لبنان عند مفترق طرق: خطة إبراهيم مراد الجريئة للمواجهة والإصلاح
بيروت — في مقابلة مطوّلة مع موقع “لبنان أون”، عرض إبراهيم مراد، رئيس حزب الاتحاد السرياني العالمي، خطة طموحة وشاملة لمستقبل لبنان، تقوم على إصلاح النظام من خلال الفدرالية، والسيطرة الكاملة على الميليشيات وسلاحها، وتجديد الجهود الدبلوماسية نحو السلام الإقليمي — مما قد يعني أيضًا توقيع معاهدة سلام وتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الجار الجنوبي، إسرائيل.
وتحوّل الحديث إلى مسار أكثر حدّة عندما تطرّق مراد إلى دور الجهات غير الحكومية في مشهد الأمن اللبناني. فقال: “لطالما عطّلت الميليشيات، وعلى رأسها حزب الله، أمننا الوطني.” وأكّد أن انتشار السلاح بشكل غير مضبوط بين هذه الجماعات يشكّل تهديداً خطيراً ليس فقط لسلطة الدولة، بل أيضاً للاستقرار الإقليمي. وأوضح: “نزع سلاح الميليشيات وضمان عدم وقوع الأسلحة في الأيادي الخطأ أمر أساسي للأمن الوطني، كما أنه يمهّد الطريق نحو سلام دائم.” ودعا إلى اتخاذ إجراءات شاملة لنزع السلاح، معتبراً أن هذه الخطوات ضرورية لتفكيك البُنى التي تُبقي هذه الميليشيات على قيد الحياة.
دعوة للمواجهة تثير جدلاً وطنياً
في المقابلة الصريحة والجريئة التي نُشرت على قناة “لبنان أون” على يوتيوب بتاريخ الثالث من نيسان، ذهب مراد إلى أبعد من ذلك، مُطلقاً دعوة مباشرة للمواجهة العسكرية ضد حزب الله، التنظيم المسلّح المدعوم من إيران. وصرّح بأن “الطرق السياسية استُنزفت”، ودعا إلى المواجهة المباشرة لاستعادة سيادة لبنان.
وأضاف: “بدعم إيران، وسلاحها، ومالها، أصبح حزب الله أقوى من جميع اللبنانيين.” وشدّد على ضرورة محاصرته في معاقله، قائلاً: “يجب أن نذهب إليه ونواجهه.” تصريحاته شكلت تحوّلاً حاداً عن اللهجة الحذرة التي يعتمدها عادةً السياسيون اللبنانيون عند الحديث عن حزب الله.
كما وجّه مراد انتقادات لاذعة لحزب الله لانتهاكه اتفاقات وقف إطلاق النار، وعدم التزامه بالقانون الدولي. واتهمه بخرق الهدنة من خلال إطلاق الصواريخ، ورفضه التوقيع على قرارات دولية محورية، وعلى رأسها القرارين ألف وسبعمئة وواحد و ألف وخمسمائة و تسعة وخمسين الصادرين عن مجلس الأمن. وأكد: “رفضهم لهذه القرارات هو بمثابة إعلان استسلام للفوضى.” وأضاف: “لن أنتظر تحرك الجيش اللبناني أو المسار الدبلوماسي؛ يجب اتخاذ إجراءات حاسمة الآن.” كما اتهم مقاتلي الحزب بإثارة الفوضى في شمال لبنان، والانخراط في تهريب المخدرات، والتدخل في شؤون سوريا، وإيران، ودول الخليج، واليمن. ورأى أن هذه الأسباب تُفسّر استمرار حزب الله في زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وقد أثارت المقابلة ردود فعل واسعة وسريعة. وتم استدعاء مراد من قبل فرع التحقيقات الجنائية في لبنان للاستجواب بشأن تصريحاته. في المقابل، قام أنصار حزب الله بنشر نسخ مُعدّلة من حديثه على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار موجة من الغضب والتهديدات بالقتل. ورداً على ذلك، نشر مراد فيديو لتوضيح موقفه، أعرب فيه عن أسفه لتحريف تصريحاته الأصلية، وأكّد مجددًا أنه لا يستهدف الطائفة الشيعية، بل يدعو إلى دولة عادلة وذات سيادة.
الدبلوماسية والطريق إلى السلام
على الصعيد الدولي، شدد مراد على أن أي محادثات سلام يجب أن تُبنى على الالتزام الحازم بقرارات الأمم المتحدة. وقال: “طريقنا إلى الأمام يجب أن يكون عبر الحوار، والالتزام الصارم بالمعايير الدولية.” وأضاف أن محادثات السلام مع إسرائيل لا يمكن أن تتقدّم ما لم يتم احترام قرارات الأمم المتحدة الهادفة لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أن التاريخ مليء بالتوترات، لكن هناك حاجة ملحة لإعادة إحياء القنوات الدبلوماسية مع إسرائيل لحلّ النزاعات العالقة.
مؤتمر بودابست: نقطة تحوّل
سلّط مراد الضوء على مؤتمر بودابست، الذي عُقد العام الماضي، باعتباره لحظة محورية في مسار الاستقرار الإقليمي. وقال: “قدّم لنا مؤتمر بودابست خارطة طريق — منصة جمعت مختلف أصحاب المصلحة الإقليميين الملتزمين بالإصلاح.” وأكّد أن مخرجات المؤتمر قدّمت مجموعة واضحة من المبادئ لتفعيل الإصلاحات في مجالات الحوكمة، والأمن، والعلاقات الدولية. ودعا إلى البناء على هذا الأساس للتفاعل الإيجابي مع دول الجوار.
تحديث الإدارة وتحسين الخدمات
تطرّق مراد أيضاً إلى ضرورة إصلاح شامل في بنية الإدارة الحكومية اللبنانية. وقال: “تحسين خدماتنا الداخلية ليس مجرّد إجراء بيروقراطي — بل هو ضمان أن يحصل كل مواطن على الدعم والموارد التي يحتاجها.” وشرح مقترحات لتحديث المؤسسات العامة، وتطبيق اللامركزية في الإدارة، وإدخال آليات حكم أكثر شفافية. واعتبر أن هذه التدابير ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي في بلد يعاني من الفساد المزمن وعدم الكفاءة.
رؤية مراد شاملة وجريئة. “هدفنا هو لبنان حيث تمنح الفدرالية القوة للمجتمعات، وتنزع سلاح الميليشيات، وتتحوّل محادثات السلام من وعود إلى واقع”، ختم قائلاً. وقد لاقت تصريحاته صدى كبيراً في بلد أعاقته الانقسامات عن التقدّم.
في منطقة تملؤها الصراعات والولاءات المتضاربة، تمثل رؤية إبراهيم مراد المطروحة ليس فقط خطةً للتجديد الوطني، بل أيضاً نداءً للوحدة. فالتزامه بالإصلاح، القائم على مبادئ الفدرالية والتعاون الدولي، يقدم بديلاً واضحاً للواقع الحالي — مستقبل يمكن فيه للبنان أن يتحول إلى منارة استقرار وتقدم في منطقة مضطربة
ترحيب أممي وعربي بقرار ترامب إزالة العقوبات عن سوريا
رحب كل من المبعوث الأممي الخاص بسوريا غير بيدرسون وستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العا…