01/04/2025

صرخة في نفق مظلم

تأليف : ابلحد ساكا البرطلي


عاشت الكنائس السريانية في عموم الشرق  وتعيش خلافات وانقسامات في غربة عن بعضها البعض رغم تواجدها في منطقة واحدة متقاربة موزعة على قرى وبلدات ومدن ودول عدّة مجاورة . هذه الغربة  زادت من حدة الصراعات والخلافات ورسخت حالة الانقسام ، وشجعت المقاطعة وكثرت الفتنة و المشاكل .مما ادى هذا كله الى العبث بتراث شعبنا  وتاريخه العريق المشرِّف  وسرقته واخفاءه واحيانا المساومة عليه او بيعه وعدم الاكتراث والاهتمام له   وبالتالي تجاهله على كافة المستويات .

هذا التشرذم والضعف والانحطاط وسوء الادارة الكنسية متمثلة ببعض رؤساء الكنائس  ورجال الدين وقلة  الحوار وعدم القبول بالاخر واحياناً تكفيره وتحريمه ، وضعف في التعليم ،وانعدام ثقافة التسامح ، وعنجهية البعض واستكبارهم  وتسلطهم وتبعياتهم  السياسية والدينية العمياء ،ادّى الى كوارث في تاريخ شعبنا ، وجغرافيتهم ، منها زوال ممالك و دويلات ومناطق جغرافية   واسعة وتغيير ديمغرافي في مناطق اخرى  والاستحواذ على الكنائس والاديرة  في  الكثير من  المناطق في الشرق ، وهجرات أبناء شعبنا  المتكررة من دول الشرق ، ودخول اعداد اخرى طوائف واديان أخرى رغبة احيانا و عنوة احيانا اخرى ، نتيجة صدور قرارات، وفتاوى في تحريم العيش وقتل لغير منتمي  لدين  معين ، او طائفة فكانت الامبراطورية  الرومانية ،والفارسية،  والمغول والدولة الاسلامية ،والامبراطورية العثمانية ،وبعض العشائر الكردية ،  والحروب الصليبية وماسبقها وماتلاها متمثلةً بلجان التفتيش   .  فكانت الفتاوى،والاحاديث ،والايات، ومقررات المؤتمرات، تحاول انهاء الوجود المسيحي السرياني في الشرق . . كما اعقبها مذابح الدولة العثمانية  فكانت  (مذابح سيفو ١٩١٥) لتسجل ابادة جماعية لشعب عريق  بل  ملحمة القرن العشرين في الجرائم بمعونة بعض العشائر الكردية  التي استخدمت ضد ابناء شعبنا  السرياني مكملة لتلك الويلات والمظالم التي واجهتها ممن اعانوهم ومذبحة سميل ١٩٣٣ ومجزرة صوريا ١٩٦٨ والانفال ١٩٨٨ .

، فاصبحنا  اقليات ضعيفة في بلداننا ووطننا وأرضنا  ، مسلوبي  الإرادة  ليس لنا قيادة ولا اهداف نتخبط بمطاليبنا فكل طائفة في زاوية تعاني وتحلم وسط الشؤون والشجون تتكىء على اصحاب النفوذ والسلطة لتنتقم من البقية الباقية من ابناء شعبها . 

لقد كانت الكنيسة واحدة في مجمع افسس ٤٣١ لكن بسبب الخلافات السياسية والاجتماعية والادارية والثقافية واللاهوتية والحضارية والشخصية قلت المحبة ، تحولت الكنيسة الواحدة الجامعة   المقدسة  الرسولية عبر العصور الى كنائس وجماعات متعددة ومختلفة فيما بينها تبحث عن مرجعية سياسية وسلطة متنفذة تتكئ عليها وتواجه الاطراف الاخرى بالفتن والنفاق . 

يقول العلاّمة المفريان  ابن العبري بعد زيارته لبغداد ولقائه برؤساء الكنائس والطوائف المسيحية هناك في القرن الثاني عشر ومجادلاته معهم ( لم الق اي اختلاف جوهري وايماني  بين جميع الطوائف ) . نعم انها خلافات شخصية على السلطة والنفوذ ، انها خلافات تتبع الجهات السياسية التي تتعامل معها انها خلافات ارضية صرفة ليس لها علاقة بالسماء ولا بالايمان 

ان الانقسامات المسيحية في الشرق مرّت بعدة مراحل منها  الامبراطورية الرومانية والفارسية ،والغزو  الاسلامي ،والغزو  الصليبي ،والعهد المغولي ،والعهد العثماني ، وعهد الانتداب والاستعمار الاوربي والغربي ،وعوامل سياسية داخلية متراكمة جعل ان تكون كنائس بعناوين مختلفة منها فئوية واخرى قومية مستقلة الواحدة عن الاخرى وهذه الكنائس هي : 

١الكنيسة السريانية الارثوذكسية (الكنيسة الام 

٢الكنيسة الاشورية الشرقية  

٣الكنيسة السريانية المارونية  

٤الكنيسة السريانية الكاثوليكية  

٥الكنيسة السريانية الكلدانية  

٦كنائس الملنكار والملبار في الهند  

ان الحوار والشركة والوحدة والعيش المشترك باتت امراً حتمياًبين الكنائس ولاضرر باحترام خصوصياتها . فالمحبة هو الطريق الاقصر للوصول لبعضنا البعض .التنوير هو الطريق الى الحقيقة في الشركة الكاملة والوحدة في التنوع . بحاجة الى الغفران والمسامحة والتضحية وعدم النظر الى الوراء  …  

فَقَالَ لَهُ يَسُوعُلَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ» 

و اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين  ،لايزال العنف يلاحقنا بكافة اشكاله الفكرية والمجتمعية والحكومية في اغلب بلدان الشرق المسيحي فهذه القاعدة وداعش والنصرةو…. ومسميات لاحصر لها تلاحقنا في ايماننا وتراثنا وتاريخنا ونحن منقسمين غير مبالين لما يحدث في اوطاننا من مؤامرات ودسائس وفتن .

في زيارة المرحوم الشيخ احمد كفتارو مفتي الجمهورية السورية وخلال   لقاءه بقداسة  البابا يوحنا بولس الثاني ١٩٨٥  ،واثناء اللقاء   سأله عن عدد المسيحيين في سوريا ؟فاجاب المفتي ١٣ مليون . فقال قداسة البابا للمترجم يتبين ان المفتي لم يفهم سؤالي فأنا اسأله عن عدد المسيحيين في سوريا وليس نفوس سوريا . فاجاب المفتي احمد كفتارو ، بل انا افتهمت السؤال واجبتك ، كل مسلم لايؤمن بالمسيحية فهو ليس بمسلم .فاندهش قداسته من الجواب ووعد بزيارة سوريا ، مادامت عقول السوريين بهذا المستوى من التفكير .وفعلا كانت الزيارة التاريخية لقداسته لسوريا في عام ٢٠٠١ بناء على الفكر الذي نوره احمد كفتارو . 

رحم الله احمد كفتارو 

  

   

الشماس : ابلحد حنا بهنام الشماس ساكا البرطلي 

‫شاهد أيضًا‬

روضة شبلو في ديريك تختتم عامها الدراسي

ديريك-شمال وشرق سوريا-بمناسبة انتهاء الفصل الثاني للعام الدراسي ألفين وأربعة وعشرين –…