أزمة إنسانية تلوح في الأفق.. مخيم الهول يواجه مستقبلاً غامضاً بعد توقف الدعم الأميركي
تقرير خاص لوكالة سيرياك برس
مخيم الهول-الحسكة- شمال شرق سوريا
يواجه مخيم الهول، الذي يعد من أكبر المخيمات في شمال وشرق سوريا، تحديات متزايدة بعد قرار وزارة الخارجية الأميركية بوقف الدعم المالي للمخيمات في المنطقة. وقد انعكس هذا القرار سلباً على أوضاع القاطنين، مما أدى إلى توقف عدد من المنظمات الإنسانية عن تقديم خدماتها، وتراجع حاد في الأنشطة الإغاثية داخل المخيم.
في مقابلة حصرية مع وكالة سرياك برس، تحدثت جيهان حنَّان، المسؤولة في إدارة مخيم الهول، عن التداعيات الخطيرة لهذا القرار، مؤكدةً أن “تأثير قرار إيقاف الدعم من الخارجية الأميركية كان سلبيًا جداً على مخيم الهول، لأن الخارجية الأميركية كانت تقدم الخدمات الأساسية”. وأوضحت أن نتيجة لهذا القرار، “تم توقيف عدد من المنظمات والأنشطة في المخيم، لكننا استطعنا مؤخراً الحصول على استثناءات لمدة معينة. ومع ذلك، لا ندري ماذا سيحصل بعد انتهاء مدة الاستثناءات”.
استثناءات محدودة واستمرار التحديات
بحسب حنَّان، فإن الاستثناءات التي حصلت عليها بعض المنظمات، مثل منظمة بلومونت، اقتصرت على الخدمات الأساسية كالمياه والخبز والصرف الصحي، بينما لم تحصل المنظمات المعنية بأنشطة الحماية على أي استثناءات، مما يعرض الفئات الأكثر ضعفاً، كالنساء والأطفال، لمخاطر متزايدة.
وأكدت حنَّان أن الصورة المستقبلية “ليست واضحة”، لكنها تأمل في “استرجاع الدعم لكي تستطيع إدارة المخيم إكمال تقديم الخدمات، وتمكين المنظمات والشركاء العاملين في القطاع الإنساني من الاستمرار في العمل وتقديم المساعدات”.
مخاوف من انهيار الوضع الإنساني والأمني
المخاوف لا تتعلق فقط بالخدمات الأساسية، بل تمتد إلى الجانب الأمني داخل المخيم، حيث أوضحت حنان أن “الوضع سوف يكون كارثياً في حال توقف الدعم بالكامل، لأن مخيم الهول يعد مخيماً مغلقاً، وأغلب سكانه من النساء والأطفال الذين لا يسمح لهم بالخروج إلى الأسواق الخارجية. وبالتالي، لن يكون بمقدورهم سد النقص الناتج عن توقف الدعم في احتياجاتهم”.
وأضافت حنَّان أن “أغلبية سكان مخيم الهول قدموا من الباغوز، وهم من عوائل تنظيم الدولة” على حد وصفها، “ولذلك لا مفر من حقيقة أن التأثير على الوضع المعيشي سوف يؤثر حتماً على الوضع الأمني داخل المخيم”. هذه التصريحات تعكس قلقاً متزايداً من أن يؤدي نقص المساعدات إلى تصاعد التوترات داخل المخيم، مما قد يخلق بيئة خصبة لعودة التطرف والعنف.
نداء عاجل إلى المجتمع الدولي
في ظل هذه الظروف، تواصل إدارة مخيم الهول جهودها لإعادة الدعم الدولي، معتبرةً أن استمرار المساعدات الإنسانية ضروري لمنع تفاقم الأزمة. وختمت حنَّان حديثها بمناشدة “جميع الجهات الإنسانية والحكومات والتحالف الدولي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية”، مؤكدةً أنهم شركاء في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي وشركاء أيضاً في مخيم الهول. وشددت على ضرورة أن يكون هؤلاء الشركاء “على دراية بمخيم الهول، وخصوصاً الكارثة المحتملة التي ستصاحب توقيف الدعم”.
مستقبل مخيم الهول.. أزمة تتجاوز الحدود
مع استمرار حالة عدم اليقين، يبقى السؤال الأساسي أن ما الذي سيحدث بعد انتهاء فترة الاستثناءات الحالية؟ هل سيتمكن المجتمع الدولي من إيجاد حلول مستدامة للحفاظ على استقرار المخيم، أم أن وقف الدعم سيكون بداية لفصل جديد من الأزمات الإنسانية والأمنية في المنطقة؟
تشير الوقائع إلى أن غياب الدعم الدولي لن يؤثر فقط على سكان المخيم، بل سيمتد تأثيره إلى المجتمع المحلي وإلى الجهود الدولية الرامية لمنع ظهور موجات جديدة من التطرف. فالمخيم، الذي يضم الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم داعش الارهابي، يشكل قنبلة موقوتة إذا لم يتم التعامل مع وضعه بشكل مدروس.
إن تجاهل الأزمة قد يؤدي إلى تفكك النظام الإداري في المخيم، مما يخلق فراغاً تستغله الجماعات المتطرفة لإعادة تنظيم نفسها. ومع تزايد التوترات الداخلية وتفاقم الأزمة الإنسانية، قد يصبح المخيم بيئة خصبة لتجنيد عناصر جديدة، خاصة بين الأطفال الذين ولدوا في ظل هذه الظروف القاسية.
من جهة أخرى، فإن أي انهيار في مخيم الهول قد ينعكس على استقرار المنطقة بأكملها. فإدارة المخيم لطالما شكلت تحدياً معقداً للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا وللتحالف الدولي، وأي تراجع في السيطرة على الأوضاع قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة، وتفاقم التهديدات الأمنية داخل الإقليم وخارجه.
فمستقبل مخيم الهول لا يخص سكانه فحسب، بل هو ملف إقليمي ودولي يجب التعامل معه بجدية. حيث أن الحلول الجزئية أو المؤقتة لن تكون كافية، بل المطلوب هو خطة شاملة تتضمن إعادة تأهيل النازحين، وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية، مع توفير ضمانات أمنية وإنسانية تحمي الجميع.
حتى ذلك الحين، يبقى مصير آلاف الأشخاص في المخيم معلقاً بين قرارات الدول الكبرى، وواقع إنساني وأمني يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
مركز الدراسات الاستراتيجية السريانية ينظم منتدى حوارياً حول ضحايا إبادة الخابور
الخابور – تل تمر – شمال وشرق سوريا – بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات الت…