الآشوريون في قرى الخابور…..باقون رغم كلّ الظروف
في مطلع القرن الماضي، لجأ آلاف الآشوريين إلى شمالي سوريا، بعد فرارهم من الإبادة الجماعية، التي ارتكبها القوميون الأتراك بحقهم عام ألف وتسعمئة وخمسة عشر، في عهد العثمانيين، وجاء قسم آخر من العراق إلى الشمال السوري وتحديدا إلى منطقة الخابور عام ألف وتسعمئة وثلاثة وثلاثين في أعقاب مذبحة سيميل، التي دمر خلالها الجيش العراقي، أكثر من ستين قرية آشورية، وقتل ما يقارب من عشرة آلاف شخص.
شيّد الآشوريون خمسة وثلاثين قريةً وبلدة ًعلى ضفاف نهر الخابور، الذي يعتبر من أهم الأنهار في الشمال السوري ويُطلق عليه خزان الحنطة في الجزيرة، واستمد اسمه من قوة جريانه سابقاً ومعناه باللغة السريانية الحفر أو الثقب، وازدهر مجتمعهم لعدة عقود، وذاع صيته في المنطقة لغناه ببساتين الرمان وجمالية تنسيق كروم العنب فيه.
وتبلغ مساحة وادي الخابور أربعة ملايين دونم من الأراضي الزراعية، وتنتشر زراعة القمح بشكلٍ كبير في السهول الخصبة فيه، هو نهرٌ يعتبر بمثابة خزان مياه للمدنيين، فلطالما كان مصدراً للمياه ومورداً للعديد من الزراعات.
ولا يزال العنب الخابوري هو ألذ ما يمكن أن تتذوقه من الفاكهة في سوريا، وكانت قرى الآشوريين تزخر بعطاء أبناءها، إذ تخرج من هذا القرى أعداد غير قليلة من الجامعيين والأدباء والشعراء والمبدعين كان لهم دو في المجتمع السوري.
في الثالث والعشرين من شباط عام ألفين وخمسة عشر شنَّ تنظيم داعش الإرهابي هجوماً استهدف القرى الآشورية حيث سيطر التنظيم على أربعة عشر بلدة، وقتل مئات الأشخاص وفجر الكنائس واختطف نحو مئتين وخمسين شخصاً، أطلق سراحهم فيما بعد، قبل أن يتمكن مقاتلو المجلس العسكري السرياني وبالتعاون مع وحدات حماية الشعب وبغطاء جوي من التحالف الدولي من طرد التنظيم من هذه البلدات في شهر أيار من العام نفسه.
بلغ عدد الآشوريين الإجمالي في سوريا قبل بدء الحرب عام ألفين وأحد عشر، حوالي ثلاثين ألفاً، وكان عددهم في منطقة الخابور قبل هجوم التنظيم يُقدّر بنحو عشرين ألف نسمة، هاجر قسم منهم مع بداية الأزمة السورية، إلا أن الغالبية الساحقة منهم هاجرت بعد هجوم داعش على المنطقة، ولم يبق منهم إلا نحو ألف فقط في المنطقة.
بعد تحرير المنطقة من تنظيم داعش الإرهابي وعودة الأهالي إلى قراهم، برزت مشكلة موجات النازحين من المناطق التي سيطر عليها النظام التركي وفصائله الإرهابية في مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض والذين توافدوا إلى المنطقة واستقروا في القرى الآشورية، فهناك خشية من توطينهم وحدوث تغيير ديمغرافي في تلك القرى.
عضو دائرة أملاك السريان الآشوريين في تل تمر وريفها، إدمون بطرس قورياكوس قال في تصريح لوكالة سيرياك برس، إن بلدات وقرى الآشوريين في حوض الخابور تبلغ ثلاثة وثلاثين موزعة على طول ضفتي نهر الخابور، وأكبر هذ البلدات هي تل تمر وتعتبر مركز المنطقة، مشيراً إلى أن أعداد الآشوريين كانت تتجاوز العشرين ألف نسمة قبل الأزمة وقبل هجوم تنظيم داعش الإرهابي على قرى الخابور، لافتاً إلى أنه حالياً يوجد فقط قرابة ألف وثلاثمئة آشوري في كافة القرى.
وحول تواجد النازحين من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض، أوضح إدمون أنه تم استقبالهم في هذ القرى وتزويدهم بكل ما يحتاجونه، وأنه لا مشكلة في بقائهم في القرى بشكل مؤقت لكن دون توطينهم، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنهم ناشدوا دوائر الإدارة الذاتية بالعمل على إعادة النازحين أو توطينهم في مخيمات خاصة ونقلهم إليها على مراحل، بسبب الضرر الحاصل من قبل بعض النازحين، لكن دون جدوى ودون متابعة حثيثة من قبل تلك الدوائر.
وأضاف عضو دائرة الأملاك أنهم باتوا يشعرون وكأنهم غرباء في ديارهم، نتيجة تصرفات بعض النازحين التي وصلت إلى حدّ السرقة والإساءة بحقهم، والاعتداءات على ممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية، ورفضهم الخروج من بعض المنازل، داعياً كافة الجهات المحلية والمنظمات الدولية للعمل على حل مشكلة النازحين في القرى الآشورية، عبر نقلهم للمخيمات.
بدوره، قال جميل دانيال عضو الحزب الآشوري الديمقراطي فرع سوريا، في تصريح للوكالة إن وجود النازحين واللاجئين في القرى الآشورية هو السبب الرئيسي لعدم عودة المهاجرين الآشوريين من الخارج، داعياً الجهات المحلية والدولية إلى إخراج النازحين ووضعهم في مخيمات مخصصة لهم، معتبراً أنّ ما يجري هو تغيير ديمغرافي لقرى الخابور، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الإجراءات القانونية عبر المحاكم المحلية تأخذ وقتاً طويلاً ودون نتيجة.
مؤسسات مجلس بيث نهرين القومي في القامشلي تستذكر الشهيدة نورا حنا
مع مرورِ عامٍ على استشهادِ المسؤولة في حزب الاتحاد السرياني “نورا حنا”، استذكر…