‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

ميليشيات تكفيرية متطرفة تُشعل موجة جديدة من العنف في سوريا التي تسيطر عليها الحكومة الانتقالية

دارمسوق /حموث، سوريا — أسفرت حادثتان عنيفتان خلال عطلة نهاية الأسبوع عن تجديد المخاوف بشأن أمن سوريا وتعميق الانقسامات الطائفية في فترة انتقالية هشة. ففي إحدى الحوادث، شنت ميليشيات تكفيرية متطرفة، تتماهي أيديولوجيتها مع بعض العناصر السنية الأكثر تطرفًا داخل الحكومة الانتقالية السورية، هجوماً على ملهى ليلي شعبي بوسط مدينة دارمسوق (دمشق). وفي حادثة أخرى، قام مسلحون مماثلون بمهاجمة حي مسيحي في مدينة حموث (حمص).

غارة على ملهى ليلي في دارمسوق

في وقتٍ متأخر من مساء السبت، اقتحم مجموعة من الرجال الملثمين والمسلحين بشدة ملهى ليليًا في قلب دارمسوق (دمشق). وأظهرت لقطات المراقبة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي أن المهاجمين أجبروا رواد الملهى على الخروج قسراً، ثم بدأوا بضرب أولئك الذين امتثلوا لهم بوحشية. وأسفرت الفوضى التي أعقبت الهجوم عن مقتل امرأة واحدة على الأقل وإصابة عدد آخر بجروح خطيرة.



رغم زعم السلطات باعتقال وزارة الداخلية لعدة أشخاص وإحالتهم إلى القضاء، تشير الأدلة إلى أن الجناة كانوا من ميليشيات التكفيري المتطرفة، المعروفة بأيديولوجيتها المتشددة ورؤيتها الأخلاقية الثابتة. ويبدو أن بعض العناصر السنية المؤيدة للحكومة الانتقالية قد قدّمت دعمًا ضمنيًا لهذه الجماعات، مما يُلقي بظلال مشكِكة على التزام الحكومة الانتقالية بتأمين العاصمة وحماية المواطنين في المناطق التي يُفترض أن تكون مستقرة.

هجوم على منشأة تجارية مسيحية في حموث

على أطراف مدينة حموث (حمص)، وفي بلدة ربطا التاريخية – الواقعة في ريف القصير – وقع هجوم مسلح على محل بيع مشروبات كحولية. ووفقًا لشهادات شهود العيان، تقدمت مجموعة من المسلحين الملثمين، الذين ارتدوا زيًا عسكريًا، بتوجيه إهانات طائفية واضحة للسكان، حيث وُجهت لهم عبارات مثل “الكفار”، ثم شنت الاعتداءات ضد صاحب المحل. تعرض شاب للضرب فيما قام المهاجمون بتخريب المحل وسرقة محتوياته، مما خلف حالة من الصدمة والرعب بين الأهالي.



يشير المدافعون عن حقوق الأقليات إلى أن هذه الحادثة تأتي ضمن نمط متصاعد من العنف المستهدف ضد المجتمعات المسيحية في سوريا، تلك المجتمعات التي لطالما وجدت نفسها عالقة بين قوى متغيرة وتطرف أيديولوجي. ويُبرز استخدام مصطلح “التكفيري” الدوافع الطائفية التي تقف خلف هذه الهجمات.

انعكاسات على أمن سوريا

تشكل الحادثتان في دارمسوق (دمشق) وحموث (حمص) تحديًا جديدًا لإطار الأمن في سوريا بعد نهاية الصراعات. وبينما تؤكد الحكومة الانتقالية على إجراء اعتقالات سريعة وتطبيق سيادة القانون، يرى المراقبون أن ظهور مثل هذه الأعمال العنيفة في قلب دارمسوق يكشف بوضوح عن قصورٍ خطير في القدرة على حماية الأمن والاستقرار داخل المدن.

قال أحد المحللين السياسيين المطلعين على الوضع:

“حتى وإن تمت الاعتقالات، فإن استمرار نشاط مثل هذه الجماعات المتطرفة، وتضافرها أحيانًا مع بعض العناصر المؤيدة للحكومة الانتقالية، يبعث على قلق بالغ. هذه الأحداث لا تُحرج الدولة فحسب، بل تزيد من حدة الانقسامات في مجتمع لا يزال يتألم من آثار عقودٍ من الصراع.”

تداعيات أوسع

تأتي هذه الموجة الأخيرة من العنف في وقت تواصل فيه سوريا محاولاتها الانتقالية للخروج من عقودٍ طويلة من الصراع الدامي. وقد أفادت وكالات الأنباء والمراقبون المحليون بانتشار متزايد للمجموعات المتطرفة ليس فقط في المناطق الحدودية النائية، بل وفي مراكز المدن أيضًا. وتُضيف هذه الهجمات، التي غالبًا ما تكون عشوائية وطائفية في طبيعتها، عبئًا إضافيًا على مجتمعٍ يعاني من شقوق عميقة وتحديات أمنية معقدة.

وفي ظل وعود الحكومة الانتقالية بتحقيق العدالة وإعادة استقرار الحياة المدنية، يبرز الوضع في دارمسوق (دمشق) وحموث (حمص) كدليل على هشاشة سلطة الدولة في مواجهة الديناميات الطائفية والأيديولوجية المتشددة التي لا تزال تجتاح بعض قطاعات المجتمع السوري.

‫شاهد أيضًا‬

حزب الاتحاد السرياني يلتقي بمطران دارمسوق للأرمن الكاثوليك

دارمسوق (دمشق) – زار وفدٌ من حزب الاتحاد السرياني في سوريا مقر مطرانية الأرمن الكاثوليك في…