‫‫‫‏‫7 ساعات مضت‬

من المستفيد من تفجير كنيسة مار إلياس؟

بقلم: بسام إسحق | رئيس المجلس الوطني السرياني في سوريا وعضو المجلس الرئاسي في بعثة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن العاصمة


لم يكن تفجير كنيسة مار إلياس عملاً عشوائيًا، ولا فقط جريمة بحق مصلّين أبرياء. كان التفجير رسالة. رسالة إلى كل مسيحي سوري بقي متمسكًا بوطنه رغم كل شيء. رسالة تقول: “أنتم هدف، لأن رؤيتكم لسوريا هي أنها وطن لكل أبنائه.” ولأن خياركم هو دولة مدنية وشراكة وطنية حقيقية

لكن من كتب هذه الرسالة؟ من المستفيد
من بعث الفوضى، وكسر الثقة، وزرع الخوف؟

أولاً: إيران ومشروعها العابر للحدود
تريد إيران أن تُفشل أي سلطة جديدة في دمشق لا تدور في فلكها. وتعرف تمامًا أن المسيحيين صوت مستقل ووازن، لا يساوم على حريته، ولا يقبل أن يكون تابعًا لأحد. فكلما ضربوا الشعور بالأمان عند المسيحيين، قالوا للعالم: “هذه السلطة لا تحمي أحداً… دعونا نعود لنرعى نظام نحن يحميهم.”

ثانيًا: الجماعات المتشددة ومن يدعمها
هذه الجماعات لا تؤمن بسوريا التعددية. لا تريد مسيحيين، ولا دروز، ولا علويين، ولا حتى مسلمين يرفضون تكفيرهم. هم يريدون دولة شمولية بهوية واحدة، وفكر واحد. والتفجير عندهم ليس فقط وسيلة قتل، بل أداة سياسية لترهيب المجتمع وإرغامه على الصمت أو الرحيل.

ثالثًا: من تبقى من أدوات النظام السابق
هناك من لا يزال يؤمن أن الحكم لا يكون إلا بالقمع، ولا تُدار البلاد إلا بالخوف. هؤلاء لا يهمهم دم الأبرياء، بقدر ما يهمهم أن يقولوا: “انظروا، البديل عنّا هو الفوضى.” يريدون أن يتاجروا بألم المفجوعين ليستعيدوا السلطة، وكأن تاريخهم نقي من الخراب.

رابعًا: أطراف دولية وإقليمية لها مصلحة في أن لا تقوم لسوريا قائمة
كل استقرار يهدد مشاريع الهيمنة. كل دولة تتعافى تُربك حسابات من اعتاد أن يتحكم عبر الحروب والفراغات. وهؤلاء يرون في المسيحيين السوريين صوتًا لا يمكن تدجينه، لذلك يفضلون أن يُكسر هذا الصوت مبكرًا.

لكن علينا أن نكون واضحين أيضًا:
إذا كان الحكم الجديد يعتقد أن قوته اليوم تأتي من الدعم من الخارج فعليه أن يدرك أن هذا الدعم ليس مطلقًا، ولا يحميه من الداخل. الشرعية لا تُمنح من الخارج، بل تُبنى في الداخل. الدعم الدولي قد يؤمّن الغطاء، لكنه لا يمنح الثقة، ولا يصنع الشراكة، ولا يُعالج الجروح المفتوحة في ذاكرة السوريين.

إن لم يشعر السوري المسيحي، والدرزي، والعلوي، والسنّي، أن هذه السلطة تحميه، وتنظر إليه كمواطن كامل، فلن ينفعها في النهاية أي دعم خارجي. لا واشنطن، ولا باريس، ولا الرياض، ولا أنقرة، ولا الدوحة، تستطيع أن تبني دولة مكان من يتغافل عن مسؤولياته.

ختاماً
تفجير مار إلياس لم يستهدف فقط كنيسة. استهدف فكرة الشراكة، واستهدف مكون يبحث عن دولة مواطنة و أمن ومساواة.
حماية المسيحيين ليست ترفًا، بل هي اليوم مقياس لشرعية أي حكم حالي أو قادم واختبار لأي مشروع يدّعي تمثيل سوريا الجديدة.
تفجير كنيسة مار إلياس هو أول امتحان حقيقي للحكم الجديد. فإن عجز عن حماية المسيحيين، يكون قد فشل في اختبار الشرعية. ولا نريده أن يفشل، لأن ثمن هذا الفشل سيدفعه الجميع.


تنويه: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب, و لا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية لموقع SyriacPress أو موقفه اتجاه أي من الأفكار المطروحة.

‫شاهد أيضًا‬

نصيحة مجانية الى الاحبة المسيحيين السوريين

بقلم: جوزيف صليوا | رئيس حزب اتحاد بيث نهرين الوطني في البداية السلام لتلك الأرواح التي زه…