11/03/2025

القاضي طارق بيطار يعود إلى التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بعد توقف دام عامين 

بيروت، لبنان 

 في تحول قانوني مفاجئ، أصدر النائب العام اللبناني بالإنابة، جمال حجار، حكمًا يوم الاثنين بإعادة تعيين القاضي طارق بيطار كمحقق رئيسي في قضية انفجار مرفأ بيروت. هذا القرار يلغي التوقف الذي فرضه النائب العام السابق غسان عويدات، الذي كان قد عطل جميع الإجراءات القضائية والقانونية المتعلقة بتحقيق بيطار. 

قضية مشوبة بالتدخلات السياسية والتأخيرات 

تم تعيين القاضي بيطار في عام الفين وواحد وعشرين لقيادة التحقيق في الانفجار المدمر الذي وقع في الرابع من شهر آب عام الفين وتسعة عشر في مرفأ بيروت، والذي أسفر عن مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة الآلاف، وترك أجزاء كبيرة من المدينة في حالة خراب. لكن جهوده لكشف المسؤولية واجهت مقاومة شديدة من النخبة السياسية والطائفية المتجذرة في لبنان. 

في أوائل عام الفين وثلاثة وعشرين، أصدر عويدات، مستندًا إلى مزاعم بالتحيز والروابط العائلية بين بيطار ووزير الأشغال العامة السابق غازي زعيتر—أحد الشخصيات الرئيسية المتورطة في القضية—أمرًا يمنع بيطار من مواصلة تحقيقه. كما قام عويدات بإطلاق إجراءات قانونية ضد بيطار نفسه، متهمًا إياه بتجاوز سلطاته.



المعارك القانونية والسياسية: دور حزب الله وحركة أمل 

استهدفت تحقيقات بيطار مسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك وزراء سابقون ومسؤولون أمنيون مرتبطون بحزب الله وحركة أمل. أدى إصراره على محاسبة النخبة السياسية في لبنان إلى رد فعل عنيف من حزب الله، الذي اتهمه بإجراء تحقيق مدفوع سياسيًا. 

لعبت الميليشيا المدعومة من إيران والحزب السياسي دورًا كبيرًا في عرقلة العملية القضائية، حيث طالب زعيم حزب الله حسن نصر الله علنًا بإقالة بيطار. وتبعت ذلك تحديات قانونية، حيث قدم وزراء مرتبطون بحزب الله وحركة أمل ما لا يقل عن أربع وثلاثين طعنًا لإعاقة التحقيق، مما أدى إلى شلل القضاء اللبناني. 

لماذا الآن؟ توقيت إعادة بيطار 

يأتي قرار إعادة بيطار في وقت حرج للبنان، حيث يواجه البلد انهيارًا اقتصاديًا، وركودًا سياسيًا، وتوترات متزايدة بين الفصائل المتنافسة. يتكهن الخبراء القانونيون بأن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من جهد للإشارة إلى استقلالية القضاء للمجتمع الدولي، خاصة في الوقت الذي يسعى فيه لبنان للحصول على مساعدات مالية حيوية واستثمارات أجنبية. 

بالإضافة إلى ذلك، حافظ الضغط من عائلات الضحايا ومنظمات حقوق الإنسان الدولية على القضية في دائرة الضوء العالمية. وقد دعت الأمم المتحدة وفرنسا، التي كان لديها مواطنون بين الضحايا، مرارًا إلى تحقيق مستقل، بينما أدانت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية لعرقلتها العدالة. 

استئناف التحقيقات 

مع عودة بيطار إلى منصبه، تبقى الخطوات التالية في التحقيق غير مؤكدة. هل سيسمح له باستئناف استجواب المسؤولين السابقين؟ هل ستوجه اتهامات جديدة؟ والأهم من ذلك، هل ستحمي السلطة القضائية اللبنانية بيطار من تدخل سياسي جديد؟ 

يحذر المراقبون من أن حزب الله وحركة أمل قد يطلقان تحديات قانونية جديدة أو حتى يلجأان إلى تعبئة الشارع لعرقلة التحقيق. تبقى احتمالية الصراع الداخلي مرتفعة، خاصة إذا قرر بيطار توجيه اتهامات لشخصيات رئيسية تتمتع بنفوذ كبير في نظام تقاسم السلطة الهش في لبنان. 

هل ستتحقق العدالة أخيرًا؟ 

تاريخ لبنان في الإفلات من العقاب يثير شكوكًا جدية حول ما إذا كانت إعادة بيطار ستؤدي إلى المساءلة. على الرغم من الأدلة القوية التي تشير إلى الإهمال والفساد على أعلى المستويات، لم يتم محاسبة أي مسؤول رفيع حتى الآن عن الانفجار. 

بالنسبة لعائلات الضحايا، تمثل عودة بيطار بصيص أمل—لكنها أيضًا تذكير بالمعركة الطويلة والشاقة من أجل العدالة في بلد نادرًا ما يواجه فيه الأقوياء عواقب أفعالهم. 

‫شاهد أيضًا‬

النائب يوسف آيدين والبطريرك أفرام الثاني يبحثان أوضاع المسيحيين في لبنان وسوريا

عطشانة، لبنان / حموث، سوريا — في إطار مناقشة أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط والتحديات الت…