‫‫‫‏‫3 أسابيع مضت‬

عودة النقاش حول الحكم الذاتي في شمال العراق: دعوات لإقامة محافظة سهل نينوى تتجدد وسط مطالب التركمان

الموصل، العراق — أثارت دفعة سياسية جديدة من المجتمع التركماني في العراق لتصنيف قضاء تلعفر كمحافظة منفصلة، مطالب قديمة من الأقليات المسيحية في البلاد للحصول على وضع الحكم الذاتي في سهل نينوى. وبينما وصف القادة التركمان طلبهم بأنه خطوة نحو تمثيل عادل، قوبل الاقتراح بانتقادات حادة من الأحزاب السنية الكبرى في العراق، مما أعاد إشعال نقاش أوسع حول الحوكمة والهوية ومستقبل الأقليات الضعيفة في العراق.

في وقت سابق من هذا الشهر، قدمت الجبهة التركمانية العراقية طلبًا رسميًا لترقية تلعفر إلى وضع المحافظة، مشيرة إلى إرث من التهميش وقلة التمثيل. وقال محمد سمعان، المتحدث باسم الجبهة: “لقد دفع شعبنا ثمنًا باهظًا في محاربة الإرهاب. الآن نطالب بحقنا الدستوري في إدارة شؤوننا من خلال محافظة جديدة”. تأتي هذه الخطوة في أعقاب مطالب مماثلة من قادة الإيزيديين بشأن سنجار، وتعيد صدى قرار مجلس الوزراء العراقي في عام ألفين وأربعة عشر بالاعتراف بحلبجة كمحافظة منفصلة.

ومع ذلك، سارعت القيادات السنية إلى رفض اقتراح تلعفر. وفي اجتماع في الموصل، أصدر زعماء القبائل والبرلمانيون من تحالف العزم وحزب السيادة بيانًا مشتركًا يدين الخطوة باعتبارها “غير مسؤولة” و”تهديدًا لوحدة نينوى”. وقال أحد البرلمانيين السنة خلال الاجتماع: “هذا الاتجاه لا يعكس إرادة شعب نينوى، ويمهد الطريق فقط للتجزئة على أسس طائفية وعرقية”. 

وقد أثارت المعارضة السنية الحادة دعوات جديدة من الأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الآشورية لتنفيذ خطة طال انتظارها: إنشاء سهل نينوى كمحافظة ذات حكم ذاتي. هذا الاقتراح، المدعوم بالمادة مئة وخمسة وعشرون من الدستور العراقي، ظل معلقًا منذ عام ألفين وأربعة عشر، عندما أعطت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي موافقة مبدئية على الفكرة قبل أن تعرقلها صعود داعش والحرب اللاحقة.

بالنسبة للمسيحيين العراقيين، الذين نزح العديد منهم خلال احتلال داعش، فإن الحكم الذاتي ليس مجرد فكرة سياسية—بل هو مسألة بقاء. وقال يوسف توما، عضو بارز في اتحاد بيت نهرين الوطني، وهو أحد الأحزاب التي تدعو إلى الحكم الذاتي: “نحن لا نطالب بالانفصال عن العراق. نحن نطالب بالأمن والاستقرار وحق إدارة مدننا، لحماية ثقافتنا ولغتنا ومستقبل أطفالنا”.

مستقبل المسيحيين في العراق: دعوة من الأحزاب الكلدانية السريانية الآشورية 

يجادل القادة المسيحيون بأن سهل نينوى—الذي يضم بلدات مثل بغديدا (قره قوش)، برطلة، وتلكيف—لا يزال عرضة للإهمال السياسي والتغيير الديموغرافي. وقال الأب عمانوئيل يوخنا، كاهن آشوري ومدافع عن الحقوق: “بعد داعش، عادت مجتمعاتنا إلى منازل مدمرة ونقص في الخدمات. اليوم، المنطقة مجزأة بين ميليشيات متنافسة، غالبًا دون أي مساءلة. الحكم المحلي سيمنحنا صوتًا في مستقبلنا”.

وأصدرت أربعة أحزاب مسيحية، وهي اتحاد بيت نهرين الوطني، حزب بيت نهرين الديمقراطي، الحركة الديمقراطية الآشورية، والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، بيانًا مشتركًا في وقت سابق من هذا الشهر، جددت فيه دعوتها لإقامة محافظة سهل نينوى. وجاء في البيان: “اللامركزية من خلال المحافظات هي مبدأ لنظام ديمقراطي صحي. هذا ليس امتيازًا—بل هو حق متجذر في القانون والعدالة”.

ويكتسب النقاش أهمية أعمق وسط مخاوف متزايدة من التناقص السكاني. وكشف تقرير حديث صادر عن منظمة شلومو للتوثيق أن عدد المسيحيين في العراق انخفض من أكثر من مليون و خمسمئة ألف قبل عام ألفين وثلاثة إلى أقل من مئتين و خمسين ألفا اليوم. وقال آشور إسكريا، الرئيس السابق لجمعية الإغاثة الآشورية: “بدون ضمانات دستورية وحكم حقيقي، فإن وجودنا هنا يتلاشى ببطء”.

كما أن الأمن يمثل مصدر قلق مركزي. وبينما نشرت الحكومة العراقية قوات في جميع أنحاء نينوى، تصر المجتمعات المسيحية على أن قوة أمنية محلية مجندة من المجتمع نفسه هي الوحيدة القادرة على ضمان الاستقرار. وقال أحد القادة المحليين في بغديدا (قره قوش): “لم يأت أحد لحمايتنا في عام ألفين وأربعة عشر. لن ننتظر مرة أخرى”.

ومع استمرار تغير الخريطة السياسية للعراق في حقبة ما بعد داعش، يظل مصير سهل نينوى اختبارًا حاسمًا لالتزام البلاد بالتعددية واللامركزية. وكما قال أحد النواب المسيحيين: “لا يمكن بناء عراق ديمقراطي إذا تم تجاهل أصغر شعوبه”.

‫شاهد أيضًا‬

البابا ليو الرابع عشر يسعى لدعم المسيحيين في الشرق الأوسط: “يجب أن يحصل المسيحيون على الفرصة، للبقاء في أراضيهم الأصلية بكل الحقوق اللازمة لحياة آمنة

قية الفاتيكان- البابا ليو الرابع عشر، في تصريحاته أمام اجتماع الكنائس الكاثوليكية الشرقية …