هيئة تحرير الشام وآليات الأمن: استقرار للمسيحيين أم تهديد للحريات؟
دارمسوق (دمشق)- سيرياك برس
رؤية متناقضة للأمن في المناطق المسيحية
مع بسط هيئة تحرير الشام سيطرتها كقوة رئيسية في سوريا، طرحت آليات أمنية جديدة هدفها المعلن تعزيز الاستقرار. ولكن في الأحياء المسيحية، تتباين المشاعر بين الترحيب الحذر والقلق المتزايد، حيث تتعارض وعود الهيئة مع الواقع على الأرض. فيما يلي تقريرٌ لسيرياك برس حول هذا الموضوع.
التطمينات الأمنية: وعود لا تطابق الواقع
تصر هيئة تحرير الشام على شمول سياساتها الأمنية للجميع، بمن فيهم المسيحيون. يقول أبو خالد، أحد قادة الجهاز الأمني: “هدفنا حماية كل المكونات وضمان أمنهم، دون تمييز.”
ومع ذلك، تظهر الحوادث الأخيرة تناقضاً بين هذه التطمينات والواقع. ففي حي القصاع، دخل شخصان مسلحان إلى الحي وأثارا الذعر بين الناس، داعين الفتيات المسيحيات إلى اعتناق الإسلام وارتداء الحجاب. الحادثة لم تتبعها أي إجراءات رادعة إلا في وقت متأخر، مما زاد من شعور المسيحيين بانعدام الحماية. مما دفعهم للخروج في مظاهرات رافعين شعارات انهم مستعدون للتضحية بأنفسهم لحماية مناطقهم.
حوادث في باب توما وكشكول: الأمن المشوه
في حي باب توما، الذي يعد قلب المجتمع المسيحي في دمشق، قام مسلحون ملتحون بالتهجم على مجموعة من الشبان المسيحيين الذين كانوا يقومون بجولات لحماية منطقتهم من السرقات. يقول سامي نعوم، أحد سكان الحي: “لا نحتاج إلى هذه الجولات لولا غياب الأمن الحقيقي. للأسف، بدلاً من دعمنا، تعرضنا للاعتداء.”
مشهد مشابه حدث في كشكول، حيث تعرض شبان مسيحيون ودروز لاعتداءات من قبل أفراد محسوبين على الهيئة أثناء محاولتهم حماية أحيائهم. يضيف، أحد سكان كشكول: “نحن نبذل جهدنا لحماية أنفسنا، لكننا نتعرض للهجوم من أولئك الذين يُفترض أنهم يحموننا.”
محاولات فرض الثقافة: المنشورات والملصقات
لم تقتصر المشكلات على الحوادث الأمنية المباشرة، بل امتدت إلى محاولات تغيير هوية المناطق المسيحية. ففي أحياء مثل القصاع وباب شرقي، تم توزيع منشورات تدعو النساء إلى ارتداء “اللباس الشرعي”، بما في ذلك النقاب، ما أثار استياءً واسعًا في أوساط المجتمع المسيحي.
تقول هالة يوسف، معلمة في باب شرقي: “نشعر أن وجودنا مستهدف، فبعد أن كنا نعيش بسلام، نجد أنفسنا اليوم مضطرين للدفاع عن حرياتنا.”
ما بين الأمن والحقوق: مطالب المجتمع المسيحي
تحتاج هيئة تحرير الشام إلى اتخاذ خطوات جادة إذا أرادت كسب ثقة المجتمع المسيحي. يرى الحقوقي كميل بغدي أن الهيئة تحتاج إلى حوار حقيقي مع جميع المكونات لضمان تمثيلهم في صنع القرار الأمني وتقديم ضمانات فعلية تحميهم من التمييز.
“الأمن الحقيقي لا يتحقق بفرض القوانين فقط، بل بضمان حرية الجميع واحترام تنوعهم.”
اختبار حقيقي للهيئة: كسب الثقة أم تعميق الانقسامات؟
تقف هيئة تحرير الشام أمام تحدٍ كبير في تحقيق التوازن بين فرض الأمن واحترام حقوق مكونات الشعب السوري. نجاحها يعتمد على استبدال التطمينات العامة بخطوات ملموسة تحترم خصوصية المجتمعات المختلفة، لا سيما المسيحيين، الذين أصبحوا يشعرون أن وجودهم وهويتهم في خطر.
مؤسسات مجلس بيث نهرين القومي تشارك في إحياء ذكرى “اليوم الأسود” في مقاطعة الجزيرة
القامشلي – الحسكة – سيرياك برس شهدت مدن وبلدات إقليم شمال وشرق سوريا إحياء الذكرى السنوية …