17/06/2021

صراعٌ وتبادلٌ للاتهامات بين أكبرِ سلطتين في لبنان

لا يزالُ اللبنانيونَ يعيشون أزماتٍ سياسيةً واقتصاديةً خانقة، بسببِ تعنتِ الأطرافِ السياسيةِ عن إيجادِ صيغةٍ مشتركةٍ حولَ حكومةٍ إنقاذيةٍ كفيلةٍ بإخراجِ البلادِ من دوامةِ الأزمات، وبهذا الصدد، أعلن الاتحادُ العماليُ في لبنان إضراباً عاماً في مختلفِ المناطقِ اللبنانيةِ يوم الخميس، ضد السلطةِ السياسية
وقال رئيسُ الاتحاد “بشارة الأسمر” إنّ الشعبَ اللبنانيَ يتعرضُ للقتلِ من دونِ رصاص، في إشارةٍ للأزمةِ الاقتصاديةِ المدمرةِ التي عصفت بغالبيةِ اللبنانيين.
وعن المشاركينَ والمتضامنينَ مع الإضراب، فقد أبدت عدةُ نقاباتٍ عن استعدادِها للالتزامِ والمشاركة، لكن الأمرَ غيرَ المنطقي وغيرَ الاعتياديَ الذي حصل والذي أثارَ موجةَ سخريةٍ بينَ الناشطينَ اللبنانيين، هو إبداءُ أحزابٍ من السلطةِ استعدادَها أيضاً للمشاركة، أي ما معناه انقلابُ السلطةِ على نفسِها، ومنها “التيارُ الوطني الحر” و”تيار المستقبل” و”حركةُ أمل” و”الحزبُ التقدميُ الاشتراكي”، الذي دعا أيضاً لتوسيعِ المشاركة في مناطقِ نفوذِه.
إلّا أنّ مشاركةَ الأحزابِ الهزلية، تحملُ مدلولاتٍ أعمقَ مما يبدو، إذ تهدفُ مشاركتُها لإبعادِ الشبهاتِ عن نفسِها، وإخلاءِ مسؤوليتِها عن الفسادِ والأزماتِ السياسيةِ الاقتصاديةِ في البلاد، وإلصاقِ التهمِ الآنفةِ الذكر بالأحزابِ الأخرى.
ومن الملفتِ والمثيرِ للاهتمام، هو أنّ تلك التطوراتِ لم تسهم في تغييرِ نهجِ السلطتين الكبريين في البلاد، ألا وهما الرئاسةُ اللبنانيةُ والبرلمان اللبناني، إذ تبادلَ كلٌ من الرئيسِ اللبناني “ميشيل عون” ورئيسِ البرلمان “نبيه بري” الاتهامات بخصوصِ تشكيلِ الحكومة، وبدأها “بري” بإصدارِ بيانٍ اتهمَ فيه “عون” باستغلالِ الدستورِ لتحقيقِ مكاسبِه الشخصيةِ واحتكارِ تعيينِ الوزراء، مضيفاً بأنّ قرارَ تعيينِ رئيسِ الوزراءِ المكلف “سعد الحريري” والتباحثَ معه حولَ تعيينِ الوزراء، هما من صلاحياتِ البرلمان، وليسَا من صلاحياتِ رئيسِ الجمهورية. ومن جانبِه ردّ “عون” بالقول، إنّ أسلوبَ “بري” في التخاطبِ غيرُ مألوفٍ في الشكلِ والمضمونِ السياسيَين، مضيفاً بأنّ الهدفَ من ذلك الخطابِ بات واضحاً، ألا وهو تعطيلُ دورِ الرئيسِ في تكوينِ السلطةِ التنفيذيةِ ومراقبةِ عملها مع السلطةِ التشريعية، وإقصائِه عن تحمل المسؤوليات التي ألقاها الدستورُ على عاتقه، واستنكر” عون” ونفى التهمَ التي وجهها إليه “بري” بخصوصِ تعيينِ الوزراء.
ويبقى السؤال هنا، هل يسعى الطرفانِ لتحقيقِ مآربِهما الشخصية؟؟ أم يسعيان لخدمةِ أجنداتٍ سياسيةٍ خارجية؟؟ وفي كلتا الحالتين النتيجةُ واحدة، وهي تعطيلُ تشكيلِ الحكومةِ ودفعُ لبنانَ أكثرَ نحو الهاوية، في طريقٍ لا رجعةَ عنه.

‫شاهد أيضًا‬

العدو

بقلم: أمين جول إسكندر | رئيس الاتحاد السرياني الماروني – طور ليفون ورئيس العلاقات الخارجية…