الحكومة السورية تمنح ترخيص الجمعية الثقافية السريانية: خطوة صغيرة… بأثر كبير
دارمسوق (دمشق) – في أحد أروقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في دارمسوق (دمشق)، صدر قرار يحمل في طياته وزنًا تاريخيًا لشعب ما زال يقاوم من أجل البقاء، والاعتراف، والكرامة.
القرار رقم 151، المؤرخ في التاسع والعشرين من شهر أيار / مايو لعام ألفين وخمسة وعشرين، منح ترخيصًا رسميًا للجمعية الثقافية السريانية، لتعمل على كامل الأراضي السورية في المجالات الثقافية والاجتماعية، ولتكون صوتًا للهوية السريانية – التي طالما عانت من التهميش والنسيان.
تأسست الجمعية في أبريل 2008 بمدينة القامشلي (بيث زالين)، وعُرفت في السريانية الكلاسيكية باسم ܟܢܘܫܬܐ ܡܪܕܘܬܢܝܬܐ ܣܘܪܝܝܬܐ ܒܣܘܪܝܐ. ومنذ انطلاقتها، سعت الجمعية إلى حماية مصالح السريان في جميع طوائفهم—الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وغيرهم—عن طريق تنظيم ورش عمل للغة، وإحياء الفنون الشعبية، ودعم المواهب الرياضية والأدبية، وإحياء عطلات قومية رئيسية: الأول من أبريل (رأس السنة البابلية–الآشورية) والرابع والعشرون من نيسان / أبريل (ذكرى مرور مائة عام على مجازر السيفو عام 1915).
رغم أن مقرها الرئيسي لا يزال في بيث زالين (القامشلي)، فإن الجمعية تملك فروعًا نشطة في الحسكة وديريك وقبري حيووري، وتخطط للتوسع أكثر. وتشمل برامجها دورات في الخط السرياني ومهرجانات بين الأديان تهدف إلى تعزيز التعايش وترسيخ الاستقرار في المنطقة.
بالنسبة للكثيرين من أبناء هذا الشعب، الذين يشكلون أحد أقدم المكونات الحضارية في الشرق الأوسط، لم يكن الترخيص مجرّد ورقة رسمية. بل بدا وكأنه اعتراف متأخر بوجودهم التاريخي وحقهم في الحضور والتعبير.
وتعتبر هذه الخطوة واحدة من أهم الخطوات حيث أنها تتعدى كونها مجرد لحظة رمزية فبعد سنوات من التهجير، والتآكل الديمغرافي، وانكماش الدور الثقافي، يأتي هذا الترخيص ليمنح الشعب السرياني (الارامي الاشوري الكلداني) مساحة يعيد فيها تشكيل ذاكرته الجمعية.
فعلى مدى قرون، لعب الشعب السرياني دورًا محوريًا في الترجمة، الطب، والفلسفة، وكانوا جسرًا بين الحضارات. إلا أن العقود الأخيرة شهدت تقلص أعدادهم بشكل كبير بسبب الهجرة، خاصة بعد الحرب السورية. واليوم، تأتي هذه الخطوة كمحاولة لإعادة وصل ما انقطع.
وتهدف الجمعية إلى نشر اللغة السريانية، وتنظيم فعاليات ثقافية، والعمل على تعزيز القيم التاريخية والتواصل بين السوريين من مختلف الخلفيات. كما تتطلع إلى لعب دور اجتماعي يعزز من صمود من تبقى من أبناء الطائفة داخل البلاد، ويحد من نزيف الهجرة المتواصل.
قد لا تغيّر هذه الخطوة المشهد بالكامل، لكنها تفتح نافذة صغيرة في جدار طويل من الإقصاء، وهي البداية لكتابة فصلٍ جديدٍ في قصة شعبٍ لم ينكسر.
وفي زمن يبدو فيه المستقبل غامضًا، تمثل الجمعية الثقافية السريانية بارقة أمل لشعب يعيش على هامش النسيان، لكنه لا يزال يحمل في ذاكرته إرث حضارة تمتد لآلاف السنين… ويأبى أن يُمحى.
جهود إخماد حرائق اللاذقية مستمرة.. والإدارة الذاتية تسيّر قافلة دعم نحو مناطق الحرائق
اللاذقية، سوريا — لاتزال الحرائق التي اندلعت في مدينة اللاذقية، الخميس الفائت، والتي اجتاح…