‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

ميادة بسيليس: صوت السريان الأصيل ورائدة الفن السوري

سلسلة عن السريان المؤثرين في تاريخ سورية الحديث

مصدر : سكاي نيوز عربية

ميادة بسيليس (28 يوليو 1967 – 17 مارس 2021)، واحدة من أبرز الأصوات السريانية في سوريا، تركت بصمة لا تُمحى في عالم الفن والموسيقى. بصوتها الرقيق وأدائها الطربي الأصيل، جسّدت الهوية السريانية والسورية، ممزوجة بروح الفلكلور والترانيم الدينية. من حلب، مسقط رأسها، إلى مسارح العالم، حفرت ميادة اسمها كرائدة في الموسيقى التي تجمع بين الأصالة والحداثة.

بداية المشوار الفني

ولدت ميادة في حلب، وأظهرت موهبتها الموسيقية مبكرًا. في سن التاسعة، شاركت في برنامج الهواة عبر إذاعة حلب، حيث سجلت أغنية “أصل الغرام” وفازت بالمركز الأول عام 1976. كانت تلك اللحظة انطلاقتها نحو عالم الفن. في عام 1987، تزوجت من الموسيقار السرياني سمير كويفاتي، الذي أصبح شريكها في الحياة والفن. أنجبت منه ثلاث بنات – نور، مرح، ونغم – اللواتي رافقنها في حفلاتها كعازفات على الكمان والبيانو والتشيللو، مضيفات لمسة عائلية مميزة لأدائها.

إرث فني متنوع 

أصدرت ميادة 14 ألبومًا غنائيًا، بدءًا من ألبومها الأول “يا قاتلي بالهجر” عام 1986، وهي أغنية مستلهمة من الفلكلور السوري القديم. تميزت أعمالها بتنوعها، حيث شملت الفلكلور السوري، الترانيم الدينية المسيحية، الأغاني الوطنية، والأغنية العربية الراقية. من أبرز إنجازاتها أغنية “كذبك حلو”، التي حازت الجائزة الذهبية كأفضل أغنية عربية في مهرجان القاهرة عام 1999، وحققت شهرة واسعة في العالم العربي. كما غنت شارات مسلسلات سورية شهيرة مثل “إخوة التراب”، “أيام الغضب”، و”أبناء القهر”، مما عزز مكانتها كصوت درامي مميز. 

حضور عالمي وجوائز 

لم تقتصر ميادة على المسارح السورية، بل أحيت حفلات في عواصم عالمية، منها دار الأوبرا في مدريد، دار الأوبرا المصرية عام 1998، وقصر الفنون الجميلة في سان فرانسيسكو. حصدت العديد من الجوائز، منها الجائزة الذهبية لأفضل أغنية مصورة عن “هوى تاني” في مهرجان البحرين 2001، وجائزة الأورنينا الذهبية عن أغنيتي “حنين” و”يا غالي” في مهرجانات الأغنية السورية. هذه الإنجازات عكست قدرتها على الجمع بين الجذور الثقافية السريانية والانتشار العالمي. 



التزام بالهوية السريانية 

كانت ميادة رائدة في الحفاظ على الهوية السريانية من خلال موسيقاها. تعاونها مع زوجها سمير كويفاتي أنتج مشروعًا فنيًا متميزًا، ركز على تقديم الأغنية السورية الخالصة بعيدًا عن التقليد الأعمى للمدارس الموسيقية الأخرى. ترانيمها الدينية، مثل “الوصية الأخيرة” التي سجلتها رغم مرضها بالسرطان، عبرت عن إيمانها العميق ورسالتها الروحية، مستوحاة من رؤيا ميرنا الصوفانية. هذا العمل الأخير، الذي أكملته قبل وفاتها، يعكس تفانيها في خدمة تراثها الديني والثقافي. 

الرحيل والإرث 

في عام 2010، أصدرت ميادة ألبوم “إلى أمي وأرضي”، الذي عكس ارتباطها العميق بوطنها وأسرتها. ورغم صراعها مع مرض السرطان، واصلت العطاء حتى آخر أيامها. توفيت في 17 مارس 2021 في حلب، تاركة إرثًا فنيًا غنيًا يمتد من الأغاني الفلكلورية إلى الترانيم الروحية. صوتها لا يزال يتردد كرمز للأصالة السريانية والسورية. 



لماذا ميادة رائدة؟

تُعد ميادة بسيليس رائدة لقدرتها على صياغة هوية فنية فريدة، جمعت بين التراث السرياني والموسيقى العربية الراقية. بينما حقق فنانون آخرون مثل جورج وسوف شهرة أوسع، ارتبطت أعمالهم أكثر بالموسيقى العربية العامة. ميادة، بمسيرتها المركزة على الفلكلور والترانيم، كانت سفيرة للثقافة السريانية، محافظة على جذورها في زمن التحديات الثقافية. إرثها يعيش في أغانيها، عائلتها، وجمهورها الذي لا يزال يحتفي بصوتها الخالد. 

كلمة أخيرة 
ميادة بسيليس لم تكن مجرد مطربة، بل رمزًا للصمود الثقافي والإبداع الفني. من خلال صوتها، حملت السريان وتاريخهم إلى العالم، تاركة إرثًا سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة.



في هذه السلسلة

سليم حانا: رحلة الفنان السوري السرياني في عالم المسرح والدراما

اسكندر عزيز: أيقونة الفن السوري السرياني ورمز الإبداع الخالد

نوري إسكندر: سفير الموسيقى السريانية الشرقية ومؤرخ تراثها

عائلة أصفر ونجار: رواد الزراعة السورية في رحلة عبر الزمن

يوسف عبدلكي: فنان سرياني تشكيلي يجمع بين الإبداع والالتزام

يعقوب قريو: الصحفي والمفكر السرياني الذي حمل شعلة القومية والثقافة

سعيد إسحق.. رجل السياسة الذي عبر التاريخ بصمت

حنا يعقوب عبدلكي (1877-1955): سيرة رجل صنع التاريخ

أسطورة بحدي قريو: قائد من رماد التاريخ

‫شاهد أيضًا‬

وفاة اللاعب الدولي السابق كوركيس إسماعيل عن عمر ناهز 81 عاماً

العراق – نعى الاتحاد العراقي لكرة القدم، مساء السبت، اللاعب الدولي السابق والإداري ا…