الرحلة الواحد والعشرون من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة
تقرير خاص لوكالة سيرياك برس
مخيم الهول-الحسكة- شمال شرق سوريا
شهد مخيم الهول في شمال شرق سوريا، يوم الأحد التاسع من شباط الجاري، التجهيز لترحيل دفعة جديدة من اللاجئين العراقيين إلى مخيم الجدعة في محافظة الموصل بالعراق. الرحلة الحالية هي الرحلة رقم واحد وعشرون منذ بدء عمليات الترحيل في عام ألفين وواحدٍ وعشرين، حيث من المتوقع أن تشمل مئة وخمسة وخمسين عائلة، بما يعادل خمسمئة وتسعة وستين شخصاً، وفقاً للجهات المسؤولة عن إدارة المخيمات.
رحلات العودة بالأرقام
عدد الرحلات: حتى التاسع من شهر شباط لعام ألفين وخمسة وعشرين، تم تسيير واحد وعشرين رحلة لإعادة اللاجئين العراقيين من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة.
عدد العائلات والأفراد: تم نقل إجمالي ألفين وثمانمئة وستين عائلة، بما يعادل نحو أحد عشر ألفاً وأربعمئة شخص حتى الآن.
عدد اللاجئين المتبقين: يُقدر عدد اللاجئين العراقيين الذين لا يزالون في مخيم الهول بحوالي خمسة عشر ألف شخص.
خطة الإعادة المستقبلية: من المتوقع أن يتم تسيير رحلتين شهرياً لإعادة اللاجئين العراقيين المتبقين إلى العراق، بهدف إفراغ المخيم من العراقيين بحلول عام ألفين وسبعةٍ وعشرين.
رحلات العودة.. مسار طويل منذ 2021
بدأت عمليات إعادة اللاجئين العراقيين من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في عام ألفين وواحد وعشرين، في إطار اتفاق بين الحكومة العراقية والإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا. جاءت هذه الجهود بعد ضغوط محلية ودولية لمعالجة أزمة آلاف العراقيين العالقين في المخيم، خاصة مع التحديات الأمنية والإنسانية التي يواجهونها.
يقع مخيم الجدعة جنوب الموصل، وتم تخصيصه لاستقبال العائدين من سوريا بهدف إعادة تأهيلهم قبل دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية. وقد شملت الرحلات السابقة نقل آلاف الأشخاص، وسط خطط عراقية لتسريع وتيرة الترحيل في ظل الضغوط الدولية لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة.
لقاءات خاصة مع اللاجئين
في لقاءٍ خاصٍ مع وكالة “سيرياك برس”، تحدث شكري الحجي، إداري في مخيم الهول، عن سير عملية الترحيل. وقال: “منذ مطلع العام ألفين وخمسة وعشرين خرجت أربع رحلات من مخيم الهول، وهذه هي الرحلة رقم واحد وعشرون التي تخرج من المخيم إلى مخيم الجدعة في محافظة الموصل”. وأضاف الحجي: “العمل جارٍ على إخراج بقية العوائل العراقية الراغبة في العودة من مخيم الهول”.
لاجئ من تكريت
أحمد عبدالله فرحان صالح، أحد اللاجئين من محافظة صلاح الدين–تكريت والذي يقيم في المخيم منذ عام ألفين وتسعة عشر، تحدث عن معاناته في المخيم. وقال: “أكبر معاناتي كانت في فصل الشتاء عندما كانت الخيمة التي أسكن فيها لا تحمي من الأمطار الغزيرة”. وأضاف أحمد قائلاً: “لقد عشت خمس سنوات في انتظار الرحلات، وكلها معاناة لن يشهدها أحد غيرنا”.
وأشار أحمد إلى أنه في عام ألفين وعشرين استطاع إخراج زوجته وطفليه من المخيم، لكنه بقي مع أفراد آخرين من عائلته الذين لم يستطيعوا الخروج. وقد عبر عن سعادته لكونه بين الأشخاص الذين سيعودون في هذه الرحلة، قائلاً: “وأخيراً جاء اليوم الذي سأعود فيه إلى أهلي”.
