‫‫‫‏‫3 أيام مضت‬

محكمة المصرية تؤكد ملكية الدولة لدير سانت كاترين؛ وأثينا تجدّد التزامها بالتفاهم 

القاهرة قضت محكمة مصرية بتحويل ملكية دير سانت كاترين إلى الدولة المصرية، وهو ما أثار قلقاً في اليونان. ورداً على القرار، أصدرت رئاسة الجمهورية المصرية بياناً أكدت فيه أن الحكم يعزز الوضع القانوني للدير، ويقوي حمايته، ويدعم طابعه الديني والثقافي. 

ويشمل الحكم أحد أقدم وأهم المعالم الدينية في العالم. وقد أعرب المسؤولون اليونانيون عن قلقهم، مجدّدين التزامهم بالتفاهم المتبادل مع مصر بشأن الحفاظ على الطابع الأرثوذكسي للدير. وشددت وزارة الخارجية اليونانية على رفضها لأي إجراءات أحادية الجانب تقع خارج إطار الاتفاق القائم بين البلدين. 

ووصف رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان، إيرونيموس، القرار القضائي بأنه “انقطاع عن السوابق القانونية التاريخية”، قائلاً إن مصر “استحوذت على ممتلكات الدير” رغم التأكيدات السابقة التي قدّمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته الأخيرة إلى أثينا. 

مخزن مقدّس للتراث السرياني والمسيحي 

تأسس دير سانت كاترين في القرن السادس الميلادي على يد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول، ويقع عند سفح جبل سيناء، قرب الموقع الذي يُعتقد أنه مكان العليقة المشتعلة المذكورة في الكتاب المقدس، كما حددته القديسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين. وبجانب أهميته المعمارية والدينية، يُعتبر الدير موطناً لأقدم مكتبة مسيحية ما تزال قائمة وتعمل بشكل مستمر في العالم. 

وتكمن الأهمية العالمية للدير في مجموعته الاستثنائية من المخطوطات السريانية القديمة — والتي تُعد ثاني أهم مجموعة من نوعها بعد مجموعة دير القديس يوحنا في “كنيسة السريان” بمصر. 

ومن بين أبرز كنوز الدير المخطوطة السريانية السينائية (سير. 30)، وهي مخطوطة بالمسح التراكمي (باليمبسست) تحتوي على واحدة من أقدم الترجمات الكاملة تقريباً للأناجيل الأربعة إلى اللغة السريانية. وتُعد مرجعاً أساسياً للباحثين في دراسات العهد الجديد وتاريخ النصوص المقدسة. كما يحتوي الدير على مخطوطات سريانية أخرى كثيرة، تشمل كتابات لآباء الكنيسة، وكتب صلوات، ووثائق قانونية، ما يعكس غنى الحياة الدينية والثقافية للمسيحية الشرقية المبكرة. 

وتضم مكتبة الدير قرابة 3300 مخطوطة مكتوبة بلغات متعددة تشمل اليونانية، السريانية، الجورجية، القبطية، الأرمنية، العربية، التركية العثمانية، الحبشية، والسلافونية الكنسية القديمة. وتتوزع هذه النصوص بين كتب دينية، وأعمال قانونية، وأدلة طقسية، وحتى فتاوى إسلامية، مما يدل على أن الدير كان نقطة التقاء للحضارات المختلفة.



في عام 1949، قاد الباحث الأمريكي كينيث دبليو. كلارك بعثة علمية برعاية مكتبة الكونغرس الأمريكية، بهدف تصوير المخطوطات القديمة في مكتبات الشرق الأوسط، وكانت مكتبة دير سانت كاترين في قلب هذه الحملة. وقامت البعثة بمراجعة مخطوطات الدير واختارت 1687 منها لتصويرها على ميكروفيلم، مما أدى إلى إصدار “قائمة المخطوطات في دير سانت كاترين، جبل سيناء” عام 1950، والتي أصبحت مرجعاً مهماً للباحثين حول العالم. 

وقد تم في السنوات الأخيرة تحويل تلك الميكروفيلمات إلى صيغة رقمية، مما وسّع إمكانية الوصول إلى هذا الكنز الديني والعلمي، وأسهم في استمرار إرث الدير في مجالي المعرفة والإيمان. 

وفي بيانه الصادر يوم الجمعة، جدّدت رئاسة الجمهورية المصرية التزام الدولة بالحفاظ على قدسية الموقع، ووصفت القرار القضائي بأنه تأكيد قانوني على الوضع الخاص للدير، ووسيلة لتعزيز حمايته وصون تميّزه الديني. 

ويُعد دير سانت كاترين، المُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، من أبرز المعالم الدينية المسيحية في الشرق الأوسط. وقد بُني في القرن السادس الميلادي عند سفح جبل سيناء، وهو موقع يحمل أهمية روحية كبرى لأتباع الديانات الإبراهيمية الثلاث. 

‫شاهد أيضًا‬

بروهوم نورو: رحلة العشق للغة السريانية وتراثها

في قلب أورهي (أورفا)، مدينة السريان العريقة، وُلد أبروهوم نورو عام 1923، ليصبح أيقونة ثقاف…