20/03/2025

مسؤولو الحكومة السورية الانتقالية يلتقون القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في الحسكة لمناقشة اتفاقية الاندماج

الحسكة، شمال وشرق سوريا — التقى يوم الأربعاء مسؤولو الحكومة السورية الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية في الحسكة، شمال وشرق سوريا، للمرة الأولى منذ توقيع اتفاقية الاندماج بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس الحكومة السورية الانتقالية أحمد الشرع في دارامسوق (دمشق) في العاشر من آذار. 

ركزت المناقشات على تشكيل لجان مشتركة لبدء العمل في شهر نيسان، وضمان الشمولية في صياغة دستور سوريا المستقبلي، وتحقيق وقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد. 

اتفاقية الاندماج 

تهدف الاتفاقية إلى دمج قوات سوريا الديمقراطية في القوات المسلحة الوطنية ونقل السيطرة على البنية التحتية الرئيسية مثل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز الطبيعي إلى الدولة السورية. 

ومن الجدير بالذكر أن الاتفاق يضمن حقوقًا دستورية كاملة للسكان الأكراد مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية وعدم قابليتها للتجزئة. وعلى الرغم من أن الاتفاقية تضمن حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وفي جميع مؤسسات الدولة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والإثنية، إلا أن الاتفاقية لا تذكر صراحة أي مجموعات أخرى. 

ويزداد هذا البند تعقيدًا بالنظر إلى “الإعلان الدستوري” المثير للجدل الذي وقعه الشرع، والذي ينص على أن رئيس سوريا يجب أن يكون مسلمًا. 

الآثار الوطنية 

بالنسبة للحكومة السورية الانتقالية، يمثل الاندماج فرصة لتوطيد السيطرة العسكرية في منطقة ظلت تحكم نفسها ذاتيًا لأكثر من عقد. ومن خلال استيعاب قوات سوريا الديمقراطية ضمن هيكل قيادتها، تهدف الحكومة إلى إعادة توزيع الموارد العسكرية بشكل أكثر كفاءة عبر البلاد. ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كانت قوات سوريا الديمقراطية ستندمج كأفراد مجندين في الجيش الوطني أم ستُسمح لها بالعمل ككتلة متماسكة ولكن تابعة. 

يشكل هذا الغموض تحديات تشغيلية كبيرة، حيث إن خبرة قوات سوريا الديمقراطية في حرب العصابات والعمليات العسكرية القائمة على التحالفات تحت عقيدة قيادة مختلفة قد لا تتماشى بسهولة مع الهياكل التقليدية للجيش السوري. 

السيطرة على حقول النفط الغنية في شمال شرق سوريا وشبكات النقل الحيوية تُعد جانبًا أساسيًا في الاتفاق. فتأمين هذه الأصول لا يعزز فقط القاعدة المالية للحكومة المركزية، بل يزيد أيضًا من نفوذها الجيوسياسي. هذا البعد الاقتصادي يُنظر إليه على أنه عنصر أساسي في إعادة إعمار سوريا بعد الحرب وفي رفع العقوبات الدولية التي تثقل كاهل البلاد منذ سنوات. 

تفاؤل وحذر بين القادة الأكراد 

بالنسبة للقادة الأكراد، تمثل هذه الاتفاقية مناورة تكتيكية في بيئة أمنية متغيرة بسرعة. ومع تزايد التكهنات حول احتمال انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة والتطورات المستمرة في تركيا بشأن الجماعات الكردية، يوفر الاندماج لقوات سوريا الديمقراطية طريقًا لتأمين مقاتليها ضمن إطار وطني. ومع ذلك، لا يزال الغموض المحيط بهيكل القيادة وخطر تقويض الحكم الذاتي الكردي من أبرز نقاط الخلاف. 

مخاوف بشأن تمثيل الأقليات 

بينما يضمن الاتفاق صراحةً حقوق السكان الأكراد، فقد أعربت مجموعات أخرى عن مخاوف جدية بشأن استبعادها. فقد رحب حزب الاتحاد السرياني بالتحرك نحو الوحدة الوطنية، لكنه انتقد إغفال الاتفاق لأي ضمانات لحقوق وتمثيل المجتمع السرياني-الآشوري-الآرامي. وقد أدى هذا الإغفال إلى دعوات لاعتماد نهج أكثر شمولية يعكس التنوع العرقي والديني في البلاد. 

اقرأ أيضًا: ممثلون عن السريان والأكراد والدروز والعلويين يناقشون مخاوف القمع والإقصاء في سوريا خلال مؤتمر صحفي في لاهاي. 

التداعيات الإقليمية والدولية 

تحمل صفقة الاندماج وزنًا جيوسياسيًا كبيرًا يتجاوز حدود سوريا. بالنسبة لتركيا، يُعد الاتفاق سلاحًا ذا حدين. فمن ناحية، قد يُضعف المشروع الكردي المستقل الذي تعتبره أنقرة تهديدًا أمنيًا، ومن ناحية أخرى، يثير الاتفاق مخاوف بشأن مستقبل وحدات قوات سوريا الديمقراطية التي قد تحتفظ باستقلالية تشغيلية ضمن الجيش الوطني. 

أما بالنسبة للجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد ربطت التزاماتها المالية وجهود إعادة الإعمار بشروط تتعلق بالشمولية والمشاركة السياسية لجميع المجتمعات السورية. 

تحديات التنفيذ والطريق إلى الأمام 

على الرغم من أن الاتفاقية توفر إطارًا واعدًا، إلا أنها تحمل العديد من الغموض. فهناك تساؤلات رئيسية حول كيفية تنفيذ الاندماج—هل ستذوب قوات سوريا الديمقراطية في وحدات الجيش القائمة أم ستحافظ على هويتها المميزة ضمن قوة وطنية مُعاد هيكلتها؟ وقد تم تشكيل لجنة انتقالية مكلفة بتنفيذ بنود الاتفاقية بحلول نهاية العام، لكن الإطار الزمني الطويل يترك مجالًا للتراجع المحتمل والمقاومة الداخلية والتدخلات الخارجية. 

سيعتمد نجاح هذا الاندماج الطموح على قدرة الحكومة السورية على تحقيق توازن بين المصالح المتنافسة: تعزيز سيطرة الدولة مع ضمان شعور جميع المجموعات العرقية والدينية بأنها ممثلة بشكل حقيقي وليس سطحيًا. 

ومع استمرار النقاشات حول اللامركزية وتقاسم الإيرادات وحقوق الأقليات، ستكون الأشهر القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا الاتفاق سيصبح حجر الأساس لسلام دائم أو مجرد هدنة مؤقتة في مشهد متقلب بطبيعته. 

‫شاهد أيضًا‬

وفد ألماني رفيع المستوى يزور إقليم شمال وشرق سوريا

زالين (قامشلي) – شمال وشرق سوريا – زار وفد ألماني برئاسة مارغريته ياكوب القائم…