الأسواق السورية: وفرة السلع وأزمة القدرة الشرائية تضرب الأحياء المسيحية في دمشق
دمشق-سيرياك برس
أسواق ممتلئة وجيوب فارغة في قلب الأحياء المسيحية
تشهد الأسواق في الأحياء المسيحية بدمشق، مثل باب توما والقصاع والدويلعة، تناقضاً صارخاً. فبينما تمتلئ المتاجر بالسلع والمنتجات، تعاني معظم العائلات المسيحية من عجز حاد في القدرة الشرائية، مما جعل زيارة السوق أشبه بنزهة في متحف، كما يصفها البعض. تقريرٌ مفصل أعده مراسل سيرياك برس في دمشق.
عهد النظام السابق: ندرة وأزمات متلاحقة
خلال حكم النظام السابق، كانت الأحياء المسيحية مثل غيرها تعاني من نقص حاد في السلع الأساسية. كان الحصول على الخبز أو الوقود يتطلب الانتظار لساعات طويلة، وكان كثير من السلع متوفراً فقط في السوق السوداء بأسعار تفوق قدرة المواطن العادي.
“في عام 2013، كان مجرد الحصول على لتر من الوقود أمراً صعباً للغاية، “يقول داني جورج، أحد سكان حي باب توما القادمين من وادي النصارى. ويضيف: “لم تكن المشكلة المال فقط، بل ندرة السلع وشح الموارد.”
الواقع الجديد: وفرة دون جدوى
اليوم، أصبحت الأسواق في دمشق مليئة بالسلع من كل نوع؛ الفواكه الطازجة، اللحوم، الأجهزة الكهربائية وغيرها. لكن انهيار الليرة السورية جعل الشراء أمراً شبه مستحيل. متوسط دخل الفرد لا يتجاوز 150 ألف ليرة شهرياً، بينما تحتاج الأسرة إلى أكثر من مليون ليرة لتلبية احتياجاتها الأساسية.
تقول هالة سركيس، وهي موظفة حكومية من سكان حي القصاع: “أذهب للسوق فقط لأنظر إلى الأشياء، لا أستطيع شراء شيء. أصبحنا مجرد متفرجين.”
أما أندريه نقولا، أحد سكان حي الدويلعة القادمين من السويداء، فيقول: “حتى الأطعمة التي كانت تعدّ أساسية أصبحت من الكماليات. كيلو اللحم أو الفاكهة الفاخرة باتت بعيدة عن متناول معظم الأسر.”
التضخم يفاقم الأزمات
فقدت الليرة السورية قيمتها بشكل كبير منذ بداية الصراع، مما أدى إلى تضخم هائل جعل من الصعب على المسيحيين في دمشق، مثل غيرهم، تلبية احتياجاتهم. ويشير تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي إلى أن 12 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، رغم وفرة السلع في الأسواق.
دور الكنائس ومسؤولياتها تجاه العائلات المسيحية
يشير داني جورج إلى تقصير الكنائس في دعم العائلات المسيحية التي تعيش في هذه الظروف القاسية. يقول داني: “الكنائس لها دور روحي كبير، لكن ماذا عن الدور الاجتماعي؟ هناك عائلات مسيحية بحاجة إلى مساعدات حقيقية، وليس فقط دعوات للصلاة.”
ويضيف: “لا يمكن للكنائس أن تظل بعيدة عن واقع الناس. الدعم يجب أن يكون ملموساً، سواء بتقديم المساعدات المالية أو الغذائية، أو حتى بتوفير منح دراسية لأبناء العائلات المتضررة.”
الآراء الاقتصادية: كيف نخرج من الأزمة؟
يرى خبراء الاقتصاد أن الحل يكمن في دعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، مع التركيز على خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج المحلي. يقول الدكتور كمال ديب، أستاذ الاقتصاد: “إذا استمرت البلاد في هذا الوضع دون إصلاحات جذرية، ستظل الأسواق ممتلئة ولكن دون مشترين. يجب أن تكون هناك خطط استراتيجية طويلة المدى لتحسين الاقتصاد.”
الأحياء المسيحية تواجه معضلة صعبة
الأحياء المسيحية في دمشق تعكس صورة مصغرة لتناقضات الواقع السوري الجديد. وفرة في السلع يقابلها عجز في القدرة الشرائية، مما يجعل الحياة اليومية تحدياً مستمراً. الحل يتطلب دعمًا دولياً، إلى جانب دور أكبر للكنائس والمؤسسات المحلية في مساعدة العائلات المتضررة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
حزب الاتحاد السرياني يستنكر تشكيلة اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا
بيث زالين– قامشلي – سيرياك برس استنكر حزب الاتحاد السرياني تشكيلة اللجنة التحضيرية لمؤتمر …