرق العدد 83،السنة الحاديه والعشرون(3): 288-2898.
5-الصايغ، سليمان”القس”1956. تاريخ الموصل.جز3.”نفائس الاثار”مطابع الكريم-جونيه.لبنان
6-حبي، الدكتور يوسف(1980). كنائس الموصل.مطبعة واوفسيت المشرق-بغداد .رقم الايداع في المكتبة الوطنية ببغداد 295 لسنة 1980.
7-رحيمو، الدكتور زهير أبراهيم (2018).كنائس الموصل وأديرتها …مفخرة للمسيحية.طبع على نفقة الرابطة الكلدانية في العراق والعالم. مطبعة Aquila Ink.رقم الايداع (674) لسنة 2017.
Jean-Marie Meriyoux(1983). Map of the Chaldean Al-Tahira Church in Mosul.”Less chretiens de Mossoul et Leurs eglises period Ottomane de 1516 a 1815.خارطة عامة سبق ان أعدها الاب جين ماريو سنة 1983 تبين موقع كنيسة الطاهرة.
باب النساء في كنيسة الطاهرة
قدس الاقداس المرمي في كنيسة الطاهرة
واجهة المذبح مع الشباكين في كنيسة الطاهرة
الشباك المفتوح أعلى باب المذبح الكبير في كنيسة الطاهرة وتحته الشباك الاخر
الحنية المرمرية الرابعة في كنيسة الطاهرة
تخطيط للحنية الثانية في كنيسة الطاهرة
تخطيط للحنية الرابعة في كنيسة الطاهرة
تخطيط للحنية الخامسة في كنيسة الطاهرة
تخطيط للحنية المرمرية االاولى والثالثة لكنيسة الطاهرة
صورة فوتوغرافية لعارضة التناول المرمرية لكنيسة الطاهرة
تخطيط لعارضة التناول اليمنى الكائنة على يمين المذبح لكنيسة الطاهرة
تخطيط لعارضة التناول اليسرى لكنيسة الطاهرة
صورة فوتوغرافية لعارضة التناول اليمنى لكنيسة الطاهرة
تخطيط للوجه الجانبي لعارضة التناول اليسرى لكنيسة الطاهرة
تخطيط للوجه الجانبي لعارضة التناول اليمنى لكنيسة الطاهرة
تخطيط لباب بيت الشهداء(القديسين) لكنيسة الطاهرة
تخطيط لنجمة زخرفية تزين مواضع عديدة في كنيسة الطاهرة
صورة فوتوغرافية بعدسة الكاتب تبين الناقوس وبرجه والذي دشن سنة 1959 لكنيسة الطاهرة
تمثال العذراء المرفوع على مدرج مزخرف ومنقوش في ظهر المذبح من الخارج لكنيسة الطاهرة
المذبح الجانبي الذي يتوسطه تمثال العذراء بعد تجديد1969
المذبح الجانبي بعد رفع تمثال العذراء ووضع صورة العذراء في تجديد التسعينات واكساء الجدار الخلفي بالمرمر الموصلي
الايوان بعد تجديد التسعينات وبناء دار المطرانية الجديد
البرج المرمري المشيد في تجديد التسعينات يعلوه تمثال العذراء
الباب الرئيس لدار المطرانية الجديد يعلوه الصليب المزخرف
الزاويه المزخرفة لدار المطرانية الجديدة كما تضهر من الشارع العام
دار المطرانية المهدمة بعد أحتلال داعش كما تظهر من الشارع العام
قبة المذبح المقلوبة والبرج المهدم بعد رفع تمثال الاعذراء بعد احتلال داعش لكنيسة الطاهرة
الفناء الداخلي وبيت الصلاة مملوين بالانقاض بعد أحتلال داعش لكنيسة الطاهرة
الزاوية المزركشة الجميلة لدار المطرانية وقد تهدمت بسبب داعش
البرج المهدم بعد اسقاط تمثال العذراء بسبب غزو داعش لكنيسة الطاهرة ويسارا جزء من رئاسة صحة نينوى
خراب الايوان واعمدته الجميلة المزركشة بسبب غزو داعش لكنيسة الطاهرة
الانقاظ التي تراكمت نتيجة خراب دار المطرانية بسبب غزو داعش لكنيسة الطاهرة
الانقاظ التي تناثرت من الربرج المهدم بسبب غزو داعش لكنيسة الطاهرة
البرج الذي قصف من قاعدته بسبب غزو داعش لكنيسة الطاهرة
حتى الغلاف المرمري للبرج قد سقط أجزائه نتيجة العمليات الحربية لغزو داعش لكنيسة الطاهرة
الفناء الداخلي مملوء بالانقاض وقبة المذبح مقلوبة نتيجة غزو داعش لكنيسة الطاهرة
منظر خلفي يشاهد الخراب الذي حصل لكنيسة الطاهرة وبرجها نتيجة غزو داعش
صاروخ مزروع في تربة فناء كنيسة الطاهرة نتيجة العمليات الحربية بسبب احتلال داعش
مخطط لكنيسة الطاهرة بعد تجديد 1969
اتحاد نساء بيث نهرين ينظم مخيماً تنظيمياً في سويسراً
يُعتَبَرُ الجانبُ التعليميُّ والتثقيفي، أحدَ أهم ركائز اتحادِ نساءِ “بيث نهرين”…