الإيزيديون يدعون جامعة الدول العربية إلى إعطاء الأولوية للعدالة لضحايا الإبادة الجماعية
بغداد – بينما استضافت العراق القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية هذا الأسبوع، وجهت منظمة “يزدا”، وهي منظمة دولية تُعنى بالدفاع عن ضحايا الإبادة من الطائفة الإيزيدية، نداءً مباشرًا وعاجلًا إلى القادة العرب: أن يجعلوا العدالة والمساءلة وحماية حقوق الأقليات محور الأجندة الإقليمية.
وفي بيان مفصل صدر بالتزامن مع القمة، شددت “يزدا” على أن التنسيق الإقليمي ضروري لمعالجة الطابع العابر للحدود للجرائم التي ارتكبها ما يُعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، ولضمان تعافي الآلاف من الناجين الذين لا يزالون يعانون من تبعات تلك الفظائع.
وقالت المنظمة: “لأكثر من عقد من الزمن، تعرض الإيزيديون وغيرهم من الأقليات لانتهاكات جسيمة على يد تنظيم داعش. ولا يزال آلاف الإيزيديين في عداد المفقودين، كثير منهم من النساء والأطفال الذين اختُطفوا وتم الاتجار بهم عبر الحدود إلى سوريا وتركيا. وبما أن جرائم داعش تجاوزت الحدود الوطنية، فإن تحقيق العدالة يتطلب تنسيقًا إقليميًا وجهودًا جماعية.”
وأشارت “يزدا” إلى أن الحكومة العراقية اتخذت خطوات مهمة – وإن كانت غير مكتملة – نحو العدالة، من بينها إقرار “قانون الناجيات الإيزيديات”، وبدء عمليات فتح المقابر الجماعية، وإعادة رفات الضحايا إلى ذويهم. ووصفت هذه الخطوات بأنها “تقدم حاسم في مسار العدالة الانتقالية”، مؤكدة أن التجربة العراقية تقدم دروسًا قيمة لدول الجوار، لاسيما سوريا، خلال مرحلة ما بعد النزاع.

ورغم هذا التقدم، حذرت المنظمة من وجود ثغرات خطيرة تتطلب استجابة إقليمية موحدة وعاجلة. ودعت إلى إنشاء آلية مشتركة عراقية-سورية، بدعم من جامعة الدول العربية وشركاء دوليين، للعثور على الإيزيديين والمفقودين الآخرين وإنقاذهم، ممن تم الاتجار بهم خارج حدود العراق. واقترحت المنظمة أن تعمل هذه الآلية بالتنسيق مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين لتعزيز فعاليتها.
كما شددت “يزدا” على أهمية ضمان مشاركة الإيزيديين في عمليات العدالة الانتقالية المرتبطة بسوريا، موضحة أن أصوات الناجين يجب أن تكون حاضرة في رسم السياسات وصياغة الآليات القانونية الرامية إلى معالجة الجرائم السابقة. وأكدت أن غياب التعاون العابر للحدود ومساهمة الناجين يهدد بتأخير العدالة أو حتى إضاعتها.
وفيما يتعلق بمكافحة الإفلات من العقاب، دعت المنظمة إلى محاكمات منسقة لعناصر داعش على مستوى الإقليم، تستند إلى أطر قانونية منسجمة، وتستفيد من أدلة مشتركة لملاحقة التهم المتعلقة بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وتجاوزًا لمسألة الملاحقة القضائية، طالبت المنظمة أيضًا بإصلاحات شاملة لحماية الأقليات في العالم العربي، داعية الحكومات إلى اعتماد وتنفيذ قوانين واضحة وشاملة لحماية حقوق الأقليات، محذرة من أن غياب مثل هذه الضمانات ساهم تاريخيًا في ترسيخ أنماط التمييز والعنف.
وفي ختام بيانها، ناشدت “يزدا” الدول العربية الاعتراف رسميًا بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون في سوريا، والعمل على التزام إقليمي بجهود تعافٍ شاملة ومبنية على احتياجات الناجين. وأكدت المنظمة أن هذا الاعتراف ليس مجرد خطوة رمزية، بل يمثل أساسًا جوهريًا لعملية الشفاء ومنع تكرار الجرائم.
وقالت المنظمة: “العدالة لا يجب أن تتوقف عند الحدود الوطنية. التنسيق الإقليمي، ومشاركة الناجين، والتضامن الدولي ضرورات لكشف الحقيقة واستعادة كرامة من عانوا من فظائع داعش الوحشية.”
وقد جذبت القمة، التي تُعقد في بغداد للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، اهتمام مراقبين إقليميين يرون فيها فرصة نادرة لإعادة تعريف دور جامعة الدول العربية في قضايا العدالة ما بعد النزاع وحماية الأقليات. وناشدت “يزدا” القادة العرب عدم تفويت هذه الفرصة، مضيفة: “تقع على عاتق الجامعة العربية مسؤولية التحرك. ينبغي أن تصبح العدالة والمساءلة ومنع التكرار مهمة إقليمية مشتركة – مبنية على التعاون، ومدعومة بالقانون، وموجهة بأصوات الناجين.”
ويُذكر أن الطائفة الإيزيدية، وهي أقلية دينية وعرقية تعيش بشكل أساسي في شمال العراق، تعرضت منذ عام 2014 لحملة إبادة جماعية مروعة على يد تنظيم داعش، أسفرت عن مقتل الآلاف واختطاف واستعباد العديد من النساء والأطفال. ورغم مرور سنوات على تلك الجرائم، لا تزال الطائفة تواجه آثارها، بما في ذلك البحث عن المفقودين والحفاظ على المقابر الجماعية.
وقد شددت “يزدا” في نداءها على أهمية دعم الدول العربية لإطار قانوني شامل لمعالجة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، مؤكدة أن التنسيق بين الجهات الفيدرالية والإقليمية والدولية أمر بالغ الأهمية لضمان تنفيذ خطوات فعالة ومتكاملة.
وفي استجابة أولية، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني التزام حكومته بمواصلة العمل لتحقيق العدالة للمجتمع الإيزيدي، معترفًا بـ”الجرائم التي لا توصف” التي ارتكبت بحقهم من قبل داعش، ومؤكدًا على مبدأ المساواة بين جميع العراقيين.
إلا أن تحديات عديدة ما زالت تواجه هذا المسار، أبرزها القلق الذي عبّرت عنه القيادات الإيزيدية حيال التعديلات الأخيرة على “قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016″، والتي وإن استثنت صراحةً المتورطين في الإرهاب والأعمال العنيفة، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة من إمكانية استخدام القانون لعقد صفقات سياسية قد تُقوّض العدالة المنشودة للضحايا.
وفي السياق نفسه، أكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، خلال مشاركتها في مؤتمر لالش السادس، التزامها بدعم الناجين الإيزيديين، مشددة على أهمية تقديم المساعدة المستمرة وتحسين الأعراف الاجتماعية لتعزيز إعادة إدماج الناجين في مجتمعاتهم.
ومع اختتام أعمال القمة العربية، يعوّل المجتمع الإيزيدي وأنصاره على ترجمة هذه الدعوات إلى إجراءات ملموسة تضمن عدم نسيان الجرائم المرتكبة، ومنع تكرارها في المستقبل.
اتحاد المنظمات العلوية يدين أعمال العنف في تلكلخ بريف حمص
حموث (حمص) سوريا- أدان الاتحاد الفيدرالي للمنظمات العلوية في بيان، أعمال العنف التي اُرتك…