14/05/2025

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلتقي بالرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع في السعودية

الرياض في تطور دبلوماسي بارز، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء، 14 مايو، بالرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، وذلك على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض. وقد شكّل هذا اللقاء أول اجتماع رسمي بين قادة البلدين منذ أكثر من عقدين، وأشار إلى تحوّل جذري في سياسة واشنطن الخارجية تجاه سوريا ومنطقة الشرق الأوسط. 

جاءت هذه الخطوة عقب إعلان ترامب عن رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على سوريا منذ سنوات، في محاولة لدعم جهود إعادة الإعمار وتسهيل إعادة دمج البلاد في المجتمع الدولي. ويُنظر إلى هذا التحول على أنه إعادة ضبط استراتيجية تعكس نهاية عهد العقوبات العقابية التي فُرضت خلال فترة النظام السابق، وبداية نهج جديد يرتكز على التعاون الاقتصادي والدبلوماسي. 

منعطف جديد في قيادة سوريا 

برز أحمد الشرع، المعروف سابقًا باسم “أبو محمد الجولاني” خلال قيادته لفصائل إسلامية متطرفة، بعد نجاح الحملة التي أطاحت بنظام بشار الأسد في أواخر عام 2024. وبصفته رئيسًا انتقاليًا جديدًا لسوريا، تعهّد الشرع بإعادة بناء الدولة التي دمرتها الحرب، وتشكيل حكومة شاملة. وعلى الرغم من تاريخه المرتبط بجماعات متشددة، يؤكد الشرع اليوم أنه قطع صلاته بها، مكرسًا جهوده لتحقيق الاستقرار وتعزيز مسار المصالحة السياسية الوطنية. 

ويمثل صعود الشرع بداية فصل جديد في تاريخ سوريا، التي عانت من نزاع دموي استمر أكثر من عقد. ويُنظر إلى رفع العقوبات على أنه خطوة محورية في سبيل تعافي البلاد، إذ سيتيح لها الوصول إلى الأسواق العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها. ومع ذلك، أثار هذا التحول في السياسة الأمريكية قلق بعض الحلفاء، ولا سيما إسرائيل، التي لا تزال تتحفظ على خلفية الشرع السابقة. 

مقاربة براغماتية في العلاقات الأمريكية السورية 

يعكس الاجتماع بين ترامب والشرع نهجًا أمريكيًا جديدًا تجاه الشرق الأوسط، يقوم على البراغماتية والشراكات الاقتصادية بدلًا من الاستقطاب الإيديولوجي. ومن خلال الانخراط المباشر مع القيادة السورية الجديدة، تشير إدارة ترامب إلى استعدادها لدعم الحوكمة المستقرة في المنطقة، حتى إن تطلب الأمر التعاون مع خصوم سابقين. 

وقال الرئيس ترامب خلال القمة: “حان الوقت للمضي قدمًا وبناء سوريا أكثر استقرارًا وازدهارًا”، مؤكدًا التزامه بتحقيق الاستقرار الإقليمي من خلال الانخراط الدبلوماسي والتعاون الاقتصادي. 

وفي بيان رسمي نُشر على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الرئيس ترامب التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع بدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك لمناقشة آفاق السلام والازدهار في المنطقة، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الاتصال الهاتفي. 

وأشاد القادة بقرار ترامب رفع العقوبات عن سوريا، مؤكدين أنه سيساهم في تعزيز التعاون الإقليمي. 

وبحسب بيان ليفيت، فقد طالب ترامب الرئيس الشرع بما يلي: 

  • التوقيع على “اتفاقيات إبراهيم” مع إسرائيل 
  • مطالبة جميع الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا 
  • ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين 
  • التعاون مع الولايات المتحدة لمنع عودة تنظيم داعش 
  • تحمل مسؤولية مراكز احتجاز مقاتلي داعش في شمال شرق سوريا 

الدور التركي في الشرق الأوسط 

شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاجتماع عبر الهاتف، حيث أعرب عن دعم بلاده لقرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا، واصفًا إياه بأنه “خطوة تاريخية”. وأكد أردوغان استمرار دعم تركيا للحكومة السورية الانتقالية في حربها ضد الإرهاب، لا سيما ضد تنظيم داعش. وتحتفظ تركيا بدور محوري في الأزمة السورية، خصوصًا مع استمرار تدخلها الميداني ودورها السياسي في جهود مكافحة الجماعات المتطرفة. 

وفي تصريحاته، سلط أردوغان الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة، قائلاً: “لقد آن الأوان لوضع حد للمأساة الإنسانية في غزة”، مؤكدًا التزام بلاده بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين والعمل على إنهاء معاناتهم. 

رؤية أمريكية جديدة للشرق الأوسط 

يمهد قرار الرئيس ترامب بالانخراط مع القيادة السورية الجديدة ورفع العقوبات الطريق أمام اختراقات دبلوماسية محتملة أخرى في المنطقة، وإن كان نجاح هذه الخطوات مرهونًا بقدرة سوريا على الحفاظ على الاستقرار وبناء دولة ديمقراطية شاملة. 

وقد يشكل هذا القرار نموذجًا يُحتذى به لدول أخرى خاضعة لعقوبات، مع الأمل في أن يُحفز جهودًا دولية أوسع لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن الواقع السوري لا يزال معقدًا، ويتطلب تجاوز تحديات كبيرة داخلية وخارجية، مما يجعل الطريق نحو التعافي محفوفًا بالفرص والمخاطر على حد سواء. 

‫شاهد أيضًا‬

مطار القامشلي تحت سلطة إدارية جديدة من قبل المجلس التنفيذي لشمال وشرق سوريا

زالين (القامشلي)، شمال وشرق سوريا — في تحول إداري مهم، أصدر المجلس التنفيذي للإدارة الذاتي…