09/04/2025

بازار النور يضيء القامشلي بالأمل والتراث والأحلام اليدوية

زالين (القامشلي)، شمال وشرق سوريا– في مدينة تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من سوريا، حيث تتداخل الحدود مع طور عابدين (تركيا) والعراق، وحيث تمتد الجذور الثقافية عميقاً في التاريخ، لا يكون النور مجرد استعارة – بل ضرورة. وللعام الثاني على التوالي، أعاد “شوقو دَنوهرو”“بازار النور” – الحياة إلى زالين (القامشلي) من خلال الألوان والحرف وروح الجماعة.

نُظم البازار من قبل أسرة مار أفرام السرياني الجامعية، وهو مبادرة شبابية من قبل شبيبة الأسرة التابعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والتي يعد هدفها أبعد من مجرد عرض وبيع المنتجات – بل دعم التعليم والهوية في آنٍ واحد. إذ يُخصص ريع البازار بالكامل لصالح لجنة ابن العبري، التي تقدم مساعدات مالية للطلاب الجامعيين من أبناء الشعب السرياني-الآشوري، في وقت يعاني فيه كثير من الشبان من صعوبة استكمال تعليمهم وسط تدهور اقتصادي مستمر.

“الهدف بسيط”، يقول سمير شمعون، مسؤول الأسرة. “أن نمنح شعبنا في القامشلي فعالية لها معنى وسط هذه الظروف. من خلال البازار، يمكن للتجار المحليين عرض منتجاتهم، ويتوحد المجتمع حول هدف مشترك”.

مدينة بطبقات من الهوية
زالين (القامشلي)، التي كانت في الماضي مركزاً تجارياً حيوياً على الحدود، أصبحت اليوم رمزاً للتنوع السوري كما للمعاناة التي ألمّت بالبلاد. فهي تحتضن مزيجاً من السريان–الآشوريين، الأرمن، الأكراد، والعرب، وصمدت بوجه الحرب، لكن كغيرها من المدن السورية، تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وانقطاع مزمن للكهرباء.

ومع ذلك، لا يزال المجتمع السرياني–الآشوري، شعب ذو هوية قومية، لغوية، ودينية ذات متأصلة في التاريخ، متجذراً. وتُعد فعاليات مثل بازار النور وسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية من خلال اللغة، الفن، وروح التعاون.

أزواج في الشراكة… وفي الحلم
ما ميز بازار هذا العام هو العدد الكبير من الأزواج الذين شاركوا كبائعين، ما أضفى على الأجواء دفئاً خاصاً وتناغماً واضحاً بين الشراكة في الحياة والعمل.
“هذه أول خطوة لنا، وهي البداية لمشوار طويل”، قالت إليسار صليبا مؤسسة “هارت مايد”، التي شاركت مع زوجها جاك عبد المسيح لأول مرة، بمنتجاتهم المصنوعة من الخشب الطبيعي والمعادن والجص. وأضافت: “قدم لنا البازار فرصة لنعرض شيئاً ينبع من القلب”.

عملهما المشترك في تحويل الخشب والمواد البسيطة إلى قطع فنية ووظيفية، يعكس قصة أكبر موجودة في أرجاء البازار – الإبداع في وجه الصعوبات، والجمال المنبثق من التحديات.
جاك، الذي يعمل بفن حرق الخشب، شارك أيضاً لأول مرة. “كنا نتمنى لو بدأنا التحضير قبل وقت أطول”، قال جاك: “لكن مشاركتنا الأولى كانت تجربة رائعة، ونتطلع للبازارات القادمة”.

ثقافة حية ونابضة
لم يقتصر البازار على بيع المنتجات، بل تضمن أيضاً أنشطة للأطفال، عروضاً موسيقية، وزوايا مخصصة للغة السريانية – تعزيزاً للهوية الجماعية والثقافية.

أثرا بهنان، صاحبة مشروع “بارتي كوين” لتنظيم المناسبات وتزيين البيوت في الأعياد، رأت في البازار فرصة لتعزيز الروابط مع المجتمع.
“هذا النوع من الفعاليات يقوينا”، قالت أثرا. “محبة الناس ودعمهم لنا يكبر مع كل مناسبة، ونأمل أن يكبر اسمنا ويكبر نجاحنا أيضاً”.
وأضاف خطيبها وشريكها في العمل الشيف فادي خوري: “مش بس بيع… هو شعور بالحياة”.

جذور وهوية
الحفاظ على اللغة والثقافة السريانية كان من بين أهداف المنظمين والمشاركين، حيث رأى الكثيرون أن هذه الفعاليات تساعد على إبقاء الجذور حية، في وقت يشهد تعالي بعض الأصوات لإخفاء وتحريف الحقائق المتعلقة بهوية ولغة وتراث هذا الشعب.

“شيء مهم جداً يكون فيه هكذا بازار”، قال كابي سهدو، وهو من أحد الحضور. “هنالك شباب موهوبون من السريان–الآشوريين، ومن الضرورة أن يكون هناك من يدعمهم، ويشجعهم على تطوير أنفسهم. والأهم من ذلك أن نرى زاوية خاصة للمطبوعات والكتب السريانية”.

نور رغم الظلام
في بلد يعج بالتطورات والأحداث المتسارعة، وتراود فيه الهجرة أحلام أغلب الشباب، يقدم بازار النور قصة بديلة – قصة عن الثبات، والهوية، والإرادة.
“قد يكون ما نقوم به صغيراً”، يقول سمير شمعون، “ولكنه حقيقي. وبمكان مثل القامشلي، أحياناً حتى القليل من النور يكفي”.

‫شاهد أيضًا‬

ملصق متطرف يثير غضب المسيحيين في طرطوس

طرطوس، سوريا – استيقظ سكان مدينة طرطوس صباح يوم الثلاثاء على ملصق استفزازي عُلق على جدار ك…