مسيحيو دارمسوق يشيّعون شهداء تفجير الكنيسة في جنازة مؤثرة: «لا نخاف الموت»
دارمسوق (دمشق) — تحت سماء مثقلة بالحزن، اجتمع المئات من المشيّعين في حي القصّاع بدارمسوق (دمشق) يوم الثلاثاء لتوديع ضحايا التفجير الانتحاري المروّع الذي استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس يوم الأحد، وأدى إلى استشهاد 28 شخصاً. تحوّلت مراسم الجنازة، المليئة بالحزن والصمود، إلى لحظة حزن جماعي وإعلان قوي للإيمان والانتماء.
ترأس الخدمة الجنائزية بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، الذي وقف أمام المذبح في صلاةٍ خاشعة، تحيط به عائلات ثكلى ورجال دين ومواطنون اكتظت بهم الكنيسة لتكريم أرواح الرجال والنساء والأطفال الذين اجتمعوا بسلام، فاختطفت أرواحهم بعملٍ إرهابي جبان.
وحضر الجنازة عدد من كبار رجال الدين، من بينهم المطران أوكين نعمت الخوري، وسكرتير بطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس أفرام الثاني، والمطران مار أندراوس بحّي، النائب البطريركي لشؤون الشباب والتنشئة المسيحية، إلى جانب العشرات من الكهنة والزعماء الروحيين. ساد المكان مزيج من الحزن والقوة، فيما أُضيئت الشموع فوق النعوش المغطاة بالبياض، وارتفع البخور مع التراتيل القديمة.
وفي عظته، توجّه البطريرك يوحنا العاشر بكلمة مباشرة إلى الرئيس أحمد الشرع، داعياً الحكومة إلى تكثيف جهودها لحماية جميع السوريين، وخاصة الأقليات الدينية المعرّضة للخطر. وقال: «المسيحيون جزء أصيل لا يتجزأ من الشعب السوري. لقد مدّدنا أيدينا إلى الدولة، ولكن الدولة لم تمدّ يدها إلينا بعد».
وقد حُذفت هذه الكلمات المؤثرة والصريحة من البث التلفزيوني الرسمي، إلا أن الحضور في الكنيسة تفاعلوا معها بقوة. ارتفعت موجة من المشاعر وسط الحاضرين، وانطلقت الهتافات:
«ارفع صوتك، يا بطريركنا! المسيحي لا يخاف الموت!»
«طوبى للموت على خشبة صليبنا!»
دوت هذه الهتافات المليئة بالتحدي في أرجاء الكنيسة، شاهدةً على روح مجتمع يرفض أن يُكسر، رغم ما يتحمّله من آلام في صمت.
وفي لحظة أبكت الكثيرين، تحدّث البطريرك عن اتصال هاتفي تلقّاه من الرئيس عقب التفجير، وقال: «لقد قدّرنا هذه اللفتة، ولكن يا سيادة الرئيس، الاتصال الهاتفي لا يكفي».
بعد انتهاء الصلاة، حُملت النعوش إلى ساحة كنيسة الصليب المقدس، على وقع التراتيل الحزينة التي عزفتها فرق الكشافة، وزغاريد النساء التي عبّرت عن مزيج من الألم والفخر. وتوجّه موكب التشييع نحو مقبرة السريان في حي الطبالة، حيث وُوري الشهداء الثرى وسط جمع غفير من المشيّعين.
وعندما أُلقيت التربة الأخيرة على نعوش الشهداء؛ ساد الصمت، ولم يُسمع سوى همسات المصلين وتنهدات الباكين. كان وداعاً مثقلاً بالمحبة، ورثاءً لم يُعبّر عنه بالكلمات فقط، بل بإصرار مجتمع على ألا ينكسر.
وقد خلّف تفجير الأحد — المنسوب على نطاق واسع إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، رغم تبنّي «سرايا أنصار السنّة» له — جرحاً عميقاً في قلب المجتمع المسيحي السوري، لكنه أيضاً أيقظ شعوراً متجدداً بالوحدة والكرامة.
قال أحد المشيّعين بهدوء: «هؤلاء ليسوا ضحايا، إنهم شهداء. وهم جزء منا إلى الأبد».
إبراهيم قس ابراهيم يتحدث عن تفاصيل لقائهم مع مسؤولين في الحكومة السورية
الحسكة، بيت نهرين — في تصريح خاص لوكالة “سيرياك برس”، قال “إبراهيم قس إب…