سعيد ملكي.. الغائب جسداً والحاضر فكراً
تحل اليوم الذكرى السنوية الحادية عشرة على اعتقال مسؤول الملف السوري لمجلس بيث نهرين القومي، حنا سعيد ملكي، وذلك في مطار القامشلي، أثناء أداءه لمهامه المنوطة به من قبل الحزب للعمل على تنظيم الشعب السرياني الآشوري الكلداني من أبناء كنيسة السريان الملكيين في منطقة وادي النصارى بريف حمص وسط سوريا.
حنا سعيد ملكي، أو سعيد ملكي كما يعرف بين أصدقاءه في النضال، وُلد في التاسع من نيسان عام ألف وتسعمئة وستين في مدينة الحسكة، وبات يتيماً في الثالثة من عمره عقب وفاة والده، ليبقى مع شقيقته تيودورا ووالدته نفوك كوشار، قبل أن ينزحوا وهو في الثامنة من عمره إلى منطقة طور عبدين جنوب شرقي تركيا.
ونزح ملكي مرة أخرى عام ألف وتسعمئة وثمانية وستين وهذه المرة نحو إسطنبول، لتهاجر والدته بعد ذلك بسنوات نحو سويسرا على أمل البحث عن مستقبل أفضل لأطفالها، ليعود ملكي وشقيقته إلى مدينة مديات حيث منزل جدهما هناك.
لم يبق ملكي كثيراً في بيت جده، ليلتحق بوالدته في سويسرا، إذ بدأ الدارسة في مدرسة لتعلم تقنيات السيارات، وعمل في هذا المجال، وفي عام ألف وتسعمئة وثمانين، تزوج بالسيدة كَوله كوشار، وفي العام ألف وتسعمئة وأربعة وثمانين، التحق بالخدمة العسكرية في تركيا، كي لا تنقطع صلته بوطنه، فضلاً عن خيار العودة الذي كان يراوده دوماً.
محبة ملكي لوطنه وشعبه، دفعتاه للانخراط في الأنشطة الثقافية التي كانت تُنظم في النوادي في مدينة لوكارنو بسويسرا، وكان معروف عنه مساهمته المادية والمعنوية لمساعدة أبناء الشعب السرياني الآشوري الكلداني.
سعيد ملكي كان شخصاً محبوباً، ويحظى بالتقدير والوقار من الوسط المحيط به، وكان نعم الصديق وباب قلبه وبيته مشرعان لأبناء شعبِه، وبفضل خصاله المتميزة، كان يجمع الشبيبة من حوله، ويكسب احترام الكبار أيضاً.
وبعد سنوات، وتحديداً عام ألف وتسعمئة وتسعين، زار ملكي طور عبدين مجدداً، ليلتقي بالممثلين الأوائل لحركة الدورونويه، ولأنه كان شخصاً يبحث عن أشياء تبدو له ناقصة، تأثر بفكر وعمل الدورونويه، لا سيما وأنهم كانوا يساعدون المحتاجين وكبارَ السن، ويرفضون الضغوطات الممارسة من قبل الدولة، فضلاً عن الصداقة القوية التي كانت تجمعهم.
وما هي إلا أربع سنوات، أي عام ألف وتسعمئة وأربعة وتسعين، ومع توسع نشاط الدورونويه في أوروبا، إلا وكان ملكي قد انخرط وبشكل فاعل في العمل لقومي، وبعد عام بات كادراً محترفاً في المسيرة النضالية، وبهذا الشكل سعيد ملكي الذي كان أب لثلاثة أولاد، قدم نفسه قرباناً لشعبه.
وهكذا دأب ملكي على العمل في مناطق وأقاليم متعددة، في مجال العمل القومي بين أوساط الشعب السرياني الآشوري الكلداني، متقلداً عدة مناصب خلال سنوات مسيرته.
في العام ألفين وواحد، أنيطت بملكي مهام في الوطن، وقاد سلسلة من الأنشطة في الساحة السورية، إذ ترأس الجمعية الثقافية السريانية في سوريا، وكمسؤول عن الملف السوري، نشط في المجال السياسي والتنظيمي والثقافي.
ومع انطلاق الحراك السوري عام ألفين وأحد عشر، عمل ملكي دون كلل أو ملل وبذل أقصى الجهود كي يستعيد الشعب السرياني الآشوري الكلداني حقوقه المشروعة، وفي سبيل ذلك كان ملكي حاضراً في معظم الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات ممثلاً عن الشعب السرياني الآشوري الكلداني.
وإلى جانب نشاطاته السابقة كان لملكي الدور البارز في تأسيس المجلس العسكري السرياني، وكذلك قوات الأمن السريانية السوتورو، وهاتين القوتين كانتا الدرع الحامي للشعب السرياني الآشوري الكلداني.
نشاط ملكي المستمر، وإيمانه بقضايا شعبه، جعلته في مرمى النظام السوري لأنه بات يشكل خطراً عليه، فحاك مع حلفائه مؤامرة لأسره، لا سيما وأنه كان الناصح لأبناء الشعب السرياني الآشوري الكلداني بضرورة أن تكون له إرادة حرة ومستقلة.
ومع اعتقال ملكي في مطار القامشلي يوم الثاني عشر من شهر آب عام ألفين وثلاثة عشر، لا توجد أي معلومات عن مصيره، إذ غيبه النظام السوري، ورغم كل الجهود المبذولة من قبل مجلس بيث نهرين القومي على فتح كل أشكال قنواتِ الاتصال، من أجل معرفة مصيره، إلا أنه لم يصل إلى أي نتيجة.
رُفعت قضية ملكي إلى مجالس ومنظمات حقوق الإنسان، وأقيمت العديدِ من الأنشطة الدبلوماسية في بلدان متعددة في سوريا وروسيا وفي الولاياتِ المتحدة الأمريكية ودول عديدة في أوروبا، في سبيل الكشف عن مصيره.
ويصر مجلس بيث نهرين القومي وبإرادة كاملة على المضي في النضال إلى أن يُكشف عن مصير ملكي، علماً بأن النضال المبذول من أجل حرية القيادي حنا سعيد ملكي يمثل جزءاً من النضال من أجل نصرة قضية الشعب السرياني الآشوري الكلداني.
في مسيرته النضالية، كان سعيد ملكي يعمل دوماً على تجسيد عقيدة وأيديولوجية مجلس بيث نهرين القومي، وفي نشاطه كان يُحتذى به في مدى إخلاصه لقيادة المجلس، وكان مؤمناً بنفسه وبقضيته، مدافعاً عن حقوق شعبه، ورافضاً للتمييز، وكان يتحلى بالشجاعة والخطاب القوي.
هذا المناضلُ الثوري الكبير الذي شارك بمشاعر قومية وقادة في مسيرة النضال التحرري الشعبي، واجه تحديات كبيرة ولاقى مصاعب كثيرة في الحياة، وناضل لسنين طويلة ككادر قيادي سواء في الوطن أو في المهجر من أجل حرية الشعب السرياني الآشوري الكلداني وكرامته واستحصال حقوقه الوطنية والقومية، حيث ناضل بتضحية وبإرادة كاملة منذ اليوم الأول وحتى أسره من قبل النظام السوري.
خلال العرض الأول “للحياة نغني”.. كبرئيل شمعون يعبر عن تقديره للأعمال الفنية
خلال العرض الأول لفيديو كليب “للحياة نغني”، أعرب “غبرئيل شمعون” نا…