السلام لا يمكن أن يكون شأناً يخص طرفين فقط
بقلم: فهمي فيرغلي | الرئيس المشارك للاتحاد السرياني الأوروبي
يُعدّ الشعب السرياني من بين أكثر الشعوب التي دفعت ثمناً باهظاً في هذا الصراع.
فالنزاعات المسلحة والسياسات الأمنية الممتدة منذ عقود في تركيا، لا تقتصر على طرفي الدولة وحزب العمال الكردستاني فقط. بل إن آثار هذا الصراع طالت مختلف المكوّنات من أتراك، وأكراد، وسريان، وأرمن، وعلويين، وعرب، واللاز (شعب قوقازي يعيش في شمال شرق تركيا ويتحدث لغة قريبة من الجورجية)، والشركس، وغيرهم من الشعوب.
الجميع أصيب بجراح، وفقد أحبّاء، وتحمّل الخسائر.
غير أن بعض الشعوب – ولا سيما تلك التي تم إسكات صوتها – باتت أكثر تهميشًا واختفاءً خلال هذه المرحلة.
ويُعدّ السريان من أكثر الشعوب تضررًا وصمتًا، رغم عمق الأثر الذي لحق بهم جرّاء هذا النزاع.
منذ ثمانينيات القرن الماضي، ومع تصاعد وتيرة العنف:
- تم إفراغ عشرات القرى السريانية من سكانها،
- أُجبر آلاف الأفراد على الهجرة القسرية،
- وقعت عمليات اغتيال لم تُكشف حقيقتها،
- وتقلّص الوجود السرياني، أحد أقدم شعوب بلاد ما بين النهرين، وأُجبر على الصمت فوق أرضه التاريخية.
لذلك، لا يمكن بناء السلام على أساس حوار بين طرفين فقط؛ بل لا بد أن يكون عملية شاملة تأخذ في الاعتبار أصوات وآلام وتطلعات جميع الشعوب.
مطالب الشعوب من أجل تحقيق السلام
1 – عملية سلام شاملة وتعددية
لا ينبغي اختزال مسار السلام في مفاوضات تقنية بين الدولة وحزب العمال الكردستاني، بل يجب أن يتحوّل إلى مسار اجتماعي منفتح يشمل كل المكونات المجتمعية التي تعيش على هذه الأرض.
(فدون مشاركة الشعوب المهمّشة تاريخياً، كالسريان، سيبقى السلام ناقصاً وغير مكتمل.)
2 – مواطنة متساوية والاعتراف بالهويات
يجب أن ينص الدستور الجديد بوضوح على الاعتراف بهوية، ولغة، وثقافة كل شعب.
(إن الشعب السرياني، الذي يمتد وجوده لآلاف السنين، يطالب بأن يُعترف به كمواطن كامل الحقوق. ويُعدّ استخدام اللغة السريانية في الفضاء العام جزءًا جوهريًا من هذه المطالبة.)
3 – حماية الحقوق الثقافية والدينية
يجب أن تضمن النصوص الدستورية حماية اللغة، والدين، والثقافة لجميع الشعوب دون تمييز.
(ويشمل ذلك ضمان حقوق الملكية الخاصة بالكنائس السريانية، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وتدريب وتخريج رجال الدين).
4 – معالجة التهجير القسري والخسائر والانتهاكات
ينبغي تمكين الشعوب التي تعرّضت للتهجير القسري – وعلى رأسهم السريان – من العودة إلى قراهم، وتعويضهم مادياً ومعنوياً. كما يجب فتح ملفات الاغتيالات غير المحلولة، والوصول إلى أرشيف الحقائق، وتحقيق العدالة.
5 – ضرورة إشراك الشعوب في العملية السياسية والدستورية
ينبغي أن تشمل عملية السلام وصياغة الدستور ممثلي الشعوب، والمكونات الدينية، والمجتمع المدني، إلى جانب الأحزاب السياسية.
فأي سلام لا يشمل الجميع، خصوصًا من لم يُمنحوا مقعدًا على طاولة المفاوضات، لن يكون سلامًا مستدامًا.
وفي الختام, الاعتراف هو بداية السلام الحقيقي
إذا كانت تركيا تطمح إلى سلام حقيقي وديمقراطية راسخة، فعليها الاعتراف بهويات الشعوب، ولغاتها، وآلامها، ومطالبها المشروعة.
فمن دون السريان، تبقى رواية هذه الأرض ناقصة، وكذلك مسيرة السلام.
السلام للجميع.
الديمقراطية للجميع.
الحقوق للجميع.
فهمي فيرجيلي هو الرئيس المشارك للاتحاد السرياني الأوروبي. يمكنكم متابعته على: @TonyVergili وفيسبوك
تنويه: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب, و لا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية لموقع SyriacPress أو موقفه اتجاه أي من الأفكار المطروحة.
لاتحاد السرياني مهنئا قوى الأمن الداخلي: الشرعية لا تكتمل الا من خلال حصرية السلاح
لبنان- بمناسبة عيد قوى الأمن الداخلي، توجّه حزب الإتحاد السرياني بالتهنئة والتقدير إلى قي…