المجلس الوطني المشرقي يُعلن تأسيسه: خطوة تاريخية نحو مستقبل جديد لسوريا (البيان الكامل)
دارمسوق (دمشق)- في خطوة تشكل نقطة تحول في تاريخ النظام السياسي والاجتماعي لسوريا، أعلنت مجموعة من المسيحيين السوريين اليوم في دارمسوق (دمشق) عن تأسيس المجلس الوطني المشرقي، وهو تبني جديد يسعى إلى إعادة رسم مستقبل البلاد بعد سنوات من الدمار والتهجير والمعاناة. يأتي هذا الإعلان بعد مراحل طويلة من النسيان والتهميش لطالما عاشها أبناء سوريا، وهو ما يُعتبر علامة فارقة في المشهد السياسي والاجتماعي المتشابك في البلاد.
إعلان تأسيس المجلس الوطني المشرقي
في خطاب تاريخي أثرى الآفاق الوطنية، قرأ ريمون رحال البيان الذي جاء فيه:
“في البدء كانت الكلمة، ومنذ الأزل تكوّنت سوريا… ومن رحم الألم تولد اليوم مبادرة الأمل.
نحن، مجموعة من السوريين المسيحيين، نعلن في هذه اللحظة التاريخية والمفصلية عن تأسيس المجلس الوطني المشرقي إيمانًا منا بمسؤوليتنا الوطنية ودورنا الأصيل في النهوض بسوريا المستقبل، بعد سنوات من الدمار والتهجير والمعاناة التي عصفت بكل أبناء سوريا.
يأتي تأسيس هذا المجلس كمبادرة وطنية تهدف إلى تنظيم صفوف أبناء المجتمع المسيحي في سوريا وتفعيل دورهم التاريخي في بناء الدولة والمشاركة الفاعلة في رسم ملامح سوريا الجديدة؛ سوريا – سيدة، حرة، مستقلة، تعددية، ديمقراطية، تتسع لجميع أبنائها دون تمييز.
إن المسيحيين في سوريا ليسوا طارئين على هذا الوطن، بل هم جزءٌ لا يتجزأ من النسيج الحضاري والروحي والإنساني لسوريا، ويعود وجودهم إلى آلاف السنين؛ لقد ساهموا عبر العصور في بناء حضارات مشرقية خالدة، بدءًا من الكنعانيين والفنيقيين والأراميين، مرورًا بالسومريين والأكاديين والبابليين والأشوريين والكلدانيين والسريان. إنهم ركيزة أساسية في ترسيخ قيم التنوّع والقبول والانفتاح، وكان لهم دورٌ بارز في تأسيس الدولة السورية الحديثة وتعزيز التعليم والثقافة والهوية الوطنية الشاملة.
لقد شارك المسيحيون السوريون في ثورات واستحقاقات البلاد، وقدّموا شهداء دفاعًا عن وحدة سوريا وكرامة شعبها، واليوم نعيد تأكيد التزامنا بمبادئ الثورة السورية في الحرية والكرامة والعدالة. نحن نؤمن أن بناء سوريا الجديدة لا يمكن أن يتحقق إلا بشراكة حقيقية بين جميع مكونات المجتمع السوري، دون إقصاء أو تهميش.
يهدف المجلس الوطني المشرقي إلى تمثيل المسيحيين السوريين في الحياة السياسية والمدنية، والدفاع عن حقوقهم الوطنية والدينية والثقافية، والمساهمة في بناء دولة المواطنة التي تكرس حيادية الدولة تجاه جميع القوميات والثقافات والأديان، وتعزيز التنوع الثقافي والديني كركيزة للوحدة الوطنية. كما نسعى للحفاظ على خصوصية الهوية المسيحية، والثقافة، واللغة الأم، والاعتراف بقوميتهم ضمن الهوية الوطنية الشاملة مع ضمان حرية ممارسة الطقوس.
نحن نسعى إلى الانفتاح والتعاون مع جميع القوى الوطنية والمساهمة في صياغة مشروع وطني جامع يرتكز على القيم الإنسانية وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، تمهيدًا لإعادة إعمار سوريا التي نحلم بها.
وبناءً عليه، نعلن عن التحضير لعقد المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني المشرقي في مدينة دمشق قريبًا، وندعو جميع أبناء وبنات شعبنا من مختلف المناطق والطوائف للمشاركة الفاعلة في هذا الحدث، إيمانًا منا بأن المستقبل يُبنى بالتكافل والعمل المشترك.
وكما قال السيد المسيح: “الحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان مثل حبّة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل: انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم.”
بهذا الإيمان، ننطلق معًا نحو بناء سوريا تليق بتضحيات أبنائها؛ سوريا السلام والمواطنة والعيش المشترك، وتحقيق العدالة الانتقالية تمهيدًا للمصالحة وإعادة بناء مستقبل يستحقه شعبنا.”
رؤية نحو سوريا جديدة
يعبّر هذا البيان التاريخي عن رؤية واضحة تسعى لإعادة إحياء دور المسيحيين السوريين، ليس فقط كجهة تمثيلية، بل كشريك أساسي في بناء الدولة وإرساء أسس المواطنة الحقيقية. تؤكد المبادرة الوطنية على ضرورة أن يتمتع كل مواطن بحقوقه في المشاركة في صنع القرار واستقطاب كافة مكونات المجتمع دون تمييز. وفي ظل الانقسامات والتحديات التي فرضتها سنوات النزاع، يتطلع مؤسسو المجلس إلى إعادة بناء ثقافة الوحدة والتضامن، معتمدين على الإرث الحضاري العريق الذي يخلده تاريخ الشعب السوري.
آفاق المؤتمر التأسيسي
تخطط المبادرة لعقد مؤتمر تأسيسي في مدينة دمشق خلال الفترة المقبلة، يشكل هذا اللقاء منصة شاملة تجمع القيادات السياسية والمفكرين وممثلي المجتمع المدني من جميع فئات الشعب السوري. ومن خلال هذا المؤتمر، سيتم صياغة رؤية وطنية شاملة ترتكز على قيم الحرية والعدالة والمصالحة الوطنية، ويجمع بين مختلف الآراء لصياغة مسار جديد لإعادة إعمار سوريا بروح الوحدة والتكافل.
من خلال هذا الإعلان التاريخي، يأمل مؤسسو المجلس الوطني المشرقي في فتح فصل جديد من العطاء الوطني، مستندين إلى إيمان راسخ بأن المستقبل يُبنى بالتعاون المشترك والعمل الدؤوب. وبينما يترقب الشعب السوري استمرار جهود الإصلاح وإعادة البناء، يظل هذا البيان قصة أمل وإصرار على تحقيق التغيير الذي طالما حلمت به أجيال من السوريين.
The Levantine National Council Statement Arabicحزب الاتحاد السرياني يلتقي بمطران دارمسوق للأرمن الكاثوليك
دارمسوق (دمشق) – زار وفدٌ من حزب الاتحاد السرياني في سوريا مقر مطرانية الأرمن الكاثوليك في…