‫‫‫‏‫يومين مضت‬

قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي: “سوريا التي تُبنى من دون أكرادها وعربها وسريانها ومكوناتها الأخرى… ليست سوريا التي يمكن أن نكون جزءاً منها”

الحسكة، شمال وشرق سوريا في مقابلة جريئة وشاملة تشي بتحوّل في الديناميكيات الإقليمية، أكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، لأول مرة أن قواته على تواصل مباشر مع تركيا، كما أعرب عن استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغانوهو تطوّر لافت بالنظر إلى العداء الطويل الذي أبدته أنقرة تجاه هذه القوات بقيادة كردية. وقال عبدي في مقابلة تلفزيونية عبر قناةالشمس“: “نحن على تواصل مباشر مع تركيا“، مضيفًا: “ولا أعارض لقاء الرئيس أردوغان“. 

ويمثل هذا التصريح نقطة تحوّل محتملة في علاقة طالما شابها الصراع العسكري وانعدام الثقة وتضارب الأولويات الأمنية. إلا أن عبدي أوضح أن أي مفاوضات — سواء مع أنقرة أو دمشق أو غيرها — يجب أن تنطلق من مبدأ غير قابل للتفاوض: الاعتراف بشرعية قوات سوريا الديمقراطية سياسياً وجغرافياً. 

لحظة تاريخية لأكراد سوريا 

وصف عبدي المرحلة الراهنة بأنها “مرحلة تاريخية” للشعب الكردي، مؤكداً أن الوقت قد حان لكي يلعبوا دوراً في سوريا “يعكس تضحياتهم وتطلعاتهم“. 

وجاءت تصريحاته في ظل جهود مستمرة لفتح قنوات تفاوض مع الحكومة السورية المؤقتة. ووفقاً لعبدي، فقد تم بالفعل تشكيل وفود تفاوضية تضم ممثلين عن المجلس الوطني الكردي  والإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا  — وهي الهيئة المدنية التي تتولى إدارة معظم مناطق شمال وشرق سوريا منذ عام 2012. كما يُمثَّل حزب الاتحاد السرياني  في وفد الإدارة الذاتية من خلال الرئيس المشترك للحزب سنحريب برصوم، ما يضمن تمثيل المكون السرياني في هذه المفاوضات مع الحكومة المؤقتة. 

وقال عبدي: “نحن جادون بشأن الحوار، ولكن لا يمكن بناء سوريا جديدة دون الاعتراف بحقوق جميع مكوناتها“. 

الاندماج في الجيش… ولكن ليس بأي ثمن 

تطرق عبدي أيضاً إلى مسألة مصير قوات سوريا الديمقراطية، مشدداً على أن الاندماج في الجيش السوري ممكن — لكن فقط ضمن “اتفاق سياسي شامل” يتضمن الاعتراف بمبدأ اللامركزية السياسية وضمان حقوق المكونات العرقية والدينية في شمال وشرق سوريا. 

وقال: “هذه ليست عملية سريعة أو رمزية”. وأضاف: “قد يستغرق دمج قواتنا في الجيش السوري سنوات — ويجب أن يتم ذلك بما يحفظ هوية وهيكل قواتنا ضمن إطار وطني“. 

تواصل مباشر مع تركيا بدعم من واشنطن 

وفي تطور متصل، ذكرت صحيفة المونيتور أن اتصالًا هاتفيًا جرى مؤخرًا بين الجنرال عبدي والمبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، توماس باراك. وبحسب التقرير، فإن مسؤولين أتراك رفيعي المستوى طرحوا فكرة عقد اجتماع رفيع المستوى بين عبدي وممثلين عن تركيا في دارمسوق (دمشق) — رهنًا بنتائج المحادثات الجارية مع الحكومة السورية المؤقتة. 

