جلجلة شعبنا.. ومسيرته الدموية!!
منذ سقوط دولتنا الوطنية في نينوى دولة آشور عام 612 ق.م ودولة بابل عام 522ق.م، والمماليك الآرامية المتعاقبة، تعرض ويتعرض شعبنا بانتظام لسلسلة من الظلم والاضطهاد تتراوح بين جرائم الإبادة الجماعية، التطهير العرقي، الاغتصاب، سلب الأرض، التمييز العرقي والمذهبي، سلب الحقوق، وآخرها تهميش الهوية القومية والوطنية. وقد لا يحتاج المتابع الغوص في عمق التاريخ ليقرأ حجم المآسي والمظالم التي تعرض له شعبنا، وفقاً لما دونه الآباء أو ما تم كتابته وتدوينه من منصّفي كتّاب التاريخ.
حيث لو تصفحنا أوراق مؤتمر لوزان في سويسرا بتاريخ 24 تموز عام ١٩٢٣، لبان لنا حجم الظلم التاريخي الذي فرض على أبناء شعبنا الأبي، حين تم تصنيفنا بشعوب متجحفلة مع شعوب أخرى نعيش في ظلها، بعدما تم تسميتنا بالمسيحيين العرب، المسيحيين الفرس والمسيحيين الأتراك. القرار الذي بموجبه تم تحييدنا عن تاريخ الشرق الحديث. أي جعل شعبنا الرافديني العريق خارج دائرة التاريخ الحديث ونحن أبناء أقدم حضارات إنسانية عالمية وجدت في تاريخ البشرية وهي حضارات سومر وأكاد وآشور وبابل. السياسة العالمية اللاعقلانية التي حولت شعبنا إلى ضحية مزدوجة، مرة من قبل الغرب الذي كان ولا يزال يساوم ويتاجر بقضيتنا المشروعة، والمرة الأخرى من اضطهاد الشعوب الشرقية التي نعيش معها، تلك التي تعودت أن تفرغ شحنتها الانتقامية تجاهنا بين الفينة والأخرى، رغم أن معظم هذه الأوطان التي نعيش فيها أصلاً كانت أرضنا وجزء من وطننا الكبير.
وللتاريخ نكتب، أن الزواج غير الشرعي بين هذا الظلم والتهميش المفروض على رقاب أبناء شعبنا وبين استعداد الغرب للمتاجرة بوجودنا وهويتنا الوطنية، أثمر مسلسلاً دموياً يعتبر من أكبر وأخطر مؤامرات الإبادة الجماعية التي وقعت على رقاب شعب في العصر الحديث، وفي مقدمتها مذابح عام 1915 وما سبقها من مذابح واغتصاب بحق شعبنا منذ ظهور الدولة العثمانية. وفي العراق مجزرة سيميّل عام 1933. والمفارقة الكبرى أن مجزرة سيميل وقعت لأول مرة في بلد حديث التكوين كدولة خارجة تواً من الاستعمار البريطاني أولاً، وأن العراق ومنذ تشكيله عام 1921 لم يعتبر دولة في عصبة الأمم إلا عام 1932 وبعد توقيعه على شرط، أن تكون الدولة العراقية متسامحة وعادلة مع الشعب الكلداني السرياني الآشوري في العراق.
مكانة شعبنا بعد مجزرة سيميل!!
بعد مجزرة سيميّل عام 1933، أزداد البطش ضد وجود أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في نينوى، وريثة عاصمة الدولة الآشورية، رغم أن شعبنا لم يكن طرفاً في الصراع السياسي الحديث الذي تنامى بين اليسار العراقي والقوميين العرب بعد الانقلاب الجمهوري في 14 تموز عام 1958. حيث اتهم شعبنا بالشيوعية، وأصبح مشروعاً جاهزاً للقتل والتهجير والاغتصاب والاستيلاء على الممتلكات وعقارات شعبنا في الموصل، رغم وجود عدد قليل من المسيحيين ضمن التيار القومي العربي. وفي عام ١٩٦٩ وقعت مذبحة صوريا والتي قام بها الضابط العراقي المجرم عبد الكريم الجحيشي، إثر اغتياله لعشرات الأطفال والنساء والشباب والرجال في قرية صوريا، بذريعة انفجار قنبلة تحت عجلة عسكرية تبعد أكثر من خمسة كيلومترات ولم تحدث أية خسائر بشرية في صفوف الجيش. لكن الضابط حولها إلى ذريعة كافية لإشباع روح الانتقام الدموي لدى هذا النموذج العنصري الحاقد في قتل الناس وتدمير وحرق البيوت. علماً أن الكلمات الثلاث أستعارها الضابط العراقي الشوفيني من وزير الحرب العثماني (طلعت باشا)، والذي بعثها إلى محمد رشيد باشا في سبيل إبادة شعبنا عن بكرة أبيه وهي:
(احرق، دمّر، اقتل) oldur,vur,yak))
وبعد عام 2003 وانهيار النظام الدكتاتوري في بغداد، تكررت الحوادث المأساوية ضد أبناء شعبنا وفي طليعتها، حادثة تفجير حافلات أبناء بغديدا (الحمدانية) طلاب جامعة الموصل ٢/ ٥/ ٢٠١٠. ثم أعقبتها حادثة سيدة النجاة تشرين الأول ٢٠١٠ في بغداد، وجريمة التهجير القسري وإخلاء سهل نينوى وفق مسرحية سياسية تمت صياغتها لتتم تفاصيلها خلال ١٢ ساعة. واليوم جريمة عرس بغديدا الذي قدمت خلالها الضحايا قربانا لبلداتنا. هذه الجريمة الدموية التي بلغت الذروة في بشاعتها الدموية في ظل الحكومات الفاسدة التي تعاقبت على الحكم منذ عام 2003 ولحد الآن، بحيث يمكن وصف سياساتها بالشكل الآتي:
أولهما: الاستمرار بالضغط على شعبنا لاختيار طريق الهجرة وترك أرض الآباء والأجداد (هويتنا المقدسة). النهج الذي لن يحصل أبداً لأن الشعب الذي تحمل ظلم أكثر من ألفي عام وجذوره لا تزال تتعمق وتترسخ في أرض بيث نهرين لن يترك وطنه بأيادي غير أمينة ودخيلة.
