12/03/2025

برعاية أمريكية: محادثات لبنانية-إسرائيلية لحل القضايا العالقة

بيروت — 

في خطوة دبلوماسية جديدة، اتفق لبنان وإسرائيل على بدء مفاوضات تهدف إلى حل عدد من القضايا العالقة بين البلدين، وذلك بوساطة أمريكية مكثفة. تأتي هذه المحادثات في أعقاب إطلاق سراح خمسة أسرى لبنانيين كانوا محتجزين لدى الجيش الإسرائيلي. 

تفاصيل الاتفاق والمحادثات المرتقبة 

أعلنت نائبة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، عن التوصل إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل لبدء مفاوضات دبلوماسية لحل القضايا العالقة بينهما، بما في ذلك النزاعات الحدودية البرية وملف الأسرى. تم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد وساطة مكثفة قادتها الولايات المتحدة مع شركاء دوليين. 

من المقرر أن تشمل المفاوضات تشكيل مجموعات عمل ثلاثية تركز على حل النزاعات الحدودية البرية، ومصير الأسرى اللبنانيين المحتجزين في إسرائيل، وانسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها في جنوب لبنان. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة ومعالجة القضايا العالقة منذ فترة طويلة.

إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين 

في خطوة إيجابية نحو بناء الثقة، أعلنت إسرائيل عن إطلاق سراح خمسة أسرى لبنانيين كانوا محتجزين لديها. أكدت الرئاسة اللبنانية تسلم أربعة منهم، مع توقع تسلم الخامس قريبًا. يُعتبر هذا التطور مؤشرًا إيجابيًا على جدية الطرفين في التوصل إلى حلول سلمية للقضايا العالقة. 

خلفية النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل 

يعود النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل إلى عقود طويلة، وهو مرتبط بالصراعات التاريخية والخلافات الإقليمية. 

السياق التاريخي 

تعود جذور النزاع إلى منتصف القرن العشرين، حيث شنت إسرائيل غزواً على جنوب لبنان عام ألف وتسعمائة و ثمانية وسبعين رداً على هجمات منظمة التحرير الفلسطينية. كان الهدف من هذا الغزو إبعاد المقاتلين الفلسطينيين عن الحدود الشمالية لإسرائيل، مما أدى إلى إنشاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، والتي كُلفت بمراقبة الانسحاب الإسرائيلي واستعادة الأمن في المنطقة. 

في عام ألف وتسعمائة و اثنين وثمانين، وبعد محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في المملكة المتحدة، شنت إسرائيل اجتياحًا واسعًا للبنان، ووصلت قواتها إلى العاصمة بيروت. كان الهدف طرد منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه أدى إلى احتلال طويل الأمد، كما ساهم في ظهور حزب الله كقوة مسلحة مدعومة من إيران. 

استمرت الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان حتى العام ألفين، عندما انسحبت إسرائيل من المنطقة بشكل أحادي الجانب. بعدها، حددت الأمم المتحدة “الخط الأزرق” كحدود مؤقتة بين البلدين. 

الخط الأزرق والمناطق المتنازع عليها 

رغم ترسيم الخط الأزرق، لا تزال هناك العديد من النزاعات الإقليمية، من أبرزها: 

مزارع شبعا: منطقة صغيرة يدّعي لبنان سيادته عليها، لكنها تحت الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبرها جزءًا من مرتفعات الجولان السورية. 

قرية الغجر: قرية تقع على الحدود، حيث تسيطر إسرائيل على الجزء الشمالي منها، مما يثير نزاعًا على السيادة والإدارة. 

تلال كفرشوبا: منطقة متنازع عليها لا تزال موضوع خلاف بين لبنان وإسرائيل. 

إجمالاً، هناك ثلاثة عشر إلى أربعة عشر نقطة خلافية على طول الخط الأزرق، مما يزيد من التوتر بين البلدين. 

التطورات الأخيرة 

شهدت السنوات الأخيرة جهودًا دبلوماسية لمعالجة هذه النزاعات: 

اتفاق ترسيم الحدود البحرية: في عام ألفين. اثنين وعشرين، توصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بوساطة أمريكية، مما سمح ببدء عمليات التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. 

محادثات ترسيم الحدود البرية: في عام ألفين وخمسة وعشرين، وبعد الدفع الأمريكي، وافق الطرفان على بدء مفاوضات لترسيم الحدود البرية، بهدف حل الخلافات المتعلقة بالخط الأزرق والمناطق المتنازع عليها. 

دور قوة الأمم المتحدة (يونيفيل) 

تواصل يونيفيل لعب دور محوري في الحفاظ على السلام على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. إذ تضم أكثر من عشرة آلاف جندي من دول مختلفة، وتعمل على: 

مراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار. 

تسهيل الاتصالات بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي. 

مساعدة الجيش اللبناني في منع وجود مسلحين غير مصرح لهم في المنطقة جنوب نهر الليطاني. 

دور الوساطة الأمريكية في تحقيق التقدم 

لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في تسهيل المحادثات بين لبنان وإسرائيل. في عام ألفين و اثنين وعشرين، نجحت الوساطة الأمريكية في التوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مما فتح المجال أمام استكشاف الموارد الطبيعية في البحر المتوسط. واليوم، تواصل الولايات المتحدة جهودها لحل النزاعات الحدودية البرية وتعزيز الاستقرار في المنطقة. 

تطلعات نحو مستقبل أكثر استقرارًا 

مع بدء هذه المفاوضات، يأمل المجتمع الدولي في أن تسفر عن حلول دائمة للنزاعات الحدودية والقضايا العالقة بين لبنان وإسرائيل. يُعتبر بناء الثقة المتبادل خطوة أساسية نحو تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. 

أخيرا، تُظهر هذه التطورات أن الحوار الدبلوماسي والوساطات الدولية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في حل النزاعات الطويلة الأمد، مما يعزز فرص السلام والتنمية في المنطقة. 

‫شاهد أيضًا‬

النائب يوسف آيدين والبطريرك أفرام الثاني يبحثان أوضاع المسيحيين في لبنان وسوريا

عطشانة، لبنان / حموث، سوريا — في إطار مناقشة أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط والتحديات الت…