سهام قريو: “دور المرأة أساسي في شمال وشرق سوريا”
زالين، شمال وشرق سوريا — في مقابلة معمقة أجرتها قناة “روج افا” الإثنين، كشفت سهام قريو، الرئاسة المشتركة لمجلس الشعوب الديمقراطي في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، عن الدور الحاسم الذي لعبته النساء في مؤسسات الإدارة والمجتمع المدني في المناطق المحررة—على الرغم من تحديات قانونية واجتماعية وثقافية لا تزال قائمة.
منذ تأسيس الإدارة الذاتية عام 2013، حين حرر المقاتلون من سريان وأكراد وعرب وحلفاؤهم المدنيون أجزاءً من إقليم شمال شرقي سوريا، عملت قريو وزميلاتها على بناء مؤسسات تضمن مشاركة النساء في كل مستوى.
وقالت قريو للقناة: “منذ البداية في الجزيرة وكوباني وعفرين، كانت النساء يثبتن وجودهنّ في اللجان الشعبية. وبعد تحرير منبج والرقة والطبقة ودير الزور، ركّزنا بشكل جاد على إدماج المرأة في هذه المدن المُحرَّرة حديثًا”.
على أرض الواقع، تجسّد هذا الإدماج عبر “الرئاسة المشتركة”؛ إذ يجب أن يتولى إدارة كل هيئة رئيسان: رجل وامرأة، فضلاً عن تخصيص حصص نسائية في المجالس المحلية والبلديات والهيئات التشريعية. وأوضحت قريو أن نساءً من كل المكونات— السريانية والكردية والعربية—شاركن بفاعلية في الحملة ضد تنظيم د1عش الارهابي، وتدرّجن لاحقًا إلى مناصب قيادية في مجالس الأحياء ولجان التعليم ومديريات الصحة.
“لم تستطع أي قوة إقصائنا بعد أن أظهرت كفاءتها في كل ميدان—أمن وسياسة وخدمات اجتماعية” ، قالت قريو. “حالما تشغل المرأة المنصب، يصعب تهميشها.”
لكن الطريق لم يخلو من الصعوبات. تبيّن قريو أن القوانين المعمول بها في بعض القرى والبلدات الصغيرة ما تزال تُعطي الوصاية للرجال، وتعتبر النساء تابعين بدلاً من شركاء متساوين. “الممارسات التقليدية التي تهمّش المرأة وتُعلي من شأن الرجل كانت متجذرة،” استذكرت. “اضطررنا للكفاح ضد متطرّفين مهمشين المرأة، وضد عاداتنا المجتمعية في آن واحد.”
تراجع الحواجز تدريجيًا
على مدى السنوات الخمس الماضية، بدأت تلك الحواجز تتقلص بفضل تشريعات جديدة وحملات توعية ورسائل سياسية واضحة. أقرّت الهيئة التشريعية في الإدارة الذاتية قوانين تكفل تمثيل النساء بنسبة 40 في المئة في كل الهيئات المنتخبة؛ كما أُدرج كبار شيوخ العشائر وأئمة المساجد المحليين في حملات التوعية لتأكيد جواز—وأحيانًا وجوب—قيادة المرأة وانخراطها في العمل العام. وأكدت قريو أن “الرجال باتوا يدركون أن اتخاذ القرارات بالشراكة يعزز صلابة المجتمعات، لا سيما في مرحلة إعادة الإعمار”.
إلى جانب الحصص النسبية، دشّنت الإدارة الذاتية مكتب شؤون المرأة الذي أطلق برامج تدريبية في عشرات القرى، يُعنى بتأهيل النساء لمهارات إدارية وأساليب تنمية المشاريع الصغيرة. وشرحت قريو: “آلية عملنا تقوم على التوعية والتنظيم والتمكين والتدريب. مَن كانت تتردّد في الكلام أمام المجلس، اليوم تجلس كرئيسة لجنة مهمّة.” وتابعت: “عندما تتناول امرأة الميزانية أو ملف الأمن عن المنصة، يُدرك الجميع أن دورها لم يعد مقتصرًا على الجماليات أو الحرف اليدوية.”
في رأي قريو، أسهم هذا التطور في “تطبيع” تواجد النساء في مجالات كانت حكرًا على الرجال. وأشارت إلى انتخاب امرأة كقيادة شرطة في الطبقة وتشكيل وحدة إطفاء نسائية في دير الزور. “قبل عقد، كان البعض ينظر إلى ذلك بسخرية”، قالت قريو، “واليوم يرون أن النساء ينقذن الأرواح أيضًا”.
تحديات قائمة
ومع ذلك، لا يزال بعض المجتمع التقليدي في مناطق دير الزور وريف عفرين يقف ضد ترشح المرأة في الانتخابات المحلية. وامتنع بعض القضاة المحافظين عن تطبيق قوانين المساواة بين الجنسين بشكل كامل، كما عطّلت اشتباكات متقطعة مع فصائل مدعومة تركيًا بعض البرامج التنموية في تلك المناطق. اعترفت قريو بوجود تحديات “لكن يجب أن نستمر في حماية المكتسبات بكل يقظة”.
آفاق انتقالية
وبالنسبة للمستقبل، أملت قريو أن يصبح نموذج الإدارة الذاتية—المعروف محليًا باسم “الكونفدرالية الديمقراطية” —قدوة مطبقة على باقي أنحاء سوريا والمنطقة. “قوتنا تكمن في التعددية”، قالت. “إذا استطاعت نساء سريان وكرديات وعربيات وإيزيديات الجلوس على طاولة واحدة في القامشلي، تخيّلوا ما يمكن أن يحدث في دمشق أو حلب. هذه ليست ثورة محلية فحسب، بل قد تكون نموذجًا إقليميًا”.
تدير الإدارة الذاتية الديمقراطية نحو ربع مساحة سوريا حاليًا، ويشغل أكثر من 90 امرأة مقاعد في مجلسها التشريعي، في حين تتولى النساء نصف رئاسة البلديات في مناطقها. يرى مراقبون في دارمسوق (دمشق) تلك الأرقام بإعجاب وحذر.
بالنسبة إلى قريو، يبقى الضغط على “التضامن الدولي” ضروريًا لتعزيز تلك المكاسب. وشددت على أهمية تبادل الخبرات والتمويل والدعم المعنوي مع منظمات حقوق النساء في أوروبا وأميركا. “رأينا ما استطاعته مجموعة من النساء المصممات في بيئة حربية وصعبة”، قالت، “تخيّلوا ما يمكن أن ننجزه بشراكات أوسع”.
بعد ثماني سنوات على ولادة الإدارة الذاتية، تطوّرت مكانة المرأة من رمزٍ تمثيليّ إلى دعامةٍ أساسية في هيكل الحكم. وختمت قريو: “عندما يسأل العالم، ‘ما هو اقليم شمال وشرق سوريا’ سنقول: ‘حيث لا تكتمل معادلة القرار إلا بحضور كل امرأة، وكل مكوّن، جنبًا إلى جنب’”.
مظاهرة في اللاذقية تنديداً بتفجير كنيسة مار الياس
اللاذقية، سوريا – في وقفة خشوع وتأثر بعبارة نحن أبناء وطن واحد ، وبصوت يعلو بجملة ال…