مزارعو وأهالي تل تمر يعانون من نقص مزمن في المياه ومشاكل في الجودة، وفقاً لتقرير REACH الأخير
تل تمر، شمال وشرق سوريا — كشف مسح جديد للوضع الاجتماعي والاقتصادي للمياه (SEWS) في تل تمر، شمال وشرق سوريا، أجري في سبتمبر 2024 (الموسم الجاف) وأبريل 2025 (الموسم الرطب)، عن صورة قاتمة لانعدام الأمن المائي بين المزارعين والأسر على حد سواء. بعد 13 عاماً من النزاع، وتفاقم الجفاف، وتدهور البنية التحتية، يواجه السكان صعوبات مستمرة في الحصول على مياه الري والشرب — حتى خلال مواسم الأمطار.
تراجع منسوب المياه الجوفية
وفقاً للمسح الذي أجرته REACH — وهي مبادرة إنسانية توفر بيانات وتحليلات مفصلة في حالات الأزمات والكوارث والنزوح — أبلغ جميع المزارعين تقريباً عن عوائق تحول دون حصولهم على المياه. في الموسم الجاف، ذكر 93% من المزارعين أن ارتفاع تكلفة الوقود والكهرباء لتشغيل المضخات هو العائق الرئيسي. وفي الموسم الرطب، ارتفعت هذه النسبة إلى 100%، مع إشارة 89% إلى نقص الأمطار وموجات الجفاف. على مدى العقدين الماضيين، لاحظ 82% من المزارعين انخفاضاً في منسوب المياه الجوفية، بينما أبلغ 28% عن زيادة ملوحة المياه أو الترسبات — مما دفع ثلث المزارعين تقريباً إلى التخلي عن زراعة محاصيل معينة تماماً.
تغير التوقعات حول كفاية المياه
على خلاف التوقعات، تراجعت ثقة المزارعين بتوفر المياه رغم هطول الأمطار. ففي سبتمبر 2024، أفاد 57% من المزارعين بأن إمدادات المياه كانت ‘كافية في الغالب’ أو ‘كافية تمامًا’. إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى 24% فقط بحلول أبريل 2025، في حين رأى 69% أن الإمدادات ‘غير كافية في الغالب’. وقد أبلغ مزارعو القمح، والباذنجان، والطماطم، والشعير، والخيارعن تراجع ملحوظ في وفرة المياه، ما يشير إلى أن الشعور بالنقص لم يكن ناتجًا عن احتياجات المحاصيل المختلفة، بل عن خيبة الأمل من الاعتماد على الأمطار التي جاءت كميتها دون التوقعات.
انعدام الأمن المائي المنزلي: أزمة على مدار العام
لا تقتصر مشاكل المياه على الأراضي الزراعية. فقد عانى 98% من الأسر خلال الموسم الرطب و93% خلال الموسم الجاف من صعوبات في الحصول على مياه شرب كافية. باستخدام مقياس تجارب انعدام الأمن المائي المنزلي (HWISE)، وجد الباحثون أن 55% من الأسر شعرت بعدم الأمان المائي خلال الموسم الرطب، مقارنة بـ 42% في الموسم الجاف. وصف الأهالي اضطراب الروتين اليومي، وعدم القدرة على الالتزام بالنظافة، وزيادة التوتر، مما يشير إلى فشل نظامي في شبكة التوزيع المحلية وليس فقط ندرة موسمية.
استراتيجيات التكيف وإمكاناتها المحدودة
في مواجهة النقص، اتخذ 83% من المزارعين في الموسم الجاف و87% في الموسم الرطب إجراءات لتوفير المياه. في الأشهر الأكثر جفافاً، اضطر 40% إلى التخلي عن أراضيهم تماماً، بينما في الموسم الرطب، قلص أكثر من النصف كميات الري، وضبط ثلث المزارعين توقيت الري لتقليل التبخر. كما أدت مشاكل الجودة إلى إجراءات أخرى: استخدم 54% من المزارعين الأسمدة لتعويض الملوحة العالية، بينما تحول 21% إلى محاصيل أكثر تحملاً — وهي إجراءات تزيد التكاليف ولا توقف استنزاف المياه الجوفية.
الطاقة والبنية التحتية والقدرة المالية
عند سؤالهم عن الحلول، أشار غالبية المزارعين إلى الحاجة إلى وقود وكهرباء أرخص للمضخات (47%) واعتماد الطاقة المتجددة (52%)، إلى جانب تحسين البنية التحتية للمياه (59% في الموسم الرطب). ومع ذلك، اعترف 95-98% بأنهم يفتقرون إلى القدرة المالية لتنفيذ هذه الحلول، مما يسلط الضوء على الفجوة بين الحلول التقنية والواقع الاقتصادي.
نظرة مستقبلية: الحاجة إلى إدارة متكاملة
يحذر تحليل REACH من أن توفير طاقة مدعومة دون إدارة مستدامة للمياه قد يُسرع استنزاف المياه الجوفية. ويقول خبير في سياسات المياه: “المضخات التي تعمل بالطاقة المتجددة دون إعادة تأهيل الخزانات الجوفية وتحسين التوزيع قد تفاقم الأزمة.” يؤكد المسح على الحاجة الملحة لاستثمارات مدعومة من المانحين تجمع بين طاقة ميسورة التكلفة، وتحديث البنية التحتية، وإدارة مجتمعية للمياه الجوفية لضمان مستقبل مائي آمن لتل تمر.
السويداء… مدينة محاصرة بين الموت والدواء المفقود
السويداء، سوريا – منذ الثالث عشر من تموز الماضي تعيش محافظة السويداء في عزلة تامة عن بقية …