ثانياً: عدم محاكمة الجهات التي تقترف الجرائم ضد أبناء شعبنا، وعدم إجبارها على الاعتذار والاعتراف بتلك الجرائم، من قبل تلك الحكومات والسلطات والميليشيات التي فعلت فعلتها اللاإنسانية في التطهير والإبادة والاعتداء والظلم، مما جعلتها تتمادى بالظلم وتستمر في سياسة القتل والموت والتهجير القسري.
ثالثاً: تغيير هوية آخر ما تبقى من ارض ميزوبوتاميا/ ما بين النهرين (بيث نهرين) بهويات غريبة أجنبية، ذلك من خلال تطبيق نهج تغيير ديموغرافية المنطقة والاستيلاء على مناطقنا وتفريغها من أصحابها الشرعيين، كما حصل ويحصل مع ممتلكات شعبنا طول العراق وعرضه. لذلك يفترض بأبناء شعبنا الصمود والصبر والتحمّل حتى النهاية، ورفض التفكير بالهجرة وترك الوطن والحفاظ على ما تبقى وأحياء الروح الوطنية والقومية لدى الأجيال القادمة.
رابعاً: استخدام شعبنا كدرع لنيل حقوق الشعوب والأقوام الأخرى والدفاع عنهم، ومنعنا قدر الإمكان من حمل السلاح للدفاع عن شعبنا وقضيته القومية المشروعة.
خامساً: اتباع سياسة التجويع تجاه شعبنا ومنعه من الحصول على الوظائف الحكومية المهمة ومضايقته عند القيام بتنفيذ مشاريع اقتصادية كبيرة وحرمانه وتسييس مهمة الحصول على لقمة العيش، رغم أن العراق يعتبر من أغنى بلدان العالم لولا سياسة الفساد التي تنخر في جسد العراق ومؤسساته.
سادساً: عدم السماح أو دعم دور النخبة من أبناء شعبنا. النهج الذي اتضحت ملامحه للقاصي والداني بعد استشهاد أمير لواء الحراسات الشهيد عامر شيتو في فاجعة عرس بغديدا الدموي. حيث لم تظهر أي معالم خاصة بحادثة فاجعة عرس بغديدا ودفنه ولم تعلق لافته واحدة من قبل قيادة الحراسات التي كان يديرها بحكمة ومصداقية وغيرة وطنية.
سابعاً: الاستمرار في المطالبة بالحكم الذاتي لشعبنا والشعوب المتعايشة معنا في سهل نينوى وفق الدستور العراقي وبالحماية الدولية بعد عجز الحكومات المتعاقبة في توفير الأمن والاستقرار والطمأنينة منذ عام 2003 ولحد اليوم.
وأخيراً وليس آخراً نقول: على قادة الأحزاب والنخبة وزعماء كنائسنا المقدسة، بضرورة توحيد جهودهم ومواقفهم تجاه من يحاول تجريدنا من أرض الآباء والأجداد وقلع جذورنا قبل فوات الأوان وتجاوز الخلافات والمماحكات المصطنعة بيننا. لأن التاريخ سيلعن كل من تآمر وخان شعبه من أجل حفنة من الدولارات. نعم هناك من يعبد المال وترك عبادة الله. فلنتوخى حذرنا جميعاً من اللعبة القذرة التي يمارسها أعداء الله أبناء الشر.
لنصلي بحرارة وإيمان مطلق، ونطلب من أصحاب الضمائر الحية من قادة كنائسنا جميعا والنخبة السياسية والحكماء من أبناء شعبنا وإيماننا الثابت والمطلق يدعونا إلى العودة إلى الله ليمد يمينه القوية ويتدخل بعد أن عجزت الذراع البشرية والعقل والحكمة الإنسانية من معالجة الأمور بعقلانية، ونطلب السلام من ملك السلام رب السماء والأرض يسوع المسيح، له كل المجد أن ينشر سلامه وأمنه الذي استحال على الإنسان نشره بمعزل عنه.
بقلم: أبلحد ساكا
يدعو سرود المقدسي من الحركة الديمقراطية الآشورية إلى إقامة إقليم حكم ذاتي لشعبنا في سهل نينوى
في جلسة استماع داخل البرلمان الأوروبي بمدينة “ستراسبورغ” الفرنسية، تحدث “…