الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم.. ندوة في زالين تسلط الضوء على اللغة السريانية وتحدياتها

زالين/القامشلي- سيرياك برس

في احتفال يعكس أهمية الحفاظ على الإرث الثقافي واللغوي، نظّمت مؤسسة “أولف تاو” لتعليم اللغة السريانية بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية السريانية ندوة علمية وثقافية بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم. الحدث الذي أقيم في زالين/القامشلي، تضمن العديد من الفقرات المتميزة، والتي سعت إلى إبراز مكانة اللغة السريانية وتعزيز حضورها بين مختلف المكونات في المنطقة.

برنامج متنوع احتفاءً باللغة السريانية

افتتحت الفعالية بدقيقة صمت تكريمًا للشهداء، أعقبها تقديم بحث علمي من قبل الباحث السرياني جاك كريم من مركز الدراسات السريانية والذي تناول فيه أهمية اللغة السريانية، حضورها التاريخي، والتحديات التي تواجهها في العصر الحديث. بعد ذلك، أُلقيت قصائد شعرية باللغة السريانية، أبرزها مشاركة لطفل من المكون العربي ألقى شعراً بالسريانية، مما يعكس انتشار هذه اللغة بين مختلف المكونات.

كما شملت الفعالية فقرة استثنائية لمعلمتين من أصول عربية وكردية، واللتين تمكنتا من تعلم اللغة السريانية وأصبحتا تدرّسانها في مركز اللغة السريانية، في تجربة فريدة تعكس اندماج الثقافات وتبادل المعارف. وقدمت فرقة الجمعية الثقافية السريانية الذي قدمت عروض ورقصات فلكلورية من التراث السرياني، قبل أن تختتم الندوة بكلمة الإدارية ومسؤولة فرعية زالين/القامشلي لمؤسسة “أولف تاو” جوزفين صومي.

صومي.. ضرورة الاحتفال باللغة السريانية يومياً

في تصريح خاص لـ سيرياك برس، أكدت الإدارية ومسؤولة فرعية زالين/القامشلي لمؤسسة “أولف تاو” جوزفين صومي على أهمية هذا اليوم، مشيرة إلى أن الاحتفال باللغة الأم ليس مجرد مناسبة سنوية، بل يجب أن يكون جزءاً يومياً من حياة السريان الآشوريين. وأضافت: “إذا لم نحافظ على لغتنا السريانية وننقلها للأجيال القادمة، فستندثر وتختفي. علينا جميعاً أن نعمل على ترسيخها وزيادة حصص تعليمها في المدارس، لأنها الطريقة الأمثل لضمان استمراريتها.”

هناء عرعور.. شغف باللغة السريانية رغم الصعوبات

من جانبها، تحدثت المعلمة هناء عبد الجبار عرعور، التي تدرس اللغة السريانية في مؤسسة “أولف تاو” منذ عام الفين وسبعة عشر، عن تجربتها الفريدة في تعلم هذه اللغة وتعليمها. وقالت: “دخلت مجال تدريس السريانية في البداية كعمل لتأمين لقمة العيش بعد وفودنا من حلب، لكنني تعلقت بها بمرور الوقت وأحببتها كثيراً. إنها لغة سامية ذات جذور عميقة، وكثير من المفردات العربية تعود أصولها للسريانية.”

وأشارت عرعور إلى التحديات التي واجهتها، خاصةً النظرة المجتمعية، قائلة: “البعض كان يسألني: هل أنتِ مسيحية؟ لماذا تتعلمين السريانية؟ فأجيبهم بأنه من حق أي شخص تعلم أي لغة، كما أن مدرّس الإنكليزية ليس بالضرورة أن يكون إنكليزياً!” وأضافت أن تعلم اللغات المختلفة يسهم في تعزيز التفاهم بين المكونات، ويقوي الروابط الاجتماعية في المنطقة.

جاك كريم.. ضرورة الاعتراف بالسريانية كلغة رسمية في سوريا

في حديثه لـ سيرياك برس، أكد الباحث السرياني من مركز الدراسات السريانية جاك كريم أن محاضرته في الندوة ركزت على ضرورة الاعتراف باللغة السريانية كلغة تراثية أصيلة في سوريا. وقال: “اللغة السريانية تواجه تحديات كبيرة تتطلب تحركاً سريعاً للحفاظ عليها وضمان حضورها في المؤسسات التعليمية والثقافية. نحن بحاجة إلى تعزيز دور المؤسسات السريانية الفاعلة، والمطالبة بالاعتراف الرسمي بالسريانية في الدستور السوري.”

المحامي سهيل دنحو.. السريانية لغة حضارة وهوية

من جهته، أعرب المحامي سهيل دنحو من منتدى حمورابي للمحامين المسيحيين في الجزيرة عن سعادته بالمشاركة في هذه الندوة، مشيراً إلى أن الحدث كان غنياً بالفقرات التي أكدت أهمية اللغة السريانية وعمقها التاريخي. وقال: “بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم، أتوجه بالتهاني لجميع شعوب العالم. للأسف، بعض الأنظمة تناست لغاتها الأصلية، لكن السريانية بقيت رغم كل شيء. إنها لغة حضارة عظيمة قدمت الكثير للبشرية، ولا تزال حاضرة في صلواتنا، أغانينا، وأفراحنا.”

وأضاف دنحو: “سوريا بأكملها تحمل بصمة سريانية واضحة، من أسماء القرى والمدن، إلى الآثار التي تُكتشف يومياً. هذه اللغة لم تمت، بل هي الشاهد الأكبر على عظمة هذا الشعب، ومن حقها أن تحظى باعتراف وطني ودستوري.”

ختام الاحتفالية برسالة واضحة.. السريانية لغة يجب أن تبقى

اختُتمت الندوة برسالة واضحة تؤكد أهمية تعزيز مكانة اللغة السريانية في المجتمع السوري، وعدم حصرها في فئة واحدة فقط، بل تشجيع جميع المكونات على تعلمها وإتقانها. وكما قالت جوزفين صومي: “اللغة ليست مجرد كلمات، بل هوية، ثقافة، وانتماء. علينا جميعاً أن نحميها، لنضمن استمرارها للأجيال القادمة.”