وخلال هذا الاتصال، شجع باراك عبدي على مواصلة جهود التهدئة مع أنقرة، والتي تسهّلها الولايات المتحدة. ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها جزءاً من جهود أوسع تبذلها واشنطن لتقليص التوتر بين شريكيها الإقليميين: تركيا العضو في الناتو، والقوات الكردية التي لعبت دورًا محوريًا في هزيمة تنظيم داعش على الأرض. 

“هزمنا الإرهاب — وسندافع عن مكاسبنا” 

اتسمت نبرة عبدي خلال المقابلة بالثقة والتحدي في آن واحد، حيث شدد على الدور الأساسي لقواته في هزيمة تنظيم داعش، مشيراً إلى وجود أكثر من 10,000 من مقاتلي التنظيم في مراكز احتجاز بشمال شرق سوريا. وقال: “لقد ساهمنا بفعالية في هزيمة الإرهاب، وسندافع عن إنجازاتنا“. 

وحذّر من محاولات فرض اتفاقات سلام شكلية أو تنازلات سطحية تتجاهل المظالم السياسية العميقة التي يعاني منها الشعب الكردي. وقال: “نرفض العودة إلى نقطة الصفر”. وأضاف: “تضحياتنا كانت من أجل تحقيق تغيير حقيقي — لا من أجل مجرّد تنازلات رمزية“. 

فخور بهويته ومتجذر في مستقبل سوريا 

وفي لحظة شخصية نادرة، عبّر عبدي عن فخره بهويته الكردية، وأكد أن مستقبل سوريا يجب أن يكون شاملاً. وقال: “نحن جزء أساسي من مستقبل سوريا. لقد عانى الشعب الكردي من التهميش لعقود، ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر“. 

كما جدد التأكيد على أن قوات سوريا الديمقراطية لا تسعى إلى الانفصال أو إقامة دولة مستقلة. وقال: “نحن لا نريد الانفصال. نريد سوريا موحدة — عاصمتها دمشق — ولكن كدولة لامركزية وديمقراطية تُحترم فيها حقوق جميع شعوبها“. 

محور جديد: دارمسوق أنقرة، وقسد؟ 

أصبح احتمال فتح مسار ثلاثي يجمع دارمسوق (دمشق) وأنقرة والإدارة الذاتية — وهو أمر كان يُعتبر مستحيلاً — اليوم مطروحاً كخيار واقعي. وبالنسبة لقسد، فإن مثل هذه المفاوضات مقبولة إذا ما ضمنت الحفاظ على الحكم الذاتي، وحماية المجتمعات المحلية، وتمهيد الطريق نحو مشاركة سياسية حقيقية. 

وعندما سُئل عن الشراكات الدولية المحتملة، قال عبدي: “إذا كان بإمكان إسرائيل أن توقف قتل شعبنا، فنحن نرحب بذلك”. وقد عكس هذا التصريح واقعية جيوسياسية جديدة — تنطلق من مبدأ الدفاع عن الأرواح، لا من الأيديولوجيا. 

نهاية السيطرة الأحادية 

مع فتح قنوات تواصل محتملة مع تركيا وسوريا، وبدعم أمريكي، يبدو أن عبدي وقوات سوريا الديمقراطية يستعدون للانتقال من قوة عسكرية في زمن الحرب إلى فاعل سياسي يُساهم في رسم ملامح سوريا ما بعد الحرب. 

واختتم عبدي حديثه قائلاً: “سوريا التي تُبنى من دون أكرادها، عربها، سريانها، ومكوناتها الأخرى… ليست سوريا التي يمكن أن نكون جزءاً منها“. 

‫شاهد أيضًا‬

بمناخ إيجابي، انعقاد الجولة الأولى من المفاوضات بين الإدارة الذاتية الديمقراطية والحكومة السورية في دارمسوق 

دارمسوق – عقدت يوم الأحد في العاصمة دارمسوق (دمشق) أول جولة مفاوضات رسمية بين وفد الإدارة …