في الذكرى السابعة عشرة لتأسيسها… الجمعية الثقافية السريانية تحتفي بهوية لا تموت
زالين – شمال وشرق سوريا – في صالة عموم الأرمن الخيرية بمدينة زالين (القامشلي)، امتزجت الذكرى بالحنين، وامتدّ الفخر بجذور الأمل، في احتفال بهيج بمناسبة مرور سبعة عشر عاماً على تأسيس الجمعية الثقافية السريانية. لم يكن الحدث مجرد مناسبة بروتوكولية، بل تجسيداً حياً لهوية لا تزال تنبض بالحياة، ودليلاً على أن الثقافة، حين تتجذّر في الروح، تصبح وطناً لا يُمحى.
شهد الحفل حضور ممثلين عن مجلس بيث نهرين القومي، والإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، إلى جانب حشد من أبناء المجتمع السرياني (الآرامي – الآشوري – الكلداني).
استُهل الحفل بدقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء، تلاها كلمة مؤثرة ألقاها السيد إبراهيم آدامو، مسؤول الجمعية في سوريا، قال فيها: “نقف اليوم بفخر واعتزاز لنحيي معاً مسيرة حافلة بالعطاء، والتجدد، والإصرار على حماية هويتنا الثقافية المتجذّرة في أعماق التاريخ.”
وأشار في كلمته إلى أن الشعب السرياني، هذا الشعب العريق، لم يكتفِ بصون لغته وثقافته فحسب، بل ساهم أيضاً في إنارة حضارة ما بين النهرين، وشكّل على مرّ العصور جسراً حياً للفكر الإنساني. وأكد أن الجمعية، منذ تأسيسها، كانت صوتاً لهوية مهددة، ومنبراً للغة وفنون وتراث كاد أن يُنسى لولا الإصرار على البقاء.
وفي حديث خاص لسرياك برس,عقب الحفل، أوضح آدامو قائلاً:
“نحتفل اليوم بالذكرى السابعة عشرة لتأسيس الجمعية، وهي سنوات مليئة بالحب والتعب والعطاء. هذا الإنجاز هو ثمرة جهود كبيرة بذلها أعضاء الجمعية وأصدقاؤها، وكل من ساهم في صون ثقافتنا السريانية المتجذّرة في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
هذه المسيرة لا تتوقف، وستستمر كما استمرت لقرون، لأن ثقافتنا هي ثقافة حب واحترام، وسنواصل العمل مع جميع مكونات المجتمع السوري – من كرد وعرب وآشوريين وسريان – يداً بيد، لننشر ثقافة المحبة والتعايش بين جميع شعوب العالم.”
وتخللت الاحتفال عروض ثقافية وفنية متنوعة، من بينها أغنيات قدّمها كورال الأطفال في معهد نعوم فائق ببيث زالين، ورقصات فلكلورية أداها أطفال فرقة لميتا، وفرقة توما نهرويو القادمة من قبري حيوَرِي (القحطانية). كما قدّمت الفنانة الشابة نينوى، من معهد عبد المسيح قره باشي في الحسكة، أغنية مفعمة بالحنين، استحضرت فيها ذكريات الطفولة والديار.
توالت برقيات التهنئة من عدد من المؤسسات والأحزاب والهيئات المجتمعية، أبرزها: حزب الاتحاد السرياني، مؤسسة عوائل الشهداء السريان–الآشوريين، مركز المشاريع الصغيرة، الاتحاد النسائي الكردي، هيئة المرأة، هيئة الشباب والرياضة، الاتحاد النسائي السرياني، إضافة إلى رسالة تهنئة رسمية من الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية. وقد أكدت جميع الرسائل على أهمية الجمعية كصوت أصيل وحافظ للتراث الثقافي.
وقدّمت فرقة “يرثوثا” للفنون عروضاً راقصة تعبّر عن عمق الانتماء وامتداد الهوية عبر الأجيال. كما عزف الطفل الموهوب “بطرس عبده” مقطوعة موسيقية نالت إعجاب الحضور، في مشهد رمزي جميل يربط الطفولة بعبق التراث.
واختُتمت الأمسية بصوت الفنان سامر حنّا، الذي غنّى للحب، والأرض، والذاكرة، لتُختتم الليلة كما بدأت: بروح لا تُكسر، وهوية لا تُنسى.
من جانبها، أكدت السيدة ربا الفريحات، مسؤولة الجمعية الثقافية السريانية – فرع القامشلي، في تصريح خاص لسرياك برس:
“اجتمعنا اليوم لنحتفل بثمرة سبعة عشر عاماً من العطاء، بدأناها بفكرة صغيرة نمت في قلوب محبة ومخلصة. ورغم ما واجهناه من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، فإن الحاجة اليوم أصبحت ملحّة أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على تراث أجدادنا، وصون الهوية الثقافية السريانية الآشورية الكلدانية. لقد شكلت الجمعية جسراً بين الماضي والحاضر، وأسّست ركائز أساسية للشباب السرياني الطموح، واحتضنت الفن والمسرح واللغة. من خلال برامجها، تمكّنت من زرع الأمل والطموح في نفوس الشباب، ومتابعة رسالتها في حماية تراث الأجداد.”
لم تكن المناسبة مجرّد عرض فني أو احتفال ثقافي، بل كانت فعل مقاومة ناعم، ورسالة واضحة بأن الثقافة السريانية باقية، تتنفس، تنبض، وتستمر. فطوال سبعة عشر عاماً، كانت الجمعية الثقافية السريانية مساحة للذاكرة الجماعية، وبيتاً لكل من آمن بأن الانتماء ليس شعاراً، بل ممارسة يومية، وحلماً لا يفنى.
“الثقافة ليست ملكاً حصرياً لشعب، بل هي جسر يمتد بين القلوب”… بهذه العبارة اختتم إبراهيم آدام كلمته، لتبقى صداها محفوراً في وجدان كل من حضر.
اتحاد المنظمات العلوية يدين أعمال العنف في تلكلخ بريف حمص
حموث (حمص) سوريا- أدان الاتحاد الفيدرالي للمنظمات العلوية في بيان، أعمال العنف التي اُرتك…