أحمد، الذي اضُطر لمغادرة منزله في تكريت قبل عشرة سنوات بسبب الأوضاع الأمنية التي خلفها تنظيم داعش الإرهابي في صلاح الدين، عبّر عن مشاعر الارتياح والفرح بعد سنوات من المعاناة.
التحديات والمخاوف
رغم استمرار عمليات النقل، لا تزال هناك مخاوف تتعلق باندماج العائدين في مجتمعاتهم، خاصةً أولئك الذين قد يواجهون اتهامات بالتورط مع تنظيم داعش الإرهابي أو الانتماء إلى عائلات مقاتليه. وقد أثارت عودة بعض العائلات قلق المجتمعات المحلية في العراق، وسط دعوات لتعزيز برامج إعادة التأهيل وضمان استقرار العائدين.
من جهة أخرى، تعاني المخيمات من أوضاع إنسانية صعبة، مع نقص الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات العنف الداخلي، مما يزيد من الحاجة إلى إيجاد حلول دائمة سواء عبر إعادة التوطين أو دمج العائدين في مجتمعاتهم الأصلية.
المستقبل.. تسريع عمليات الإعادة
تسعى الحكومة العراقية إلى إعادة جميع مواطنيها من مخيم الهول خلال الأشهر القادمة، في ظل تعاون مستمر مع الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا. ومع استمرار التحديات الأمنية واللوجستية، تبقى مسألة إعادة دمج العائدين وتأمين مستقبل مستقر لهم أحد أهم الملفات التي تواجه السلطات العراقية في الفترة المقبلة.
التحديات الجديدة.. توقف الدعم الأمريكي للمخيمات
ومع تقدم عمليات الترحيل، ظهرت تحديات جديدة قد تؤثر بشكل كبير على استقرار مخيم الهول. حيث تم تداول تقارير حول احتمال توقف الدعم الأمريكي للمخيمات في شمال و شرق سوريا، في خطوة قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المنطقة. هذا التوقف المحتمل يأتي في وقت حساس للغاية، حيث يعتمد العديد من سكان المخيمات على الدعم الدولي للعيش وسط الظروف الصعبة.
يتخوف السكان وإدارة المخيم، على حد سواء، من أن توقف الدعم الأمريكي قد يؤدي إلى زيادة المعاناة داخل المخيمات، حيث لا تزال العديد من الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، تعتمد على المساعدات الدولية. كما أن الوضع الأمني بما بتعلق بمخاوف من استغلال الخلايا النائمة لداعش لهذا الفراغ قد يتفاقم في حال تقليص هذا الدعم، مما يترك الكثير من اللاجئين في حالة من القلق وعدم اليقين بشأن مستقبلهم.
في هذا السياق، يتزايد القلق بين اللاجئين والمجتمع المحلي حول ما إذا كان سيتمكنون من تأمين احتياجاتهم الأساسية في ظل هذا التغيير في الدعم الخارجي. كما يتساءل البعض عن مدى استعداد الحكومة العراقية أو امكانية الإدارة الذاتية في إقليم شمال و شرق سوريا لتحمل العبء الكامل للدعم وإعادة التأهيل و تأمين خدمات المخيم في حال انسحاب الدعم الدولي.
مع هذه التحديات الجديدة، يبقى المستقبل غامضاً للعديد من اللاجئين العراقيين في مخيم الهول. إلا أن التحركات الحالية للادارة الذاتية الديموقراطية لإقليم شمال و شرق سوريا، تسعى إلى إيجاد حلول مستدامة لمشاكلهم، في الوقت الذي يظل فيه الأمل في إعادة بناء حياتهم في بلادهم قائمًا رغم الصعوبات والمعوقات التي يواجهونها.
مركز الدراسات الاستراتيجية السريانية ينظم منتدى حوارياً حول ضحايا إبادة الخابور
الخابور – تل تمر – شمال وشرق سوريا – بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات الت…