20/05/2025

منتدى «المعتقد والوطن» في زالين يُجسّد شراكة المكونات لبناء سوريا الجديدة 

زالين (القامشلي)، شمال وشرق سوريا — نظّم مجلس الأديان والمعتقدات التابع للإدارة الذاتية الديمقراطية لاقليم شمال وشرق سوريا، يوم الثلاثاء، منتدىً حواريًا حمل عنوان «المعتقد والوطن: شراكة لأجل السلام والعدالة في سوريا الجديدة». جمع المنتدى ممثلين عن الإدارة الذاتية الديمقراطية لمنطقة شمال وشرق سوريا، ومؤسسة أولف تاو، والجمعية الثقافية السريانية، ومؤسسة عوائل الشهداء السريان الآشوريين، إلى جانب عدد من المثقفين ورجال الدين وشيوخ العشائر وقادة المجتمع المدني من مختلف مكونات المنطقة. عُقد اللقاء في مدرج جامعة روج آفا بمدينة زالين (القامشلي)، وسط حضورٍ متنوع من السريان والأكراد والعرب.



سياق التشكيل وأهداف المنتدى 

في ظلِّ المرحلة الانتقالية الحرجة التي تمرُّ بها سوريا عمومًا، وإقليم شمال وشرق سوريا خصوصًا، وعقب سنوات طويلة من الصراع والغياب شبه التام للحوار بين المكونات، يهدف المجلس عبر هذا المنتدى إلى ترسيخ فكرة أنَّ “الوطن يحتضن كل المعتقدات والأديان” وضرورة بناء شراكة حقيقية بينها لضمان السلام والعدالة.

شارك في المنتدى مسؤولون عن مكتب العلاقات في المجلس العسكري السرياني التابع للإدارة الذاتية الديمقراطية، إلى جانب قيادات من الإدارة الذاتية الديمقراطية لمنطقة شمال وشرق سوريا، وشخصيات من المجتمع المدني ووجهاء العشائر. وقد حرص منظمو المنتدى على دعوة مختلف المؤسسات الثقافية والدينية للجلوس إلى طاولة واحدة وتبادل الأفكار حول مستقبل سوريا القائمة على التعددية والعدالة.

محاور النقاش والتحديات المشتركة 

افتُتح المنتدى بمحور حول دور المرأة، وقد قدّمت الأكاديمية دلال خليل، عضو مكتب علاقات مجلس الأديان والمعتقدات، ورقة بعنوان “المرأة بين الاعتراف والمشاركة”. وأكدت خلال حديثها لمراسل سرياك برس أن “المرأة السورية تتحمّل الكثير من نتائج سنوات الحرب، وتعيش تهميشًا قانونيًا واجتماعيًا كبيرًا. لقد فرض النظام السابق فكرة أن تكون سوريا بلونٍ واحد ودينٍ واحد، مما أدى إلى انتهاكات واسعة لكافة الأعراف التي كان السوريون يمارسونها معًا”. وأضافت خليل:

“حتى بعد رحيل النظام، لا يزال الشعب السوري يعاني. فقد غُيّبت مشاركة المرأة تمامًا عن صياغة القوانين الانتقالية، وباتت تشريعيات جديدة تُكتب من دون شراكتها. من هنا نؤكد ضرورة أن يكون الدستور المقبل جسًّا شاملاً لكل مكونات المجتمع، وأن تضمن فقراته مشاركة فعلية للمرأة في الحقلين السياسي والاجتماعي.”



التحديات الأمنية وأثرها على التعايش 
ثم انتقل النقاش إلى محور التحديات الأمنية، وتناوله حسين عزام، عضو مكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطي، موضحًا لمراسل سرياك برس أن “دمج الانتماء الفكري أو الديني مع الانتماء الوطني يعزّز إمكانية الوصول إلى سوريا متماسكة وخالية من الإرهاب”. وأضاف:

“من خلال تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، أثبتت المرأة جدارتها في تحمل المسؤوليات وإدارة المراكز المحلية. ومهما اختلفت خلفياتنا، فإن السلام المنشود هو سلام يساوي بين كل السوريين، ويجمعنا رغم التباينات.”

وشدّد عزام على أنّ إشراك جميع المكونات الدينية والإثنية في صياغة القوانين الانتقالية يُعدّ نقطة انطلاق لبناء دولة ديمقراطية حديثة، قائلاً:

“لن يتحقّق الأمن والاستقرار إلا عندما يشعر كلّ فرد بأن له حقًّا مساوٍ في تحديد مصير بلده.”



تداعيات الإرهاب وانعكاساته على الأقليات 
في جلسة مخصصة للأقليات، تحدّث الأستاذ يعقوب برصوم، مدرس اللغة السريانية في “مؤسسة أولف تاو”، عن “الهجمة الإرهابية” التي تعرّض لها الشعب السرياني-الاشوري في سهل نينوى ونهر الخابور على يد تنظيم الدولة الإسلامية الارهابي (داعش). ونقل مراسل سرياك برس عن برصوم قوله:

“اقتحم داعش أراضينا في نينوى والخابور وخطف أكثر من 240 من أبناء شعبنا وخبّأهم بعيدًا عن الأعين. للأسف، لم تُسلِّط المنابر التلفزيونية العالمية الضوء على هذه الجرائم التي أسقطت قرانا ودمّرت جغرافيتنا الثقافية.”

وأوضح برصوم أن “مؤسسة أولف تاو” وثّقت العديد من جرائم داعش، ودعى خلال حديثه لمراسل سرياك برس إلى ضرورة تبنّي خطابٍ إنسانيٍّ مدنيٍّ على المنصات الدولية، يؤكد على حقّ شعبه في العودة الآمنة إلى قراهم والحصول على التعويض عن الخسائر التي لحقت بهم.



القراءة الثقافية وأهمية التنوع 
من ناحيته، أوضح إبراهيم أدمو، مسؤول الجمعية الثقافية السريانية في سوريا، أن “مصطلح ‘الأقليات’ يُغذي خطاب التهميش والوصمة” وأضاف في تصريح لمراسل سرياك برس:

“نحن نؤمن بأن سوريا تتكوّن من مكونات متساوية الحقوق والواجبات، وقد عاشت أجيالٌ من العرب والأكراد والسريان والتركمان معًا في تلاحمٍ مستمر. الجمعية الثقافية السريانية تؤكد دعمها الكامل للمرأة في جميع ميادين الحياة، وللسلام في سوريا الجديدة والخارجية على حد سواء.”

وشدّد أدمو على أنّ تعزيز البعد الثقافي والحضاري يُعدّ طريقة فعّالة لمواجهة خطاب الكراهية والتمييز، قائلاً:

“في شمال وشرق سوريا، التعدّدية الدينية والثقافية هي أحد أهم معالم السلام الحقيقي، وعلينا أن نُجسّد ذلك في القوانين والدساتير القادمة.”

كانت جلسات المنتدى فرصة لتبادل الآراء والصراحة المباشرة بين ممثلي المكونات كافة. تحدث المشاركون لمراسل سرياك برس عن ضرورة استمرار هذه المنابر الحوارية بشكل دوري، لضمان أن تظل أصوات الجميع مسموعة في رسم ملامح سوريا المستقبلية.



 

‫شاهد أيضًا‬

أجهزة الأمن السورية تعلن عن اعتقال وقتل المسؤولين عن هجوم كنيسة مار إلياس

دارمسوق (دمشق) — أفادت أجهزة الاستخبارات السورية أنها فككت خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلا…