الناشط اللبناني “مروان هندي” يدعو إلى اعتماد دستور فيدرالي في البلاد
بيروت – لبنان – لطالما كانت هوية لبنان موضع جدل بين القوى السياسية والفكرية، إذ يرى البعض أن لبنان يتمتع بخصوصية ثقافية وحضارية تجعله متميزًا عن محيطه العربي، وأن عروبة لبنان رُسخت في اتفاق الطائف عام 1989 والذي أوقف الحرب الأهلية اللبنانية.
ورغم أن اتفاق الطائف حسم مسألة الهوية العربية للبنان، إلا أن هناك من يرى أن هذا التأكيد جاء نتيجة ضغوط سياسية فرضتها القوى الإقليمية والدولية التي رعت الاتفاق، وخاصة سوريا، لضمان بقاء لبنان ضمن الفلك العربي وعدم انجراره نحو توجهات أخرى.
الناشط السياسي مروان هندي أكد أن لبنان بلد تعددي، مشيراً إلى أن دول الخليج لا تهتم بموضوع العروبة بعكس ما يعيشه اللبنانيون، واستشهد بما يفعله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من تحديث وتطوير للقوانين في السعودية، من حيث التوجه نحو الغرب وسن تشريعات تحمي المرأة.
هندي: القيم الغربية هي بالأساس قيم مسيحية
وأوضح هندي خلال استضافته في برنامج بكل حرية على شاشة تلفزيون سورويو، أوضح أن السعودية تتجه نحو القيم الغربية التي هي بالأساس قيم مسيحية، فيما لبنان ما يزال يعيش في “مفكرة” العروبة.
وأكد أن عبارة ” لبنان عربي الهوية والانتماء” كان قد فرضها النظام السوري السابق في اتفاق الطائف، ضمن مفهوم العروبي الشمولي التوسعي، الذي هو مرفوض من الدول العربية قبل لبنان.
وأشار إلى أن هذه العبارة موجود في الدستور اللبناني، الذي دعا إلى التخلص منه بشكل كامل، والانتقال بالحد الأدنى إلى دستور فيدرالي يراعي تنوع الهويات والثقافات، معرباً عن إيمانه بعدم إمكانية التعايش الفعلي بين المسلمين والمسيحيين، مشيراً إلى أن التعايش الحالي هو نتيجة تقاطع المصالح.
دولة مسيحية تستقطب المسيحيين في الشرق
وأكد هندي أن النظام الفيدرالي نظام متطور، وكل الدول الراقية لديها شكل من أشكال التعددية، بغض النظر عن نوعها، ودعا إلى إقامة دولة مسيحية لتستقطب على المسيحيين في الشرق، لأنهم أهل هذا البلد.
ورداً عل سؤال إذا كان النظام الفيدرالي يكون الحامي للوجود المسيحي في لبنان أكد هندي بأن هناك تهديد ديمغرافي وأن كل من يشطن النظام الفيدرالي غايته الاستفادة من الخلل الديمغرافي الموجود في المنطقة لطمس المسيحيين وغيرهم.
وأكد الناشط السياسي مروان هندي أن إقرار النظام الفيدرالي في لبنان سيأخذ البلاد نحو الاستقرار ونمو اقتصادي، وأنه سيساعد لبنان للتخلص من الكثير من مشاكله.
الهوية اللبنانية بين الواقع والتاريخ
لبنان، منذ تأسيسه، كان ملتقى للثقافات المختلفة، حيث تأثرت بعض التيارات السياسية والفكرية بالنزعة الفينيقية التي تعتبر لبنان كيانًا مستقلًا عن العالم العربي.
ويبقى الجدل حول عروبة لبنان قائماً بين من يعتبرها حقيقة تاريخية وثقافية، ومن يرى أنها فرضت سياسيًا في اتفاق الطائف. لبنان كدولة يُنظر إليه اليوم كجزء من العالم العربي، لكنه تاريخيًا يحمل تركيبة معقدة من الهويات والانتماءات التي تجعل “عروبته” موضوعًا قابلًا للنقاش.
لبنان القديم كان مهداً لحضارة الفينيقيين، وهي حضارة سامية بحرية عُرفت بتجارتها ونظامها الأبجدي، وقد سبقت ظهور العرب بقرون عديدة. الفينيقيون لم يعتبروا أنفسهم عربًا، بل شعبًا مستقلًا بثقافته ولغته.
تستمر المقالة أدناه
الهوية المارونية ودورها في رفض العروبة
مع صعود الكنيسة السريانية المارونية في لبنان، خصوصًا في جبل لبنان، بدأ يتشكل توجه ثقافي مسيحي يرى في لبنان كيانًا متمايزًا عن المحيط العربي. كثير من المفكرين الموارنة مثل شارل مالك وميشال شيحا رفضوا الانخراط في الهوية العربية السياسية، واعتبروا لبنان جسراً بين الشرق والغرب وليس جزءًا من الوطن العربي.
إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920
لبنان كما نعرفه اليوم تأسس رسميًا عام 1920 بعد قرار الانتداب الفرنسي، وقبل هذا التاريخ لم يكن هناك كيان لبناني مستقل تحت اسم “لبنان”، بل مناطق متفرقة ضمن ولاية سوريا العثمانية. تأسيس الدولة جاء برغبة غربية وفرنسية بشكل خاص، واستُثني من الانضمام إلى الدولة العربية السورية التي كانت تحاول التشكل في دمشق بقيادة الملك فيصل.
وفي العصر الحديث، ظهرت حركات فكرية مثل القومية اللبنانية التي ترى أن لبنان ليس دولة عربية بالأساس، بل له خصوصية تاريخية وهوية مستقلة.
اللغة العربية هي الرسمية في البلاد، لكن الفرنسية لها حضور قوي في المؤسسات والتعليم والإعلام اللبناني، مما يعكس ارتباطًا ثقافيًا غير عربي. كثير من اللبنانيين يتحدثون الفرنسية كلغة يومية، خصوصًا في الطبقات الوسطى والعليا. اللغة السريانية ليست لغة معترفًا بها رسميًا، ولكنها مستخدمة على نطاق واسع من قبل الكنائس السريانية في البلاد. وقد باءت بالفشل حتى الآن الجهود المبذولة للاعتراف بها كلغة رسمية في إدارة الدولة وتعليمها في المدارس.
وإلى أن يقرر اللبنانيون انتماؤهم سيبقى السجال مستمراً، والتاريخ شاهد على أن لبنان كيان فريد، متعدد ومتشابك، لا يمكن حصره في هوية واحدة فقط.
لودريان يلتقي جعجع ومسؤولين لبنانيين في بيروت
لبنان- في إطار زيارته إلى لبنان، التقى الموفد الرئاسي الفرنسي “جان إيف لودريان“…