ريتشارد غزال: الولايات المتحدة يمكنها منع اختفاء التراث الثقافي والمسيحي الذي يعود تاريخه إلى 2000 عام في سوريا

واشنطن العاصمة — حذّر ريتشارد غزال، المدير التنفيذي لمنظمة الدفاع عن المسيحيين (IDC)، في مقال رأي نشرته صحيفة “ذا هيل“(The Hill)، من العاصفة القادمة التي تهدد مسيحيي سوريا. فقد تجمّعت سحب مظلمة بالفعل فوق دارمسوق (دمشق) بعد التفجير الانتحاري الدامي الذي استهدف كنيسة مار إلياس الأرثوذكسية (الروم) في 22 يونيو الماضي. المستقبل قاتم، ولذلك يحث غزال الحكومة الأمريكية على التحرك بقوة من خلال نفوذها الدبلوماسي كقوة عالمية، وممارسة الضغط على الحكام الحاليين لسوريا “لمحاكمة الجناة وتنفيذ إجراءات أمنية صارمة لحماية المجتمعات المسيحية في البلاد.”   

 يتبنى غزال نهجاً متوازناً، مدركاً لمخاطر الانسحاب الدبلوماسي الأمريكي، والذي قد يُحدث فراغاً يمكن أن يُطلق العنان لقوى متطرفة آخرى، مع كل المخاطر التي ينطوي عليها ذلك على السكان المسيحيين. ما يمكن للولايات المتحدة فعله هو استخدام كل ثقلها الدبلوماسي والاقتصادي لدفع الحكومة السورية إلى “حماية حقوق الأقليات، والحرية الدينية، وترسيخ ضمانات دستورية.”   

 يبدو أن إدارة ترامب تتفق مع غزال في هذا الصدد، حيث تم بالفعل اتخاذ خطوات ملموسة لرفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. فقد التقى ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض الشهر الماضي، وقامت وزارة الخارجية أمس فقط بإزالة تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” عن هيئة تحرير الشام، الميليشيا الإسلامية التي حلها الشرع.   

 يطرح غزال نهجاً متوازناً يجمع بين الالتزام الأخلاقي والمصلحة الاستراتيجية. ويقول إن الولايات المتحدة يمكنها الضغط على الحكومة السورية لتوفير حماية أمنية قوية للكنائس والأديرة ورجال الدين والأحياء المسيحية، وضمان حقوق الأقليات في الدستور، والحفاظ على تراثهم الثقافي واستعادته. كما يمكن للحكومة الأمريكية تقديم مساعدات لمنظمات غير حكومية ومؤسسات دينية مختارة، وتمويل إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة بشدة في البلاد.   

 كانت مملكة أوسروين السريانية أول كيان سياسي في العالم يعلن المسيحية ديناً للدولة. إذا لم تتحرك الولايات المتحدة بقوة، فقد تؤدي السحب المظلمة إلى عاصفة عنيفة تهدد الوجود المسيحية في سوريا. وهذا يعني نهاية تراث روحي وثقافي يعود تاريخه إلى 2000 عام.