سهول الخابور تتحول إلى ملاذ جديد للتنظيم
دير الزور – في تصعيد جديد للهجمات التي تنفذها خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” الارهابي في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، شهد ريف دير الزور الغربي فجر اليوم هجوماً مباغتاً استهدف حاجز الحريجي الغربي ونقطة عسكرية تابعة لمجلس دير الزور العسكري الملاصقة له. ورغم أن الهجوم لم يسفر عن خسائر بشرية، إلا أنه يعكس تنامي الجرأة والتنسيق في تحركات التنظيم الارهابي، الذي يبدو أنه بدأ بإعادة تنظيم صفوفه في سهل الخابور التاريخي، مستغلاً هشاشة الوضع الأمني.
ووفقاً للمعلومات الأولية، فقد انطلق الهجوم من جهة نهر الخابور، ما يعيد إلى الواجهة المخاوف المتصاعدة من تحوّل السهل الذي يحتضن بلدات آشورية وسريانية قديمة إلى مأوى آمن لخلايا التنظيم المتوارية. وقد سارعت دوريات أمنية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية إلى تمشيط المنطقة بحثاً عن المهاجمين، وسط توتر وقلق من عودة التنظيم إلى استراتيجيات حرب العصابات على أطراف المدن والقرى ذات الرمزية الديموغرافية والدينية.
من وطن للشعوب العريقة إلى ملاذ لمسلحين إرهابيين
سهل الخابور الذي لطالما كان موطناً تقليدياً للسريان الآشوريين، وتعرض في عام ألفين وخمسة عشر لاجتياح واسع من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي اختطف العشرات من المدنيين وهجّر الآلاف من منازلهم، يشهد اليوم عودة مقلقة لنشاط عناصر التنظيم. فالهجوم الأخير ليس معزولاً، بل يأتي ضمن سلسلة من التحركات التي تشير إلى أن التنظيم يعيد تركيز جهوده في هذه المنطقة ذات الطبيعة الجغرافية المعقدة، والتي توفر له بيئة مثالية للتخفي والتنقل بين ضفتي النهر.
توزع جغرافي واستراتيجية متفاوتة
وتُظهر المعطيات الميدانية أن نشاط التنظيم لا يقتصر على منطقة بعينها، بل يتوزع ضمن نطاق جغرافي واسع من شمال شرق سوريا، مع تفاوت واضح في شدة العمليات ونتائجها.
ففي دير الزور، التي تبدو اليوم وكأنها المركز الأبرز لتحركات خلايا التنظيم، سُجلت اثنين وتسعون عملية منذ بداية عام ألفين وخمسة وعشرين فقط، خلفت ما لا يقل عن تسعة عشر مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية والقوات المتحالفة معها، إضافة إلى ثلاثة من عناصر التنظيم الارهابي وخمسة مدنيين، فضلاً عن أكثر من عشرين جريحاً. هذا التركّز الكثيف للهجمات يشير إلى قدرة التنظيم على استغلال الطبيعة الوعرة والبنية العشائرية للمنطقة لإعادة بناء شبكاته المحلية.
أما في محافظة الحسكة، فقد تم تسجيل عشر عمليات منذ بداية العام، أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم أربعة من عناصر التنظيم الارهابي، وعنصران من قوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى عنصر واحد من قوات قسد. ويُعتقد أن هذه العمليات تستهدف تفكيك البنية الأمنية الداخلية، وزعزعة استقرار المنطقة التي تمثل مركز ثقل سياسي وإداري للإدارة الذاتية.
وفي الرقة، حيث أعلن التنظيم لأول مرة قيام ما أسماه بـ “الخلافة الإسلامية” عام ألفين وأربعة عشر نُفذت سبع عمليات خلال الأشهر الأخيرة، أدت إلى مقتل خمسة عسكريين، من ضمنهم عنصر من قوات سوريا الديمقراطية وآخر من قوى الأسايش (الأمن الداخلي)، إضافة إلى عنصر من التنظيم، وإصابة ثمانية آخرين بجروح متفاوتة.
اللافت أن هجوم اليوم لم يسفر عن ضحايا، وهو ما قد يشير إلى أنه كان بمثابة اختبار أمني أو رسالة ضغط من التنظيم الذي يعتمد على تكتيك الاستنزاف عبر ضربات خاطفة وسريعة، دون الدخول في مواجهات مباشرة.
ومع تصاعد الهجمات وتزايد المخاوف من عودة التنظيم عبر النوافذ الجغرافية المفتوحة، تبدو الحاجة ملحة إلى مقاربة أمنية جديدة تتضمن تعاوناً محلياً ودولياً، واستثماراً أكبر في استقرار المناطق الخارجة من قبضة التنظيم، لمنع تكرار سيناريوهات الماضي.
وزارة الداخلية السورية تعمل في إطار إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية
سوريا- ضمن خطةٍ جديدةٍ لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية السورية، بدأت وزارة الداخلية السورية ب…