المجلس العسكري السرياني.. 11 عام والنضال مستمر
في خضم ما عاشته سوريا من توتر وفلتان أمنيين، وتشكل المجموعة الإرهابية والتخريبية، حاملةً معها فكراً إرهابياً، مطلع العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، زادت المخاطر على الشعب السرياني الآشوري الكلداني في أرضه التاريخية.
التحديات السابقة، بالإضافة إلى انسحاب قوات النظام السوري وعدم تحملها حماية المنطقة، إلى جانب متغيرات أخرى طرأت على ملف الأزمة السورية، وكذلك تزايد التهديدات التي لحقت بالشعب السرياني الآشوري الكلداني، كل هذا أوجد فرصة تشكل النواة الأولى للمجلس العسكري السرياني بشكله الحالي، في الثامن من كانون الثاني عام ألفين وثلاثة عشر، من مجموعة من أبناء الشعب السرياني الآشوري.
الناطق الرسمي باسم قوات المجلس العسكري السرياني ماتاي حنا، وفي حديث خاص لوكالة سيرياك بريس أكد أن تشكيل المجلس كان حاجة ملحة للشعب السرياني الآشوري الكلداني، في ظل انتشار الفلتان الأمني، ما سمح لمجموعات عديدة لتبني أفكار وآيدولوجية متطرفة لتنفيذ أعمال إرهابية، زادت بدورها المخاطر التي تحيط بالشعب السرياني الآشوري الكلداني.
المجلس ومن خلال إعلان تشكيله أكد أنه أُسس لحماية الشعب السرياني الآشوري الكلداني، وصون حقوقه، والدفاع عن مقدساته من كل عابث، بالإضافة إلى مبادئ أخرى تتلخص بالدفاع عن أراضي بيث نهرين كاملة وخاصة المناطق في حوض الخابور والمدن السريانية الأخرى في كافة الجغرافية السورية، إلى جانب حماية كافة مكونات المنطقة، وسار على ذلك طيلة السنوات الأحد العشر التالية من عمره.
وأضاف حنا أن أهداف المجلس العسكري السرياني تتلخص في حماية الشعب السرياني الآشوري الكلداني ومقدساته ومكتسباته في أرض الآباء والأجداد، وكذلك حماية الشعوب المتآخية الموجودة في شمال وشرق سوريا، كالكرد والعرب والإيزيديين.
المجلس بدأ بتشكيل الأكاديميات العسكرية في القامشلي والحسكة وديريك وقبري حيووري وكذلك الرقة ودير الزور، لتتشكل الأفواج العسكرية المتطورة عسكرياً وسياسياً وفكرياً، واستقطب الشباب السرياني الآشوري الكلداني، لإظهار الصورة الحقيقة للمنطقة للعالم أجمع.
وأوضح حنا في معرض حديثه عن الذكرى الحادية عشرة لتأسيس المجلس العسكري السرياني، أنهم اكتسبوا تنظيمهم من المجلس القومي لبيث نهرين، ومن خلال السير على نهجه في الواقع، استطاع المجلس بزرع الروح الثورية في نفوس الشعب السرياني الآشوري الكلداني، لا سيما الشباب منهم، للوقوف في وجه أي عدوان يحاول المساس بمكتسباته، أو تدنيس مقدساته الدينية أو القومية.
وأضاف أن المجلس أسس مئات المراكز والأكاديميات في عموم شمال وشرق سوريا، فمن ديريك، مروراً بقبري حيووري والقامشلي والحسكة وتل تمر وكوباني وعين عيسى، وصولاً إلى دير الزور، مؤكداً أن قوات المجلس موجودة في كل مكان للدفاع عن جميع مكونات المنطقة.
وكان أحد أهداف المجلس حماية مدن وقرى حوض الخابور، والحفاظ على أمن واستقرار الشعب السرياني الآشوري الكلداني.
وحين تعرضت القرى الآشورية وتل تمر في حوض الخابور للهجوم الغادر في شباط عام ألفين وخمسة عشر، من قبل تنظيم داعش الإرهابي، كان لقوات المجلس العسكري السرياني مقاومة وبطولات يشهد لها التاريخ لتطهير أرض الآباء والأجداد من دنس الإرهاب، وسطر مقاتلو المجلس العسكري السرياني رفقة مقاتلي وحدات حماية الشعب ومقاتلات وحدات حماية المرأة صفحاتٍ في تاريخ النضال المشترك لحماية المنطقة وسكانها.
وبعد مقاومة عظيمة استمرت تسعين يوماً، تحررت أراضي حوض الخابور من الإرهابيين، وليعود إليها لونها الأخضر، بعد أن نشر التنظيم الإرهابي لون السواد فيها بعد هدمه للكنائس ونهبه المنازل.
وأسهب المسؤول العسكري الحديث حول ما حدث هناك في ذلك الوقت حين قال إن الهجوم كان مأساوياً على الشعب السرياني الآشوري المتواجد في حوض الخابور، وبلدة تل تمر، بعد تنفيذ تنظيم داعش الإرهابي بدعم من الاحتلال التركي عملية الهجوم، واختطف حينها أكثر من مئتين وخمسين شخصاً من بينهم نساء وأطفال من سكان القرى المدنيين، كما فجر الإرهابيون ثمان كنائس، وإفراغ القرى المحاذية لنهر الخابور، التي كان يقطنها الشعب السرياني الآشوري بشكل مسالم لأكثر من قرن كامل.
