في ذكرى تأسيسها… قوات حماية المرأة السريانية ” سوتورو ” تتعهد بالاستمرار في النضال من أجل تحرير المرأة
لعبت المرأة السريانية منذ قديم الزمان دوراً مهماً في البناء والعطاء والتضحية وحمل السلاح إلى جانب الرجل، للدفاع عن الأرض، ورفد الحضارة الإنسانية بالقيم والشهامة والمروءة، ويشهد التاريخ على مر العصور أن المرأة السريانية كانت ولاتزال مثالاً يحتذى به، حيث اعتلت عروش الإمبراطوريات بكل رصانة ومجد، وقادت الجيوش لتحقيق النصر ودفاعاً عن الأرض والحقوق.
وخير دليل على ذلك الملكة “شاميرام”، التي قادت الجيوش في كل اتجاهات الأرض، وقد وصلت فتوحاتها حتى تخوم أرمينيا شمالاً وهي من وحدت بلاد بابل وآشور، وكانت رمزاً للقوة وإرادة الحياة والشجاعة الفائقة، فذاع صيتها في الشرق والغرب، فيما حكمت الملكة السريانية زنوبيا مناطق واسعة من سويا ومصر وتركيا، وقادت الجيوش لمحاربة الإمبراطورية الرومانية والاستقلال عنها في مملكة تدمر.
للمرأة السريانية مكانة عظمية عبر مختلف العصور، وكان لها دور في بناء المجتمع وقيادته بشكل مشرق ومعطاءً، كون المجتمع السرياني من أوائل المجتمعات البشرية التي أعطت مكانة مقدسة للمرأة وأظهرتها بما قدمته من معطيات خلاقة في قيادة المجتمع وتطوره، فكانت “عشتار” التي وصلت لمرتبة الآلهة رمزاً للمرأة المبدعة فهي إلهة الحب والتجدد والخصب والمطر والزراعة والصيد والحرب، فهي القوة والجمال والعقل والابتكار وتقدم أفعالها باقتدار ونشاط وحيوية.
المرأة منذ العصور الأولى كانت تشارك الرجل في كافة الميادين، حتى في حمل السلاح والمشاركة في جميع المعارك، لكن الذهنية الذكورية هي من فرضت على المرأة مؤخراً الابتعاد عن ساحات القتال، وجعلت دورها يقتصر على نمط معين، مع أن المرأة بشكل عام دائماً ما كانت تتحمل ضعف ما يتحمله الرجل من اضطهاد وتعسف ومشقة في الحياة في ظل الحروب الإبادة والتهجير القسري كما حدث في جميع حروب العصور القديمة، وفي الحربين العالميتين الأولى والثانية في العصر الحديث، حيث كان للمرأة النصيب الأكبر من المعاناة النفسية والجسدية.
ومع اشتدّاد خطر التنظيمات الإرهابية في سوريا، نظمت المرأة السريانية نفسها في قوات حماية نساء بيث نهرين، عام ألفين وخمسة عشر، لحماية الأرض والتعبير عن الإرادة القوية للمرأة السريانية، التي حملت السلاح إلى جانب الرجل، وتخلت عن واجباتها الأسرية للدفاع عن الأرض وحقوق المرأة ضد التنظيمات الإرهابية التي اجتاحت المنطقة.
وفي مرحلة لاحقة، تم تشكيل قوات حماية المرأة السريانية ” السوتورو” وهي قوات أمنية بهدف حماية الأرض والتعبير عن الإرادة القوية للمرأة السريانية في الحياة الحرة الكريمة.
قوات حماية المرأة السريانية، ” سوتورو”، وتعني أمن المرأة باللغة السريانية، تضم المئات من النساء السُريانيات المقاتلات اللواتي حملن السلاح وتخلين عن واجباتهن الأسرية مقابل الدفاع الأرض، ضدّ التنظيمات الإرهابية التي اجتاحت عدة مناطق في سوريا والعراق.
وفي ذكرى تأسيس قوات سوتورو المرأة، قالت الإدارية في سوتورو المرأة في الحسكة ، الحورو نينورتا في تصريح لوكالة سيرياك برس، إن تشكيل وحدات حماية المرأة ” السوتورو” جاء لتقوية شخصية وإرادة المرأة وتحريرها فكرياً وجسدياً من عادات وتقاليد المجتمع الرجعية، وكسر القيود والمعوقات من أمامها وكسر الصورة النمطية عن المرأة والتي كانت متمثلة بتركيز المرأة على حياتها المجتمعية فقط وجعلها قادرة على الدفاع عن ذاتها وحماية النساء من أبناء جنسها ومساهمتها في الدفاع عن أرضها و وطنها، مشيرة إلى افتتاح مراكز وأكاديميات للوحدات في الحسكة وديرك ومختلف مناطق تواجد شعبها في إقليم شمال وشرق سوريا.
كما تهدف إلى إنعاش فلسفة حرية المرأة والمساواة بينها وبين الرجل وقدرتها على حمل السلاح دون خوف جنباً إلى جنب الرجل.
الشهيدة آلاريا بهنان يعقوب والمعروفةُ باسمِ “عشتار”، التي تمر الذكر الثالثة لاستشهادها، كانت من أوائلِ المنتسبينَ لصفوفِ قواتِ “سوتورو” المرأة، حيث انتسبت إلى صفوف القوات عام ألفين وثمانية عشر.
وكانت بحسب رفيقاتها أُماً لكلِ فتاةٍ بمفهومِ حملِ السلاحِ والدفاعِ عن أرضِ الوطنِ وعِرضِه، وتركت أثراً كبيراً في حسن المعاملة، وفتحت باستشهادها في الخامس عشر من كانون الثاني عام ألفين وواحد وعشرين، صفحةً جديدةً في تاريخِ المرأةِ السُريانية.
وحتى يومنا هذا، تواصل المرأة السريانية نضالها على كافة الأصعدة الاجتماعية والفكرية والسياسية، لتأخذ دورها الرِّيادِيَّ في المجتمع على كافَّة الصُّعُدِ، وهذا الدور تطلب منها مقاومتها للاستعباد والأجندة الرجعية التي حاولت طمس هويتها القومية وسلب حقوقها المشروعة في كافة المجالات.
مظلوم عبدي يؤكد أن اللامركزية هي الحل الأمثل لسوريا الجديدة
في ظل الحديث المتزايد حول الشكل الأنسب للحكم في سوريا عقب سقوط نظام الأسد، أكد القائد العا…