الصحفي اللبناني رامي نعيم: المرشد الأعلى علي خامنئي هو جذر مآسي لبنان
بيروت — في سلسلة من المقابلات التلفزيونية والإذاعية الأخيرة، وجّه الصحفي اللبناني رامي نعيم إنذارًا حادًا لصنّاع القرار في المنطقة: لا مفاوضات مع إيران قبل سقوط نظامها الديني. وفي برنامج “من لبنان” على قناة سورويو تي في، وصف نعيم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، بأنه “جذر مآسينا”، منتقدًا الشلل الطائفي في لبنان تحت ظل حزب الله وطهران.
وقال: “منذ أربعين عامًا، فُرض علينا أن نختار بين الخضوع لولاية الفقيه أو أن نُوصم بالصهيونية”. وأضاف أن المعركة الحقيقية ليست مع إسرائيل، بل مع الأيديولوجيا التي تنبع من طهران، والتي ترى في اللبنانيين “وقودًا” لحروبها بالوكالة.
بنى نعيم مسيرته المهنية على المواجهة مع حزب الله، القوة الشيعية المهيمنة في لبنان. وكان مراسلًا سابقًا لإذاعة “صوت لبنان”، وذاع صيته في في مقابلة منفصلة مع منصة “نيسان / أبريل 2024 عندما اعتقلته القوات المسلحة اللبنانية لفترة وجيزة بعد أن هدد، في بث مباشر، بإطلاق النار على عناصر الأمن إذا انحازوا لحزب الله ضد المعارضين. ورغم اعتذاره لاحقًا، لم يتراجع عن تصريحاته النارية بشأن سلاح الحزب وقيادة حسن نصر الله.
في 18 حزيران/يونيو 2024، نجا نعيم مما وصفه بمحاولة اغتيال في حي فردان الراقي بغرب بيروت. وأثناء جلوسه مع زميل له في مقهى، اقتحم نحو 20 مسلحًا المكان، واتهمهم نعيم بالانتماء إلى حزب الله. وقال لاحقًا لموقع “السياسة”: “ضربوني بمسدساتهم، ووضعوا سلاحًا على رأسي، وهددوا صديقي بسلاح على بطنه”. نُقل إلى مستشفى القديس جاورجيوس في الأشرفية، ثم أحال قضيته إلى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي دعا السلطات القضائية إلى ملاحقة المعتدين.
أثارت الحادثة موجة تنديد واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية اللبنانية. وغرّد الدكتور أمين إسكندر، رئيس الاتحاد السرياني الماروني، معبرًا عن “دعمه الكامل” لنعيم، ومنددًا بـ “السلاح غير الشرعي” الذي يهدد جميع اللبنانيين. ومع ذلك، لم تُوجَّه أي تهمة رسمية لحزب الله، ما يعكس قدرة الحزب على ترهيب منتقديه دون مساءلة تُذكر.
Full support to our friend journalist and Sovereigntist Rami Naim attacked by the illegal weapons pic.twitter.com/OM5LHXjva2
— ܬܐܘܕܪܘܣ ܒܪܝܘܠܝܘܣ ܐܠܟܣܢܕܪ Amine Bar-Julius Iskandar (@Amineiskandar2) June 18, 2024
وفي خطابه على قناة سورويو، طرح نعيم رؤية جذرية لمستقبل لبنان: شرق أوسط جديد “نعيش فيه بسلام، من دون حروب أو صراعات طائفية”، لا يمكن تحقيقه إلا إذا تم تفكيك نظام “الولاية” في طهران. وأكد أنه لا يؤيد العنف، لكنه لم يستبعد ضربات إسرائيلية إضافية ضد أهداف إيرانية، مشيرًا إلى أن إسرائيل سبق أن اغتالت علماء نوويين إيرانيين دون أن تشعل حربًا شاملة. وقال: “إذا أرادت إيران التفاوض، فعليها أولًا أن تصفّر تخصيب اليورانيوم”، متوقعًا أن يرفض خامنئي أي عرض حقيقي بالاستسلام.
وفي مقابلة منفصلة مع منصة “البديلة“، أعلن نعيم أن “خامنئي انتهى”، وتوقع أن القاعدة الشعبية الشيعية في لبنان — التي طالما كانت خزان دعم لطهران — ستثور قريبًا عندما يُترك قادتها المحليون، لا رعاتهم الأجانب، لمواجهة مسؤولية الانهيار. ودعا الشخصيات السياسية اللبنانية، لا سيما قيادة حزب الله، إلى “الاعتزال السياسي” أو “الترحيل إلى إيران أو النجف”، معتبرًا أن القاعدة الشعبية المتبقية للحزب يمكن أن تساهم في إعادة بناء البلاد إذا تحررت من قيادتها الحالية.
ورغم تصريحاته النارية، أثنى نعيم على ما وصفه بـ “خطوات إيجابية” اتخذها حزب الله، بما في ذلك قراره الأخير — استجابةً لتوجيه مباشر من الرئيس السرياني–الماروني ميشال عون — بعدم التدخل علنًا في الصراع الأوسع بين إيران وإسرائيل. وقال: “هذا يدل على أن حزب الله لم يعد تابعًا دينيًا لخامنئي”، ممدًا غصن زيتون لأعضاء الحزب العاديين الذين وصفهم بأنهم “لبنانيون مثلنا، يجب أن نعيدهم إلى حضن الوطن”.
إن مسيرة رامي نعيم — من إعلامي صدامي إلى ضحية عنف في وضح النهار — تسلط الضوء على تقلص مساحة الصحافة الحرة في لبنان، وعلى حدة الصراعات الإقليمية التي تتجلى في شوارعه. دعواته لإنهاء النظام الثوري الإيراني وإعادة تصور وحدة لبنانية علمانية باتت تلقى صدى واسعًا وسط تصاعد الإحباط من تدهور البلاد. ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستصمد رؤيته في وجه التهديدات المتزايدة؟ لكن المؤكد أن شجاعته في مواجهة اثنين من أقوى اللاعبين في المنطقة جعلت منه أحد أبرز المعارضين في لبنان اليوم.
لبنان بين الدفاع عن ايران أو صف الحياد
بيروت – في ظل الحرب القائمة بين إيران واسرائيل وتخوف العالم من نتائجها، أصدر الامين …