وأضاف، وبعد تحرير حوض الخابور الذي جاء بعد مقاومة استمرت قرابة تسعين يوماً، كان خلالها مقاتلو المجلس العسكري السرياني ومقاتلو وحدات حماية الشعب ومقاتلات وحدات حماية المرأة وقوات الصناديد مثالاً للشجاعة والتضحية.
وفيما بعد شارك المجلس بتأسيس قوات سوريا الديمقراطية، بصلاحيات واسعة بما يتوافق مع النظام الداخلي لقسد، ومحافظاً في الوقت ذاته على خصوصية المكون المسيحي، ليكمل مسيرته في حماية الشعب السرياني الآشوري الكلداني، حتى بات الضامن لوجوده في أرضه التاريخية في شمال وشرق سوريا، وكذلك حماية شعوب المنطقة من الإرهابيين ومن رعاتهم على حد سواء.
واتخذ المجلس من التنظيم والجد منهجاً لتسيير العمل بالشكل الأمثل ضمن قوات سوريا الديمقراطية، من حيث الكفاءة، والمستوى، والشكل التنظيمي والفكري، وقُسم المجلس العسكري على شكل أفواج عسكرية وقوات خاصة تساهم في العمليات النوعية ضد الإرهاب، وتتوزع ضمن عموم مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، لا سيما في الرقة ودير الزور والحسكة.
وأكد ماتاي حنا إلى وجود صعوبات وتحديات طيلة السنوات السابقة من عمر المجلس العسكري السرياني، ولعل أبرزها إعادة الشعب هيكلة نفسه وإدارة نفسه، إلى جانب المحاولات بإعادة الأمل إليه، بعد معاناته من مجازر وإبادات عديدة مثل إبادة السيفو ومجزرة سيميل، بالإضافة إلى السياسات التي حاولت كسر الشعب السرياني الآشوري الكلداني، ناهيك عن الإمكانيات القليلة والدعم المحدود لقوات المجلس العسكري السرياني، على عكس الإرهابين الذين كان يقاتلهم فكانوا مدعومين من قبل أنظمة ديكتاتورية مثل الاحتلال التركي، وغيره من الأنظمة التي كانت تدعم الأفكار والآيدولوجيات المتطرفة، مشيراً إلى دور المجلس الريادي في عدة جبهات.
وبعد ذلك شارك مقاتلو المجلس بكافة الحملات التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية ضد عناصر داعش الإرهابيين في ريف الحسكة وكذلك الرقة ودير الزور، حتى قُضي عليهم في ربيع عام ألفين وتسعة عشر.
وأشار حنا إلى مشاركة قوات المجلس في الخطوط الأمامية لعدة حملات قبل تأسيس قوات سوريا الديمقراطية كحملة تل حميس والقرى المحيطة بها، كما شارك بعد ذلك في كافة الحملات ضد الإرهاب والإرهابيين كجبهة النصرة وداعش، وتحرير عدة مناطق من الإرهاب وإعادة أهلها إليها.
وما زال المجلس ينشط وفق حنا في مكافحة الإرهاب بالتعاون مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بهدف تقويض المخططات الإرهابية والجهود الرامية لتنفيذ عمليات إرهابية، إلى جانب حماية المخيمات، ومراكز الاحتجاز.
وخلال السنوات الإحدى عشر من عمر المجلس العسكري السرياني، ارتقى العشرات من مقاتليه إلى المرتبة الأسمى في الوجود وهي مرتبة الشهادة، التي لا ينالها إلا العظماء.
وهؤلاء الشهداء ما زالوا مثالاً يُحتذى من قبل مقاتلي المجلس العسكري السرياني, يحيون ذكراهم ويجلونهم، كما أن لعائلاتهم مرتبة عليا لدى المجلس، وكذلك لدى أبناء الشعب السرياني الآشوري الكلداني.
وشدد الناطق الرسمي باسم قوات المجلس العسكري السرياني على الفضل الكبير لتضحيات الشهداء فيما وصل إليه الشعب السرياني الآشوري الكلداني من مكتسبات، مشيراً إلى أن الشعب السرياني الآشوري الكلداني والمجلس العسكري لن يقبلوا بأي نظام يسعى لارتكاب مجزرة شنيعة بحقه، ولن يقبلوا بأي نظام راديكالي يحاول تهميش الشعوب الأصيلة في المنطقة، أو إنكار وجودها، كالشعب السرياني الآشوري الكلداني كشعب لديه حضارته الخاصة به، وموروثه الثقافي وتاريخه، بالإضافة إلى قوته العسكرية، وهو قادر إلى إدارة نفسه بنفسه، والمشاركة في اتخاذ القرار.
إذاً يطفئ المجلس العسكري السرياني الشمعة الحادية عشرة من عمره، ومنذ لحظة تأسيسه، وإلى الآن كان الأمل للشعب السرياني الآشوري الكلداني، لحمايته والدفاع عنه وعن المقدسات.
مع عودة نهر الخابور، يستعيد المزارعون في شمال وشرق سوريا أراضيهم—ولكن إلى متى؟
سيرياك برس الخابور – لعقود، كان نهر الخابور شريان الحياة في شمال شرق سوريا، حيث كانت مياه…