‫‫‫‏‫5 ساعات مضت‬

دير الزعفران يُمنح العضوية الشرفية في مسار “إيتر فيتيس” الثقافي التابع لمجلس أوروبا

ميردي (ماردين)، بيت نهرين — مُنِح دير الزعفران التابع للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والمعروف بالسريانية باسم “ديرو دزَعفران”، وهو أحد أقدم الأديرة في العالم، العضوية الشرفية في مسار “إيتر فيتيس” (Iter Vitis) الثقافي التابع لمجلس أوروبا.

 ويحتفي هذا التكريم بإسهامات الدير العريقة في مجالات الثقافة والدين والزراعة على مر القرون، ويُعد أول اعتراف من نوعه يُمنح لدير سرياني أرثوذكسي في شمال بلاد ما بين النهرين (بيث نهرين).

 يُعد مسار “إيتر فيتيس” (Iter Vitis) أحد المسارات الثقافية التابعة لمجلس أوروبا، ويهدف إلى الترويج لتراث أوروبا في صناعة النبيذ والحفاظ عليه. ويضم هذا المسار شبكة من الطرق والتجارب التي تستعرض تاريخ وثقافة ومناظر إنتاج النبيذ، وتربط بين مختلف مناطق زراعة النبيذ في أوروبا. كما يسعى المسار إلى إبراز العلاقة بين الطبيعة والعمل البشري في تشكيل مناظر كروم العنب، ونقل المعرفة الأثرية والتاريخية والاجتماعية والثقافية إلى الزوّار.

 وقد جاءت ترشيحات هذا التكريم بدعم من وزارة الثقافة التركية ووكالة ترويج وتطوير السياحة في تركيا، في إشارة إلى تزايد الاعتراف بالتنوّع الثقافي في المنطقة. وفي بيانها، وصفت منظمة  “إيتر فيتيس” (Iter Vitis) الدير بأنه رمز لـ”التراث والذاكرة والروايات الإنسانية المشتركة التي تتجاوز حدود العصر الحديث”. كما اعتبرت المجتمعات الرهبانية مثل دير الزعفران حُماةً للحوار بين الثقافات، والتراث اللامادي، والممارسات الزراعية التقليدية، لا سيما زراعة الكروم. 



الأهمية التاريخية لدير الزعفران 

يقع دير الزعفران بالقرب من مدينة مردين (ماردين) التركية، في منطقة طور عبدين التاريخية، ويعود تأسيسه إلى القرن الرابع الميلادي عندما كان في بداياته كنيسة صغيرة. وفي عام 505 ميلادي، تطوّر إلى مجمّع رهباني متكامل، وأصبح مركزًا دينيًا وثقافيًا هامًا. وعلى مدى قرون، كان الدير مقرًّا للبطريركية السريانية الأرثوذكسية، وهو الدور الذي استمرّ به حتى عام 1932. 

 ويُعد الدير رمزًا خالدًا لصمود الطائفة المسيحية السريانية وتفانيها. فقد شهدت جدرانه العتيقة مرور أجيال لا تُحصى، وظلّ منارة روحية لقرون، مما يوفر لمحة نادرة عن التاريخ الغني والتواصل الثقافي المستمر للمنطقة. 

 أرض ذات تقاليد زراعية عريقة 

تُعرف المناطق المحيطة بالدير، بما في ذلك منطقتي طور عبدين وطور إزلو، بتاريخها الزراعي العريق، وخاصة في مجال زراعة العنب وإنتاج النبيذ، وهو تقليد يعود إلى آلاف السنين. وتُشير النصوص التاريخية، ومنها سفر حزقيال(Book of Ezekiel)، إلى جودة النبيذ الفائقة التي كانت تُنتَج في منطقة طور إزلو والتي كانت مطلوبة بشدة في العصور القديمة. 

 وقد لعب الدير دورًا محوريًا في الحفاظ على هذه التقاليد. ووفقًا لمنظمة “إيتر فيتيس” (Iter Vitis)، فإن كروم العنب المرتفعة التابعة لدير الزعفران، المزروعة على تربة غنية بالحجر الجيري، تحتضن أصنافًا محلية فريدة من العنب. ويُحصد هذا العنب بعناية لإنتاج نبيذ يُستخدم في الطقوس الدينية المقدسة، مثل الاحتفال بالإفخارستيا (القربان المقدس)، والمعمودية، وغيرها من المناسبات الطقسية. كما يزرع الدير أشجار الزيتون لإنتاج الزيت المستخدم في طقوس البركة والدفن والطقوس الأخرى. وتسهم هذه الممارسات في الحفاظ على تقاليد الدير، كما تُبقي الصلة حيّة بالتراث الثقافي والروحي العريق للمنطقة.



 الاعتراف الثقافي والعالمي 

يُبرز تكريم “إيتر فيتيس” (Iter Vitis) أهمية دير الزعفران بوصفه معلمًا ثقافيًا وروحيًا وزراعيًا، كما يسلّط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المجتمعات الرهبانية في تعزيز الحوار بين الحضارات والحفاظ على القيم الإنسانية المشتركة عبر الأجيال. وأكّدت المنظمة في بيانها أن إدراج دير الزعفران على قائمتها يُجسّد “القيم العالمية للتراث والذاكرة”، ويُعزز أهمية حماية هذه المواقع بوصفها جسورًا تربط بين الماضي والحاضر. 

 ويُعد هذا الإدراج الشرفي محطة فارقة في الجهود المستمرة للاحتفاء بالتراث الثقافي المتنوع في بيث نهرين. إذ يظل دير الزعفران شاهدًا حيًّا على مساهمات الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والمجتمع المسيحي الأوسع في تشكيل هوية المنطقة. 

 وبصفته أول دير سرياني أرثوذكسي يحظى بهذا التقدير، يُمثل دير الزعفران رمزًا قويًا للصمود والاستمرارية وروح الانسجام بين الثقافات. ويؤكّد إدراجه ضمن المسار الثقافي لمجلس أوروبا مكانته ككنز لا يُقدَّر بثمن من كنوز الحضارة الإنسانية. 


‫شاهد أيضًا‬

ولاية إلينوي تدرج مجازر السيفو ضمن المنهاج الدراسي

سبرينغفيلد، الولايات المتحدة الأمريكية – وفي بيان صادر عن دائرة التعليم في ولاية إلي…