‫‫‫‏‫أسبوع واحد مضت‬

الحكومة السورية الانتقالية تعيّن القيادي الميليشياوي المدرج على قائمة العقوبات الأميركية أحمد الهايس، مما يثير مخاوف بشأن الاستقرار وحقوق الإنسان

دمشق، سوريا— في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، قامت الحكومة السورية الانتقالية بتعيين أحمد الهايس، أحد قيادات الميليشيات المدرجة على قائمة العقوبات الأميركية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، قائداً جديداً للفرقة 86 في الجيش. هذه الفرقة مسؤولة عن العمليات العسكرية في الرقة، الحسكة، ودير الزور—وهي مناطق تشهد صراعاً مستمراً بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المدعومة من تركيا. ويثير هذا التعيين مخاوف جدية بشأن التزام الحكومة الانتقالية بالاستقرار وحقوق الإنسان، إضافة إلى تأثيره على المفاوضات الجارية مع الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا. 

يُعرف الهايس باسمه الحركي أبو حاتم شقرة، وهو قائد ميليشيا أحرار الشرقية، التي تأسست عام 2016 بهدف الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد. إلا أن هذه الجماعة سرعان ما تحولت إلى أداة تستخدمها تركيا في عملياتها ضد قوات سوريا الديمقراطية، التي يشكّل العنصر الكردي جزءاً أساسياً منها، وضد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.   

يأتي تعيين شقرة وسط جهود الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لتوحيد الفصائل المسلحة المتنازعة تحت راية جيش وطني موحّد. لكن الشراع نفسه تعرض لتدقيق كبير بشأن قيادته السابقة لهيئة تحرير الشام، وهي جماعة متشددة ذات صلات بتنظيم القاعدة. ورغم محاولاته لدمج الفصائل المختلفة، فإن إدراج شخصيات مثل شقرة، المتورط في جرائم حرب جسيمة، يهدد بإفشال هذه الجهود.   

يعتبر سجل شقرة من بين الأكثر خطورة بين قادة الميليشيات. ففي حزيران 2021، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه بسبب تورطه المباشر في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإشراف على عمليات إعدام ميدانية في سجن تديره ميليشيا أحرار الشرقية بالقرب من حلب. كما تورطت جماعته في الاتجار بالنساء والأطفال الإيزيديين، وتجنيد مقاتلين سابقين من داعش، وممارسة الابتزاز على نطاق واسع.   

وقد وثّقت منظمة العفو الدولية ومنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وهي مؤسسة سورية مستقلة غير ربحية، العديد من الجرائم التي ارتكبتها أحرار الشرقية. يقول ألكسندر مكيفر، الباحث في سوريون من أجل الحقيقة والعدالة “من بين الفصائل المدعومة من تركيا، تعد أحرار الشرقية واحدة من الأكثر شهرة بسبب ميل مقاتليها إلى ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين والدخول في مواجهات متكررة مع فصائل أخرى.”   

وربما كان أبرز انتهاك منسوب إلى ميليشيا شقرة الإعدام الميداني للسياسية الكردية هفرين خلف، البالغة من العمر 34 عامًا، وسائقها فرهاد رمضان على طريق سريع في تشرين الاول 2019. وقع الحادث أثناء الهجوم التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، وهي العملية التي وافق عليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.   

من المتوقع أن يؤدي تعيين شقرة إلى تصعيد التوتر بين الحكومة السورية الانتقالية والقيادة الكردية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا. ففي العاشر من اذار وقع الشرع اتفاقاً مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يهدف إلى دمج المؤسسات المدنية التابعة للإدارة الذاتية في الحكومة المركزية، إضافة إلى إدماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن الجيش الوطني الجديد الذي يسعى الشرع إلى تأسيسه.   

إلا أن تعيين شقرة يشير إلى أن الشرع قد لا يتعامل مع هذه المفاوضات بحسن نية. تقول ميغان بوديت، مديرة الأبحاث في معهد السلام الكردي في واشنطن:   

“قرار الحكومة السورية الجديدة بتمكين شقرة يوضح أنها لا تعتبر الأكراد السوريين مواطنين متساوين يستحقون العدالة والحماية، مما يقوض أي مصداقية اكتسبها دمشق في الشمال الشرقي عقب اتفاق العاشر من اذار وصفقة اللامركزية في حلب.”   

فشل الحكومة السورية الانتقالية في منع موجات العنف الأخيرة—بما في ذلك مجازر بحق المدنيين العلويين في اذار—أثار مخاوف كبيرة بشأن قدرتها على تحقيق الاستقرار. وقد تورطت ميليشيا أحرار الشرقية في هذه الاعتداءات، مما يعزز المخاوف من أن تعيين شقرة سيؤدي إلى تمكين الجماعات المسلحة بدلاً من ضبطها.   

كما عبرت سعاد مصطفى، والدة هفرين خلف، عن غضبها عندما ظهر شقرة في مراسم تنصيب الشرع في كان، قائلة:   

“لا أقبل أن يكون قتلة هفرين جزءًا من مستقبل سوريا. كيف يمكن للقتلة والمجرمين والعصابات أن يكون لهم دور؟” 

في ظل محاولات سوريا للخروج من مرحلة انتقالية هشة، فإن تعيين شخصيات مثل شقرة في قيادة الجيش يثير تساؤلات جدية حول المسار الذي تتبعه الحكومة الانتقالية. وما إذا كان الشرع قادرًا على تحقيق التوازن بين توحيد الفصائل المسلحة وبين الحاجة إلى المساءلة والعدالة، لا يزال غير مؤكد.   

لكن بالنسبة للأكراد السوريين وسكان شمال وشرق البلاد، فإن تعيين شخصية معروفة بارتكاب جرائم حرب في منصب عسكري بارز يعد مؤشراً مقلقاً لمستقبل سوريا.   

‫شاهد أيضًا‬

سوريا: مطالبات في السويداء بفتح معبر إنساني لتأمين احتياجات المدنيين

السويداء، سوريا- بعد سلسلة من الاعتداءات التي طالت الأهالي في مدينة السويداء، وجه عدد من ا…